الاثنين، 12 سبتمبر 2011

لماذا نحارب تهويد القدس بدلاً من محاربة الاحتلال



في كل مرة نرى فيها الاحتلال الصهيوني يتباهى بعمل تهويدي جديد في المسجد الاقصى او القدس الشريف, يطفو على السطح من جديد النقاش القديم الجديد ... لماذا نحاول محاربة التهويد, بدلاً من محاربة الاحتلال نفسه؟؟!! و يبدأ كل طرف في سرد حججه المنطقية الى حد كبير, و لكن السؤال الذي يطرح نفسه .. أوليست محاربة التهويد, هي جزء من محاربة الاحتلال نفسه ؟؟!!!


يكاد لا يوجد انسان مسلم على وجه البسيطة لا يرغب في محاربة اليهود و طردهم من فلسطين و الصلاة في المسجد الاقصى, و لكن التاريخ علّمنا ان للنصر سنن و اسباب يجب ان يؤخذ بها حتى يتحقق الفتح. و لعل ارض فلسطين و القدس بتاريخها الكبير الممتد لالاف السنين يحمل في طياته عديد الاحداث التي تؤكد ان النصر و التحرير لا يأتي صدفة و انما بعمل و بظروف اساسية مساعدة تقود الى تحرير الارض و الانسان من كيد المعتديّن. و ما ادل على هذا الكلام من تحرير القدس على يد الناصر صلاح الدين و الاحداث التي سبقت و تخللت هذا الفتح المبارك.


و لا يحتاج الشخص منا لامعان النظر بشكل كبير حتى يعرف ان اسباب الفتح لم تتح بعد, على الرغم من ان رياح التغيير قادمة بقوة لتغيير هذه الظروف و تحويلها للبيئة المناسبة و التربة الخصبة التي يولد من رحمها التحرير بإذن الله. و لكن و حتى ذلك الوقت, هل نترك العدو يعيث فساداً في فلسطين و يهود القدس و يهدم المسجد الاقصى ؟؟!! اويعقل ان نترك ثالث الحرمين الشرفين و قبلة المسلمين الاولى لليهود يدنسونها و يقيمون فيها هيكلهم المزعوم دون ان نحرك ساكناً ؟؟!!


ان المتابع لاحداث القدس اليومية يجد ان المقدسيّين و صمودهم يقف عائقاً كبيراً امام خطط اليهود الصهاينة في تهويد القدس و يحمي المسجد الاقصى بشكل او بآخر. و هذا يجعلنا نتمسك في لزوم الصمود و الوقوف في وجه مخططات التهويد بكل ما لدينا من قوة دفاعاً عن ارضنا و مقدساتنا, فالمسلم لا يسلّم ارضه قبل ان يموت دونها و يرويها بدمه مدافعاً عنها باذلاً في سبيل حمايتها الغالي و النفيس .. فكيف اذا كانت هذه الارض المباركة تحمل على ثراها المسجد الاقصى المبارك و في بطنها دفن عدد كبيرة من الصحابة و علماء الامة الذين عرفوا قدر هذه الارض و صانوها بالدم و المال.


و ان كان الصليبيون رفعوا الصليب فوق قبة الصخرة او حولوا المسجد القبلي الى اسطبل لخيولهم دون ان يتمكن المسلمون من صدهم من الداخل و بقي الحال كذلك حتى حررها صلاح الدين, فإن الامر يختلف في هذه الايام بشكل ايجابي و لمصلحتنا. فأهل القدس و فلسطين قاطبة يعملون بشكل يومي في سبيل وقف اي تصرف او تحرك يسعى للمساس بالمسجد الاقصى و قد تمكنوا في عدد من المناسبات من إفشال مخططات صهيونية طامعة في وضع قدم لها في المسجد الاقصى. و لا أدل على ذلك مما قام به أهل القدس و فلسطين من إعمار للمسجد المرواني و افتتاح له بشكل سريع حيث بذلك قاموا بإفشال مشروع صهيوني كان يهدف لتحويل المصلى المرواني الى كنيس للصهاينة و المستوطنين. 


إن جينات الصبر و الصمود موجودة في الانسان الفلسطيني و لله الحمد, و يتقن الانسان المقدسيّ استخدامها بشكل يجعل اللسان عاجز عن وصف روعة ما تراه العين من التضحية و الصمود. فالهجرة المكثفة التي حدثت من قبل المقدسيّين حملة البطاقات الزرقاء من خارج الجدار الى داخله متخلين عن كل شيء في سبيل بقائهم في القدس و عدم تركها لليهود تعد اكبر مثال على تمسك المقدسيّ بأرضه. ناهيك عن الخيم الكثيرة التي بناها المقدسيّون في اراضيهم بعد ان تم هدم منازلهم من قبل سلطات الاحتلال ظلماً و عدواناً.


و نحن هنا لا نتحدث عن صورة وردية, فالتحديات كبيرة و التركيز عالي من قبل دولة الاحتلال و المستوطنين من اجل تهويد القدس و تحويلها الى مدينة يهودية كما يزعمون. و ان كان المجهود المبذول كبير, الا ان ما زال امامنا الكثير من العمل حتى نواصل صد اليهود و نمنع دول الاحتلال من انجاز مخططاتها التهويدية. و لعل ابرز ما يمكن القيام به يتلخص في شد الرحال للمسجد الاقصى في كل الاوقات, و هنا نذكر المبادرة الطيبة التي تقوم بها المؤسسات حيث يتم عقد قران عدد من الازواج في المسجد الاقصى و هي خطوة مباركة, زرع اهمية المسجد الاقصى و قضية القدس في نفوس و عقول ابنائنا حتى نكون جيل يدرك بشكل تام ما يجري في القدس, تقديم الدعم المالي و المعنوي المتواصل لاهلنا في القدس من اجل تعزيز صمودهم, اضافة الى تسليط الضوء على اختراقات العدو و جرائمه في تهويد القدس و الاستعانة بالمنظمات الدولية.


ان اقل ما يمكن تقديمه للقدس في هذه الفترة يتمثل في بذل كل جهد ممكن للوقوف في وجه حملات التهويد الشرسة و المسعورة التي تقودها دولة الاحتلال و المستوطنون .. حتى اذا ما دخلنا القدس فاتحين بإذن الله قريبا, وجدنا مسجدنا الاقصى و اثارنا الاسلامية واقفة شامخة مشتاقة و مستعدة لضم اهلها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق