الاثنين، 26 سبتمبر 2011

استمرار سياسة جس النبض الصهيونية



منذ قيامه في عام 1948 ثم احتلال كامل فلسطين في عام 1967, نوّع  الكيان السرطاني الصهيوني  من اساليب مهاجمة الانسان الفلسطيني و تهجيره. و بعد احتلال فلسطين بالكامل, ركزت قوات الاحتلال على الانسان المقدسيّ من اجل تهجيره و تفريغ القدس من سكانها و بالتالي الوصول الى تهويد القدس و هدم المسجد الاقصى و اقامة هيكلهم المزعوم على انقاضه.


و لجبنهم و خوفهم دائماً من ردة فعل الفلسطينيين, العرب و المسلمين لجأت سلطات الاحتلال الى انتهاج سياسة جس النبض عند الاقدام على القيام بخطوات تتوقع ان تكون لها تبعات كبيرة على ارض الواقع, و بناءاً على ردة الفعل تتصرف. و للاسف ان في 99% من الحالات يتحول جس النبض الى سياسة امر واقع تفرض على الارض جراء ردات الفعل الهزيلة, ان وجدت, من قبلنا. مما حول هذه السياسة الى سياسة ناجحة اتخذتها السلطات الاسرائيلية في القدس منهج اصيل, فقبيل الاقدام على تصرف كبير, تقوم بإرسال بالون اختبار و كما قلنا, ينجح غالباً دون ردة فعل كبيرة و من ثم تفرض الامر بالقوة ليصبح امر واقع.


شهدنا هذا بشكل واضح فيما يتعلق بالمسجد الاقصى, فمثلاً قرار دخول المستوطنين لم يأت مرة واحدة, و انما تم القيام بعملية جس نبض متكررة عن طريق ادخال جماعات بسيطة ضمن السياح بأعداد قليلة. لقي هذا ردة فعل كبيرة في الداخل الفلسطيني, و المقدسيّين و الشعب الفلسطيني, و لكن عندما شاهدت قوات الاحتلال ان الامر لم يأخذ صدى في اروقة ساسة و قادة الدول العربية و الاسلامية و لم تتحرك الشعوب الاسلامية و العربية بوضوح لوقف هذا التدنيس الصارخ, اخذت ترسل جماعات اكبر تصل الى مئات في بعض الاحيان الى المسجد الاقصى و بمرافقة قوات الجيش المحتل لتوفير الحماية. و في هذا المثال نشاهد كيف ان ضعف ردة الفعل كان محفز رئيسي لتحويل خطوة جس النبض الى امر واقع. و الامثلة على هذا كثيرة و اكثر من ان نفصلها في هذا المقال.


و اليوم, اطلقت سلطات الاحتلال بالون اختبار جديد و قامت بخطوة جس نبض جديدة تمثلت في اختطاف النائب المقدسيّ احمد عطون من مقر الصليب الاحمر. و هذه الجريمة تهدف الى كسر صمود نواب القدس المعتصمون في مقر الصليب الاحمر منذ 2/7/2010 رافضين قرار سلطات الاحتلال بإبعادهم عن القدس. ان وجود هؤلاء النواب في القدس اصبح رمز صمود لدى كل المقدسيّين, حيث ان زياراتهم لهم اصبحت يومية, منتظمة, يؤازرونهم و يستمدون منهم قوة الصمود و الثبات في الارض, و هذا ما لا تريده سلطات الاحتلال بشكل قطعي, فهدفهم الاساسي تهجير الانسان المقدسي و تفريغ القدس من سكانها. اضافة الى ذلك, شكل مقر الصليب الاحمر مزار للمؤسسات الدولية و الشخصيات السياسية العالمية من سفراء و وزراء سابقين, مما سلّط الضوء بشكل اكبر حول اجراءات الاحتلال في القدس.


من هنا كان كسر بؤرة الصمود هذه هدف اساسي لدى سلطات الاحتلال, و هم يعرفون ان الدخول بقوات جيش في وضح النهار سيؤجج الاوضاع و سيفتح عليهم ابواب الجحيم, و بالتالي لجؤوا الى استخدام قوات المستعربين من أجل خطف النائب احمد عطون, موجهين رسالة قوية للبقية المتواجدة في مقر الصليب الاحمر, اننا قادرون على خطفكم و سيأتي عليكم الدور. و من اجل جس نبض الشارع العربي و الاسلامي و اختبار رد فعل السلطة الفلسطينية و الدول العربية و الاسلامية تجاه هذه الخطوة, حتى يقيموا نتائج هذه الخطوة و معرفة اذا ما كانت الظروف مناسبة من اجل تنفيذ نفس العملية مع الصامدين في مقر الصليب الاحمر الواقع في حي الشيخ جراح. اضافة الى ذلك, فإن سلطات الاحتلال ترغب في معرفة مدى تحفز هذه الجهات و وعيها بما يحدث بالقدس, حتى يحددوا مقدار التدنيس و الانتهاك الذي سيستطيعون تنفيذه خلال الايام القادمة التي تشهد عدد من اعيادهم الدينية.


من هنا نحن اما مسؤولية كبيرة من أجل توجيه ضربة قوية لقوات الاحتلال و الوقوف بشكل مسؤول و واضح ازاء هذه الخطوة حتى نغلق الباب عليها و نحول دون تطبيق مخططاتها في الايام القادمة. ان خطف النائب ابي جهاد ليس خطف لانسان عادي و انما خطف لرمز مقدسيّ و الهدف منه يتمثل في كسر هذا الصمود, و عليه يجب علينا ان نتحرك بوضوح في جميع الصعد ابتداءاً من الشعوب و انتهاءاً بالمؤسسات الاهلية العالمية, مروراً بالدول و الحكومات. فعلى صعيد الشعوب, يجب علينا ان ننظم المسيرات الحاشدة المتضامنة مع النائب عطون و المتوعدة لقوات الاحتلال, حتى نبرهن ان القدس ليست مفصولة او معزولة عن عمقها العربي و الاسلامي. كما يجب طرح الموضوع عن طريق المؤسسات العالمية و استغلال تواجد الصليب الاحمر طرفاً في الحادثة. ثالثاً, يجب ان يتم التحرك بشكل سريع و بقوة اولاً من قبل السلطة الفلسطينية, و ثانياً من قبل الدول العربية و الاسلامية.


لم يعد السكوت خياراً بعد الان, فنحن نصل الى ذروة التصعيد الصهيوني في القدس و الذي يستهدف الانسان المقدسي بشكل رئيسي, من الاطفال و حتى الشيوخ, مروراً برموز القدس الفكرية, السياسية و النضالية. و علينا جميعاً ان لا ننسى اننا امام قرار للمحكمة الاسرائيلية قد يقر هدم جزء من حي البستان الواقع في سلوان و مع اقتراب الاعياد اليهودية و توقع حدوث اعمال تدنيس .. اصبح التحرك الان, اليوم قبل الغد, واجباً علينا جميعاً لانه سيحول دون تطبيق قوات الاحتلال لجزء كبير من مخططاتها. لم يعد مقبولاً السكوت ازاء سياسة جس النبض, و ان كانت هذه السياسة اعطت نتائج ايجابية للعدو في المرات الماضية, فاليوم يجب ان نعطيه نتائج سلبية تجعله يتراجع عن مخططاته التهويدية.


ان الوقوف الى جانب النائب احمد عطون .. وقوف الى جانب كل المقدسيّين .. وقوف الى جانب المسجد الاقصى ... وقوف الى جانب القدس الشريف .. آن ان نقف كالجبال نحمي اهلنا و نذود عنهم .. فبتحرير النائب احمد عطون و ابقائه في القدس .. نحمي الاقصى و القدس و المقدسيّين ... و الحامي هو الله عز و جل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق