الاثنين، 3 أكتوبر 2011

المسجد الاقصى ... أسباب التهاون و اساسيات النصرة



تكاد لا تمر ساعة من نهار, و الا و يسمع فيها الممتبع للاخبار خبر يتعلق بالقدس الشريف, بشكل مباشر او غير مباشر. و الامر ذاته يتعرض له المتابع للاخبار على المواقع الاخبارية, و مع ارتفاع وتيرة الاحداث في هذه الايام, يزداد تراكم الاخبار المتناولة للقدس و اوضاعها و كل ما يتعلق بها بشكل واضح. و حقيقة هذا الوضع ليس بالامر الجديد, فمنذ ايام الخلافة العثمانية, مروراً بالانتداب البريطاني و وصولاً الى الوضع الحالي للقدس, اسيرة حزينة بين ايدي السلطات الصهيونية, حافظت القدس على مرتبة متقدمة فيما يتعلق بتأثير احداثها على ما حولها.


و نقطة القدسية الاولى لهذه المدينة تتمثل في المسجد الاقصى المبارك, و الذي هو ذاته النقطة الاكثر التهاباً و المسرح الاساسي للاحدث, من صمود و نضال للمقدسيّين و اهلنا في فلسطين و محاولات التهويد و هدم الاقصى المستمرة من سلطات الاحتلال. و مع كل هذا الكم من الاخبار والاحداث من القدس و الاقصى, نجد ان رد الفعل المساند من قبل امتنا الاسلامية و العربية يقارب الصفر. و نتسآل, ما سبب هذا الجمود تجاه قضية الاقصى و القدس؟!! أهو جهل بقيمتهما, ام عجز عن نصرتهما ؟!


اما في ما يخص قيمة المسجد الاقصى و القدس, فلو اتيح المجال لاي منا للحديث عن مكانة الاقصى في ديننا الحنيف, لنظم الخطب العصماء و اطلق لسجيته العنان متحدثاً عن ذكرها في القرآن, و ربط المسجد الاقصى بالمسجد الحرام في حادثة الاسراء و المعراج. و العدد المذهل للصحابة الذين روّوا بدمائهم تراب القدس و فلسطين, و كيف ان العلماء اتخذوا من المسجد الاقصى منطلقاً لنشر علومهم و ابداعاتهم. فعن أي جهل نتحدث, و كيف ينعكس هذا الجهل على تفاعل الامة مع احداث الاقصى و القدس اليومية ؟!


مما لا شك فيه اننا نعلم قيمة القدس و الاقصى, و لكنها معرفة جوفاء .. ترديد لحروف بلسان لا يعكس صدق ما في النفس و القلب. فكيف بنا نقول اننا ندرك ان المسجد الاقصى هو قبلة المسلمين الاولى و ثالث الحرمين الشريفين و اليه اسري بحبيبنا المصطفى - عليه الصلاة و السلام - و منه عرج به الى السماء, ثم ننظر اليه يستباح و لا نحرك ساكناً؟؟؟. نرى بيت الله يتحول الى كنيس امامنا كل يوم و لا نتحرك غيرة على محارم الله؟؟ كيف نرى أهل القدس و فلسطين يمنعون من اداء الصلاة فيه و اعماره و نقف مكتوفي الايدي؟؟ كيف نقول اننا ندرك قيمة القدس المباركة ببركة المسجد الاقصى و التي اوصى نبي الله سليمان ان يدفن جسده فيها ثم نهجرها و نتركها للمستوطنين يغيرون معالمها ؟!


من الواضح ان افعالنا لا تعكس اقوالنا, و لسان حالنا يكذب مقالنا .. فلا و الله ما عرفنا قيمة القدس و لا قدرنا المسجد الاقصى حق قدره, الا من رحم الله. و هذا الحال يجعلنا نسمع رسالات التهاون المتتالية ازاء من يدعو الى نصرة المسجد الاقصى, فيقول, ماذا يمكننا ان نفعل ؟ ليس لنا سوى الدعاء لهم و الله ينصرهم, و يذهب قائلها تاركاً القدس تتلقى بجسدها النحيل اقسى انواع العذاب و التنكيل مدافعة عن قبلة المسلمين الاولى. إن السبب الاساسي في ضعف نصرتنا للاقصى و القدس يكمن في عدم علمنا بقيمة القدس و المسجد الاقصى و لم نقدره حق قدره. فحديثنا عنه خالي من الانتماء الحقيقي اليه و لا يتعدى كلمات نرددها او لحظات حزن و تأثر لا تتجاوز الثواني. فقد عرفنا حقيقة الحب و صدق الانتماء, و ليس حالنا مع المسجد الاقصى هذا الحال. فكيف السبيل الى وصل المسجد الاقصى من جديد و نصرته من كيد سلطات الاحتلال و المستوطنين؟


لعل اول ما يجب القيام به من اجل نصرة المسجد الاقصى أن نعيش المسجد الاقصى و ما يحدث به و ما يجري في القدس في يومنا. فإن ما يجعل كلماتنا حول الاقصى جوفاء انفصالنا عنه و عدم ارتباطنا به بشكل دائم و وثيق. و ان نعيش المسجد الاقصى اي ان يكون جزء من يومنا مخصص تماماً للمسجد الاقصى و القدس. و هذا الجزء يضم الاتي, اولاً ان نقرأ عن المسجد الاقصى و ان نتعرف عليه بشكل اكبر, فكيف نريد الدفاع عن شيء نحن نجهله و لا نعرفه حق المعرفة. ان نعرف المسجد الاقصى, تاريخاَ و حاضراً .. ان نعرف حاله في ايام الشدة و ايام الرخاء, ان نقراً عن من عرفوا قدره و نصروه حق النصرة, ان نقرأ ما كتب حوله من قبل العلماء, الشعراء و رواة التاريخ. و التعرف على المسجد الاقصى كالدخول الى بستان مليء بالازهار و الاشجار الغنّاء, كلما شممت زهرة ازدت فرحاً و كلما اقترتب من شجرة كلما اردت البقاء اكثر في هذا البستان. و كيف يصدق الحب مع الجهل بحال المحبوب ؟؟!


و هنا يقع على مشايخنا و علماء امتنا واجب كبير, عمل الكثير منهم على تحقيقه, و لكن العمل ما زال مطلوب في هذا المجال. للاسف نجد انفصال كبير بين مساجدنا و بين المسجد الاقصى, فلا الدروس اليومية و لا خطب الجمعة تتناول مواضيع المسجد الاقصى و القدس بالشكل اللازم و لا حتى تحقق اقل القليل. خطبة الجمعة رسالة اسلامية توجه للمسلمين في تجمعهم الاسبوعي الذي خصصه الله سبحانه و تعالى لهم, و الحديث عن المسجد الاقصى و عن وجوب نصرته في خطب الجمعة من اولى ما يمكن الحديث عنه. كيف لا و نحن نتحدث عن ارض مباركة تضم قبلة المسلمين الاولى و مسرى رسولنا الكريم عليه الصلاة و السلام تغتصب و يعربد فيها انجاس الناس دون ان نحرك ساكناً.


و في نصرة المسجد الاقصى يجب ان يكون الدافع الداخلي, و الارتباط بالاقصى و معرفة حقه علينا, بتحقق ما ذكرناه سابقاً, المحرك الاساسي. فالارتكان على الاخرين و الانتظار من دولنا, التي تقع القدس في هامش اولوياتها, ان تتحرك شيء مرفوض تماماً. بل على كل فرد منا ان يجد الطريقة المناسبة له و التي من خلالها يمكنه نصرة المسجد الاقصى و القدس و المقدسيّين. و ان ينبع هذا العمل من عشقنا للقدس و المسجد الاقصى و ان نبذل الغالي و الرخيص في نصرته.


إن اعداءنا يبذلون الغالي و النفيس من أجل وهم يعلمون انه من محض افترائهم و مع ذلك فهم يسعون لتحقيق هدفهم. فبمعزل عن الحكومة الاسرائيلية, هناك 26 منظمة ارهابية تعمل ليل نهار من اجل اقامة الهيكل المزعوم, و هناك 4 مؤسسات كبيرة اقامها افراد من الصهاينة بدافع شخصي سعت ليل نهار من اجل الاستيطان في القدس و تهويدها حتى انها سبقت سلطات الاحتلال في هذا المجال .. أوليس نحن أولى بنصرة مسجدنا و أهلنا و قدسنا و نحن على حق و نصرتنا له جهاد ؟! .. لم يعد الوقوف و اللامبالاة مقبولة تجاه ما يحدث في المسجد الاقصى .. و يجب على كل منا ان يعمل بما يستطيع على نصرة المسجد الاقصى و حفظ القدس من التهويد .. فهذا واجب الحبيب على حبيبه .. و واجب الارض على أهلها .. و هذا ما يحث عليه ديننا الحنيف ... فنصرتنا لمسرى نبينا اتباع لهديه عليه افضل الصلاة و السلام و بدرجة أولى جهاد في سبيل الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق