السبت، 10 سبتمبر 2011

الاسرى المقدسيّون .. عنوان الصمود و رمز الثبات



ان كانت القدس بالنسبة للجميع تشكل حالة خاصة تختلف عن باقي فلسطين, فإن الامر ينبطق ايضاً على الاسرى المقدسيّين ... سواء من التضييق المتواصل من قبل قوات الاحتلال او التجاهل المستمر لقضيتهم من قبل السلطة الفلسطينية الى حد كبير. فمنذ احتلال القدس الشريف بشكل كامل, حرص الاحتلال الصهيوني على عزل اهل القدس عن امتدادهم الفلسطيني و عمل بشكل كبير على محاربة اي توجه او تحرك يدعو الى مقاومة الاحتلال الصهيوني و دحر العدو من القدس و فلسطين. إن ادعاء اليهود ان القدس عاصمتهم الابدية, جعلت فكرة وجود اي فكر او تحرك تحرري في القدس امر مرفوض لانه يشكل خطر على مشروعها الاساسي و بالتالي بجب قمعه بشتى الوسائل و الطرق.


و منذ سنوات الاحتلال الاولى للقدس, حرصت قوات الاحتلال على اسر عدد كبير من المقدسيّين حيث تنوعت لائحات الاتهام بين الانضمام لمنظمات فلسطينية, المشاركة في الاعمال التخريبية او حتى خرق بعض القوانين الخاصة بالقدس و التي تتمحور حول شروط الاقامة و المنع. و بسبب هذه القوانين الفضفاضة او التهم العمومية يقبع الان في سجون الاحتلال ما يقارب الـ 250 اسير مقدسيّ, حيث يوجد من بينهم 24 اسير قضوا اكثر من عشرين سنة في سجون الاحتلال.


و امتداداَ لسياسة تهويد القدس و محاربة المقدسيّين, ينتهج الاحتلال سياسيات سيئة جداً ضد الاسرى المقدسيّين من خلال اصدار الاحكام العالية, حيث يوجد 78 اسير مقدسي محكوم عليه بمؤبد واحد على الاقل, في حين يصل اكبر حكم الى 35 مؤبد و خمسين عام و قد اصدر على الاسير وائل قاسم, و في جانب الاسيرات المقدسيات تعتبر الاسيرة آمنة منى المعروفة بأسطورة العزل الانفرادي أقدم اسيرة مقدسية. فقد تم اسرها في عام 2001 و حكم عليها بالمؤبد. و قد ارتفعت وتيرة الاسر و زاد عدد الاسرى المقدسيّين بشكل ملحوظ منذ انتفاضة الاقصى عام 2000.

و بسبب ادعاء الاحتلال الصهيوني ان الاسرى المقدسيّين شأن داخلي كونهم يحملون بطاقات زرقاء, فإنهم يسلطون عليهم اشد اساليب التعذيب الجسدي و النفسي و يتبجحون بان هؤلاء خرقوا قوانين دولتهم و مسوا بأمنها و وجب ان يعاقبوا بالشكل الذي تراه الدولة مناسباً. حيث تقوم بعزلهم عن باقي السجناء الفلسطينيين من الضفة و غزة, و تضعهم في غرف العزل الانفرادي لفترات طويلة, حتى ان فترات الراحة اليومية او ما يعرف بالفورة تكون مع سجناء مدنيين من دولة الاحتلال من المجرمين و تجار المخدرات. ناهيك عن اساليب التعذيب المختلفة و التنكيل الجسدي و حرمانهم من زيارة ذويهم, محاولين بذلك تدمير نفسية الاسير المقدسي و العمل على تهميشه و ايجاد الانطباع انه مخرب و ليس مناضل يسعى لتحقيق قضية عادلة.

و كما هم أهلنا في القدس, فقد اظهر و يظهر الاسرى المقدسيّون كل يوم قدر كبير من المقاومة و الثبات و مواصلة النضال من خلال  مشاركتهم في نضال الحركة الاسيرة, عن طريق الاضرابات عن الطعام و القيام بالكثير من الخطوات الاحتجاجية. و قد قدم الاسرى المقدسيّون عدد من الشهداء وصل الى 17 شهيد, قضوا بسبب التعذيب, او الاهمال الطبي الممنهج او حتى برصاص العدو. و يعد الاسير الشهيد قاسم ابو عكر اول شهداء الاسرى المقدسيّين, حيث استشهد في معتقل المسكوبية عام 1969 تحت التعذيب.

و لأن الوضع المعقد للقدس يندرج على الاسرى المقدسيّون, و كون سلطات الاحتلال تعتبرهم مواطنين خاضعين لسلطتها, فإن الاسرى المقدسيّين دائماً كانوا مستبعدين من الاتفاقيات الموقعة مع العدو و كانوا مستثنين من الافراجات المتعلقة بالعملية السلمية. حتى ان سلطات الاحتلال تصر على استبعادهم و عدم ادراجهم في صفقة شاليط, مما يجعل وضع الاسرى المقدسيّين اكثر صعوبة في ظل هذه الاوضاع.

لطالما افتخرنا بأهلنا في القدس و تباهينا بصمودهم في وجه الاحتلال و التهويد و بما اننا دائماً نطالب بدعمهم و تقديم الغالي و النفسي لتثبيتهم, فإنه من الواجب بالضرورة ان نقدم الدعم المتواصل لاخواننا الاسرى المقدسيّين, من خلال تسليط الضوء على اوضاعهم السيئة و محاربة اجراءات العدو التعسفية ضدهم على كافة الصعد, بدءاً من ساحات المحاكم و انتهاءاً بجعلهم جزء لا يتجزء من قضية الاسرى الفلسطينيين و ادراجهم في الاتفاقيات و عمليات تحرير الاسرى ... فهذا اقل ما يمكن ان نعمل من أجل من قدم عمره فداءً للاقصى و فلسطين.


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق