الثلاثاء، 6 سبتمبر 2011

في القدس, يتحول التعليم من حق بسيط الى عبء ثقيل



مع بداية كل عام دراسي, تعود وضعية التعليم في مدارس القدس الشرقية الى الواجهة, و في كل سنة نجد ان الارقام تتفاقم و الاوضاع تزداد سوءاً و تستمر اللامبالاة و عدم وجود خطوات عملية لتحسين هذه الاوضاع.  و بالحديث عن الارقام, تشير المحامية نسرين عليان من جمعية حقوق المواطن  في تقرير قدمته عن وضع التعليم في القدس الشرقية, ان هناك نقص حاد في الصفوف المدرسية يصل الى 1000 غرفة صفية, و ان اوضاع المدارس متدني جداً من ناحية الخدمات حيث يتكدس عدد كبير من الطلاب في الصف الواحد, و الذي هو اساساً غير صالح للاستخدام كصف تعليمي.


و تطرح عليان  حقائق خطيرة متعلقة  بالطلاب المنخرطين في الدراسة في القدس الشرقية. فمن اصل 88 ألف طالب و طالبة, 42 ألف طالب و طالبة منهم فقط منخرط في المدارس الحكومية و البالغ عددها 57 مدرسة. في حين ان هناك 4300 طالب و طالبة غير مسجلين في اي مؤسسة تعليمية. و بحسب نفس التقرير, فإن نصف غرف المدارس الحكومية التي تديرها البلدية غير صالح للاستخدام كغرف صفية. كل هذه الظروف السيئة تزيد من نسبة تسرب الطلاب من المدارس و التي بلغت 11%, في حين انها تزداد بشكل خطير في المراحل الثانوية لتصبح 1 الى 2.


و مما يزيد من تفاقم الاوضاع الاسعار المرتفعة جداً للمدارس الخاصة و التي تجعل التحاق الطلاب بها امر صعب للغاية, خصوصاً مع الوضع الاقتصادي المتدني و المتدهور في القدس الشرقية, مما يسبب تخلف عدد كبير من الطلاب عن الالتحاق بالمدارس و الانخراط في التعليم. و من ثم تطفو على السطح ظاهرة امتحان القبول الذي تطلبه هذه المدارس الخاصة و الاهلية حيث تشترط ان يحصل الطالب على اكثر من 80% في هذا الامتحان حتى يتم قبوله. و حتى من يحقق هذا المعدل, يصطدم بحائط الاسعار الخرافية العالية مما يدفع عدد من الاهالي الى الرحيل عن القدس الشرقية من اجل تأمين مدارس لاولادهم بتكاليف قليلة و مقبولة.


و مع كل هذه المصاعب و كل هذا التضييق من قبل سلطات الاحتلال و التي تقدم ميزانيات بسيطة للمدارس في سبيل الحرص على استمرار معاناة المقدسيّين و ايجاد جيل غير متعلم. تطل علينا وزارة المعارف الصهيونية في كل سنة بقانون جديد يهدف الى نشر الفكر الصهيوني, فبالاضافة الى قرار الوزارة ادراج مواضيع الزامية تتحدث عن التاريخ الصهيوني و ابرز رموزه التاريخية, فإن الوزارة ذاتها تسعى الى فرض منهاج التعليم الاسرائيلي و منع تدريس مناهج السلطة الفلسطينية و المناهج الاردنية بهدف تسميم عقول الطلاب و زرع المفاهيم المغلوطة في عقولهم.


إن هذا الوضع التعليمي المتدهور يجعلنا ندق ناقوس الخطر و يحذرنا بأن التعليم في القدس الشرقية في طريقه الى الانهيار بفعل كل العوامل المذكورة. و من اجل الحفاظ على استمرارية التعليم و تخريج اجيال مثقفة متعلمة قادرة على مواجهة مخططات العدو الصهيوني لا بد من وقفة جادة عملية لتحسين الاوضاع. بداية, يجب على السلطة الفلسطينية التفاعل بشكل اكبر مع الصعوبات التي يواجهها التعليم, من خلال تخصيص الميزانيات التعليمية و تقديم الكوادر المهنية عالية المستوى. كما انه يجب سن قوانين واضحة للتعامل مع المدارس الخاصة و ظاهرة الرسوم العالية و الباهظة. ثانياً, يجب على المؤسسات الاهلية سواء المقدسية او الموجودة في الـ 48 تقديم المساعدات العينية و المعنوية, اضافة الى القيام بحملات ترميم و توسيع للمدارس في القدس الشرقية من اجل ايجاد بيئة تعليمية مناسبة. ثالثاً, يجب على الدول العربية و الاسلامية شعوباً و حكومات المساهمة بشكل فعال في تحسين الوضع التعليمي, سواء من خلال الاموال و الدعم العيني او من خلال الوقوف في وجه مخططات العدو الصهيوني التي تسعى الى تسميم عقول اطفالنا المقدسيّين.


إن توفير التعليم في بيئة مناسبة لهو احد ابسط الحقوق التي يجب ان يتمتع بها الانسان, الا ان التعليم يتحول من حق بسيط الى عبء ثقيل على كاهل المقدسيّين .. و يجب علينا العمل بشكل مكثف على ضمان تمتع اهلنا في القدس بهذا الحق .. و بظروف مناسبة تضمن توفر التعليم السليم الذي يحمل قيمنا و مبادئنا و الخالي من شوائب الاحتلال و افكاره المسمومة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق