الاثنين، 5 سبتمبر 2011

بيت المقدس يعاني من أهمال الدول و نسيان الشعوب



مركونة على صفحات لوّنها الزمن بالاصفر و اتخذها الهجر رفيقاً لها ... تراكم على آلامها غبار السنين  .. فأصبحت تأنّ بصمت, حتى لا تزعج اخوتها ... كلما رمقتها الاعين, انصرفت عنها سريعاً الى غيرها و تركتها و اوجاعها .. حائرة تجهل سبب الهجر و لكنها مشتاقة لضم اخوتها و لرؤيتهم يدافعون عنها ... من هي ؟؟!! إنها القدس .. فمن هم ... نعم, انهم العرب و المسلمون.


منذ احتلالها بالكامل, و خصوصاً نصفها الشرقي الذي يضم المسجد الاقصى, عام 1967, اخذت وضعية القدس مكانة كبيرة في قلوب المسلمين و العرب, دولاً و شعوباً. كيف لا و المسجد الاقصى, اولى القبلتين و ثالث الحرمين الشريفين يقع في قبضة اليهود. و وصل الاهتمام ذروته في احداث حرق المسجد الافصى عام 1969, و لكنه اهتمام دون ردة فعل ملموسة. و كلنا سمع بالجملة التي ذكرتها غولدا مائير, رئيسة وزراء الكيان الصهيوني آنذاك في مذكراتها, حيث تقول إن اصعب يوم مر علي في حياتي الشخصية و السياسية كان يوم احراق الاقصى, و اسهل يوم اليوم الذي يليه.


بعد ذلك اخذ هذا الاهتمام يتناقص بشكل تدريجي, حتى معاهدة اوسلو حيث منذ ذلك الوقت, و كأن حملاً ازيل عن صدور العرب و المسلمين, فمنذ ذلك الوقت تنصلوا من مسؤولياتهم تجاه القدس, و وضعوها في اخر اجنداتهم و اهتماماتهم. اما على صعيد الشعوب, فقد اكتفت بالتضامن و التعاطف مع اهل القدس و مع ما يحدث في القدس, دون تحريك ساكن, و كأن هذا المسجد الاقصى لا يعنيهم. في المقابل, يوم بعد يوم يزداد تركيز اليهود الصهاينة على القدس و خصوصاً المسجد الاقصى, و قد اصبحوا يتنافسوا من اجل ايجاد المخططات و الطرق لتدنسيه و استفزاز المسلمين, ناهيك عن العمل المتواصل على الانفاق و المشاريع الكبرى لتهويد المدينة و هدم المسجد الاقصى بهدف بناء هيكلهم المزعوم.


إن قضية القدس و المسجد الاقصى قضية العرب و المسلمين قاطبة و ليست محصورة على أهل القدس, و على الرغم من هذا التجاهل للقضية المقدسية بالتحديد, يواصل أهل فلسطين و المقدسيون بالتحديد جهادهم و صبرهم و ثباتهم امام هجمات التهويد و الاستيطان الشرسة التي يقوم بها الاحتلال. و لعل مؤسسة الاقصى بقيادة شيخ الاقصى الشيخ رائد صلاح عملت جاهدة من خلال المهرجانات و الافلام و المؤتمرات ايقاظ الامة من سباتها و ارجاع القدس كأولوية بالنسبة للمسلمين. و ان كان هناك استيقاظ من بعض الافراد و المؤسسات و لله الحمد, الا ان الاهتمام بالمسجد الاقصى و ما يدور حوله من مؤامرات ما زال دون المستوى المطلوب و فيه تقصير واضح على جميع الصعد.


استغرب حقيقة الصمت القاتل الذي تلجأ اليه الدول العربية و الاسلامية جرّاء ما يحدث يومياُ في القدس و المسجد الاقصى تحديداً. و كأن الحناجر التي تصرح و تتحدث كل يوم عن القضايا الاخرى تصبح خرساء عندما يتعلق الامر بالقدس. و كأن ما يحدث في القدس شيء يحدث في كوكب اخر ... لا يوجد اي تعليق او حتى تنديد لاي حدث يدور في قبلة المسلمين الاولى, لماذا؟؟!! حتى اننا في احيان كثيرة نعتقد اننا نرى تهيؤات لا تحدث على الارض الواقع, لان هذا التجاهل مستحيل ان يكون حقيقي .. و لكنه للاسف امر واقع و حقيقي.


يقول دولة طاهر المصري, ان هناك عشرات الطرق على صعد مختلفة ممكن ان تلجأ اليه الدول العربية و الاسلامية من أجل ايقاف اعتداءات اليهود و قوات الاحتلال على القدس و بيت المقدس .. فلماذا هذا التقاعص؟؟!! إن مسؤولية نصرة الاقصى و الدفاع عنه تعني مواجهة حقيقية مع دولة العدو, فالقدس امر مصيري بالنسبة لاسرائيل, و لذلك نجد تهرب كبير من الجميع من تحمل هذه المسؤولية .. أفهانت عليكم القدس ؟؟!! يجب على كل الدول العربية و الاسلامية ان تحارب ما يحدث في القدس بشتى الوسائل و على صعد مختلفة, سواء الدعم المالي للمقدسيّين و للمؤسسات التي تدافع عن القدس, او من خلال جلب المؤسسات العالمية و الدولية و اطلاعهم على ما يحدث في القدس من تشويه للمعالم و سلب للتراث الانساني و فرض واقع جديد في كل يوم. و اتوجه هنا للسلطة الفلسطينية متسائلاً, اوليس تسيلط الضوء على جرائم الاحتلال في القدس و الانتهاكات التي تحدث في المسجد الاقصى أولى من اللهث وراء سراب الدولة المنقوصة؟؟!! إن تقصير السلطة الفلسطينية تجاه القدس لا يقل عنه عند باقي الدول العربية و الاسلامية و على الجميع ان يتحرك لايقاف هذا العدوان السافر و اليومي.


أما الشعوب, فإن الصمت و تجاهل ما يجري امر لم يعد مقبولاً بعد اليوم .. ففي الوقت الذي يتحمل فيه كل يهودي مسؤولية تحقيق هدفهم المزعوم و يعمل بهمة و دون انتظار طلب من دولتهم على تنفيذ كل ما يقود الى ذلك, نجد اننا نتجاهل القدس و الاقصى بشكل تام, لاقين اللوم على الدول و متناسين ان هذا المسجد وقف اسلامي و بيت من بيوت الله تعالى .. فكيف نتغاضى عما يحدث فيه ؟؟!!
يجب ان يتحرك كل فرد منا من أجل نصرة المقدسيّين و القدس, سواء من خلال تقديم الدعم المالي للمقدسيّين, او من خلال ايجاد مؤسسات خيرية تقوم بالعمل على صعد مختلفة لتسليط الضوء على جرائم الاحتلال في القدس و التصدي لكل اعتداءات قطعان المستوطنين و منعهم من تدنيس المسجد الاقصى.


لا يخفى على الجميع ان انظار اليهود الان تتوجه نحو القدس لهدم المسجد الاقصى و اقامة هيكلهم المزعوم, و هم يدّعون ان هذا هو الوقت المناسب لهذا العمل, و يعملون على ذلك مدعومين من دولة الاحتلال. و يكفي ان نعرف ان هناك اكثر من 23 منظمة ارهابية صهيونية تعمل ليل نهار من اجل بناء هيكلهم المزعوم. و من يقرأ عن مشاريعهم الكبرى, كمشروع زاموش, يدرك حجم الجهد, التخطيط و الدعم المالي الذي يتوفر لهم, فأين نحن من كل ذلك ؟!! يجب علينا ان نتحرك بشكل جدي و فوري من أجل نصرة المسجد الاقصى, شعوباً و دول .. افراد و جماعات .. فوقت الفرجة و الانتظار انتهى .. و الان وقت العمل .. اما الان و الا فسنخسر المسجد الاقصى الى الابد لا سمح الله .. ان الاقصى يناديكم, فلبوا النداء بأفعالكم لا بأقوالكم فقط .. و ليكن يومنا كله نصرة لمسجدنا الاقصى و قدسنا الشريف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق