الأربعاء، 14 سبتمبر 2011

البروتستانتينية الصهيونية ... خطر محدق بالقدس



منذ وعد بلفور المشؤوم عام 1917, بدأ العالم العربي يلتفت الى التماهي الكبير بين اليهود الصهاينة و الدول الاوروبية في المواقف و تجلّى ذلك في افعال الانتداب البريطاني و مساعدته للصهاينة اليهود و تسهيل زحفهم نحو فلسطين و استيطانهم فيها. و مع مرور كل هذه السنين يتسآل الانسان الفلسطيني و العربي عن السبب الكامن وراء دعم الدول الغربية لاسرائيل بشكل سافر رغم كل الاختراقات التي تقوم بها .. و الكثير ارجأ ذلك الى سيطرة اليهود على اقتصادات هذه الدول و تحكمهم في سياساتها و خصوصاً الولايات المتحدة الامريكية. نعم هذا صحيح و هو جزء من الحقيقة .. و لكن هناك اسباب اعمق و اكثر اهمية تتسبب في هذا الدعم.


منذ قيام الحملات الصليبية على القدس و بلاد الشام, أدخلت البروتستانتينية ابعاد جديدة في العقيدة النصرانية حورت من نظرة الاتباع البروتستانتينيين الى القدس و قضيتها بشكل كامل حتى يومنا هذا. فقد ادخلت   البروتستانتينية الى صميم العقيدة ثلاثة مباديء اسطورية, تسببت في دمج البعد اليهودي في البعد النصراني بالنظر الى قضية القدس. و هذه الاساطير تتمثل بالاتي: أولاً, أن اليهود هم ابناء الله و شعبه المختار. ثانياً, أن هناك ميثاق الهي يربط اليهود بالارض المقدسة في فلسطين. ثالثاً, ربط الايمان المسيحي بعودة الميسيح بقيام دولة صهيون.

هذه المباديء و الاساطير الثلاثة غيّرت نظرت و تعاطي النصارى البروتستانت مع قضية القدس منذ زمن بعيد و قد انعكس ذلك على كل الحملات التي استهدفت المنطقة من اجل غزوها و احتلالها. فعندما وصل نابليون بونبارت الى اسوار عكا, نادى اليهود, الذين ساندوه من اجل اقامة امبراطوريته, قائلاً :" يا ورثة فلسطين! ان الامة الفرنسية تدعوكم الى ارثكم, بضمانها و تأييدها ضد كل الدخلاء ". نعم منذ ذلك الوقت نجد ان تعاطي البروتستانت مع القدس كان دائماً في مصلحة اليهود, لان عودتهم الى القدس و قيام دولتهم يعني عودة المسيح بحسب زعمهم.

و لم يقتصر هذا الامر على الحملات الفرنسية, فبعد ان خفتت قوة الدولة الفرنسية, حملة الامبراطورية البريطانية مشعل مساندة اليهود و مساعدتهم في العودة الى فلسطين, و الدلائل على ذلك كثيرة و عديدة. ففي عام 1839 قال اللودر الانجليزي انتوني كوبر :" أن اليهود هم الامل في تجدد المسيحية, و عودة المسيح ثانية ". و بعد عام واحد قدّم اللورد الانجليزي شافتسبري برنامج الى مؤتمر لندن بشأن توطين اليهود في فلسطين على قاعدة " ارض بلا شعب لشعب بلا ارض ". و عند احتلاله لمدينة القدس في عام 1917, قال الجنرال اليمبي :" اليوم انتهت الحروب الصليبية ".


و لم تكن الولايات المتحدة الامريكية بمعزل عن هذا الاعتقاد و عن العمل بشكل كبير ليل نهار من اجل اعادة اليهود الى فلسطين و اقامة دولتهم المزعومة. حيث يقول القس والتر ريجانز :"  ان من واجب المسيحيين دعم اسرائيل و سياساتها, بإعتبارها اشارة الهية لرحمة الله و استجابة لارادته, على انها تشكل اشارة توراتية بأن الله منشغل جداً في قضايا هذا العالم ". و في عام  1891 قام القس بلاكتسون بجمع توقيعات 413  شخصية مسيحية و يهودية  على مذكرة تطالب الرئيس الامريكي هاريسون بعقد مؤتمر دولي من اجل اعادة  اليهود الى فلسطين. إن وجود هذا الفكر و تجذره من منطلق عقائدي لدى كبار القساوسة ادى الى انتشاره بشكل كبير في نفوس و عقول عامة الشعب.


و لكن الامر ليس مقتصراً على رجال الدين, بل انه متجذر في نفوس كبار ساسة الولايات المتحدة الامريكية منذ زمن بعيد. فقد اعلن الرئيس الامريكي ويلسون التزام الولايات المتحدة الامريكية بتطبيق وعد بلفوز و قد صادقت امريكا عليه بشكل رسمي في عام 1922. و في خطابه الاول عام 1978,  قال الرئيس الامريكي جيمي كارتر :" ان العودة الى ارض التوراة التي اخرج منها اليهود منذ مئات السنين و ان اقامة الامة الاسرائيلية في ارضها هو تحقيق لنبوءة توراتية, و هي تشكل جوهر هذه النبوءة ". و في عام 1995 صادق الكونجرس الامريكي على قرار اعتبار القدس عاصمة ابدية لاسرائيل, لانها كما يقول القرار " الوطن الروحي  لليهودية ".


مما ذكرناه يتنين لنا ان هناك تلاقي مصالح عقائدية بين اليهود و البروتستانتينية و هذا التلاقي يشكل المحرك الدافع لقوى اوروبا و الولايات المتحدة لدعم اسرائيل و الدفاع عنها و الذهاب حتى اخر جهد ممكن من اجل تثبيت هذه الدولة و اقامة عاصمتهم الابدية في القدس كما يدّعون. و من هنا يجب ان ندرك جيداً اننا لن نحصل شيء من جراء الجري وراء هذه الدول و الاستعانة بهم من اجل تحصيل حقوقنا في القدس و فلسطين. ان الصهيونية البروتستانتينية لا تقل خطورة عن الصهيونية اليهودية, حيث انها في الكثير من الاحيان تكون مبادرة و متحمسة من اجل خدمة هذه الدولة و ترسيخ جذورها لان هذا واجب ديني بحسب عقيدتهم ... فهل يعرف زعماؤنا بهذا الامر ؟؟! و هنا نجد قول الشاعر ينطبق بحذافيره: ان كنت لا تدري فتلك مصيبة ... و ان كنت تدري فالمصيبة اعظم


ان هذه الحقائق تجعلنا نؤمن بشكل كامل ان هذه الدول لن تساعدنا في تحصيل ذرة تراب من ارضنا .. بل انهم يحاربوننا و يتقربون الى الله بمحاربتنا لان هذا اصبح جزء من عقيدتهم. و هنا اسأل العلمانيين من ابناء جلدتنا .. اولا زلتم ترون ان الالتزام بديننا و بناء سياستنا وفقاً لتعاليم الاسلام السمحة امر رجعي ؟؟!! ان هذه الحرب حرب عقائدية بحتة .. و لن نحرر ارضنا الا بالعودة الى اسلامنا الحنيف و الالتزام به و الجهاد في سبيل الله لتحرير المسجد الاقصى و فلسطين كاملة من براثن الصهاينة اليهود و البروتستانت.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق