الاثنين، 17 أكتوبر 2011

المقدسيّون ... في العزل الانفرادي



تعيش مناطق الوطن الحبيب فرحة كبيرة بقرب تنفيذ الجزء الاول من صفقة وفاء الاحرار . كيف لا و قد استطاعت هذه الصفقة بتوفيق الله بفك اسر جميع اسيراتنا في سجون الاحتلال و الافراج عن عدد كبير من اصحاب المؤبدات يصل عددهم الى 320 أسير. و ما يجعل هذه الفرحة عارمة, شمولها كل مناطق فلسطين, من القدس الى غزة, مروراً بالداخل الفلسطيني و وصولاً الى الضفة الغربية. 


و ما يعكر صفو هذه الفرحة العارمة في القدس الهجوم المركز من قبل سلطات الاحتلال على بيت المقدس و المقدسيّين المرابطين, الذين تركوا كل شيء في الدنيا من أجل البقاء بجوار مسرى الحبيب المصطفى - عليه أفضل الصلاة و السلام -. و ان كانت صفقة وفاء الاحرار استطاعت الافراج عن 1027 اسير و اسيرة الا انها لم تتمكن من فك القدس من أسرها. فقد فرض السجان الصهيوني العزل الانفرادي على المقدسيّين و عرضهم لشتى انواع التضييق و التعذيب, محولاً المدينة الرحبة التي لطالما كانت معطاءة خيرة على اهلها الى سجن كبير مكون من زنزانة عزل إنفرادي.


مما لا شك فيه ان الاشهر الاخيرة تضاعفت عمليات التضييق الصهيوني بشكل ملحوظ و متصاعد تجاه المسجد الاقصى و المقدسيّين و لم يسلم من هذه المماراسات شيء, حتى الحجر و الشجر كان له حظ وافر منها. بداية العزل الانفرادي تمثلت في عزل المسجد الاقصى بعد ان شهد ايام رائعة خلال شهر رمضان عانق فيها عشاقه . فما ان اقترب موعد رأس السنة العبرية و الذي يعتبر مقدمة لسلسلة من " الاعياد  اليهودية ", حتى بدأ العدو بفرض القيود على حركة المصلين حيث بلغت اشدها مع بداية رأس السنة العبرية و استمرت حتى يومنا هذا. فوصلت نسبة المصلين الذين تمكنوا من اداء صلاة الجمعة في الاسابيع الاخيرة الى ادنى مستوياتها. و تم تفريغ المسجد الاقصى من طلبة المصاطب و اصبحت ابوابه مشرعة امام الصهاينة المتطرفين لتدنيسه يومياً دون اي حراك من احد.


و لطالما كان هناك توأمة في الحال بين المسجد الاقصى و المقدسيّين, فلم يكن حال سكان القدس أفضل من حال مسرى رسولهم الكريم, عليه افضل الصلاة و السلام. فشرعت سلطات الاحتلال بفرض قوانين متتالية تستهدف عزل المقدسيّين و تهجيرهم, فأخطر قرارات العدو الصهيوني تمثل في الصادر منها بإبعاد عدد كبير من الشخصيات المقدسية المهمة و المؤثرة بشكل متكرر بهدف تفريغ المدينة من اساس حركتها النضالية ضد المحتل. و لم يتردد العدو من كسر كل القوانين و الاعراف الدولية من أجل تحقيق اهدافه التهويدية في القدس. و ليس أدل على ذلك من قيام قوات المستعربين على خطف النائب المقدسي احمد عطون, المعتصم في مقر الصليب الاحمر احتجاجاً على قرار ابعاده مع عدد من النواب المقدسيّين, في وضح النهار من مقر الصليب الاحمر تمهيداً لابعاده عن القدس.


و لان الضفة الغربية تعتبر الامتداد الجغرافي و الديمغرافي الطبيعي للمقدسيّين, فقد خرج الاحتلال علينا بقرارات جديدة تفضي الى عزل المقدسيّين بالكامل. فقد صدرت قرارت بحق عدد من الشخصيات المقدسية تقضي بمنعه من مغادرة القدس بإتجاه الضفة الغربية لستة اشهر. و في نفس السياق, اصبحت قوات الاحتلال تمنع المقدسيّين من مغادرة القدس عند الحواجز اثناء توجههم للضفة بحجج مختلفة منها عدم دفع فواتير مترتبة عليهم لشركة البث الاسرائيلية و غيرها من المؤسسات.


و بالتزامن فقد استمرت اعمال التهويد و حفريات الانفاق في القدس الشرقية و محيط المسجد الاقصى من أجل ربط هذه الانفاق, بشبكة الانفاق الموجودة تحت المسجد الاقصى. و على سبيل المثال, فقد قامت اليوم جمعية العاد الاستيطانية بمباشرة الحفر في مدخل حي وادي حلوة في بلدة سلوان بهدف بسط السيطرة على بئر قديمة في تلك المنطقة و تهويدها و ربطها بسلسلة الانفاق المقامة و التي ستقام في سلوان و التي في النهاية سترتبط بالانفاق الموجودة تحت المسجد الاقصى كما يخططون. و هذه المنطقة تضم 3 آبار مائية تسعى جمعية العاد وضع اليد عليها من أجل خلق واقع جديد في تلك المنطقة. و لم يكن حال الشجر افضل, فقد تعرضت العشرات من أشجار الزيتون للحرق في شعفاط على يد عدد من المستوطنين المتطرفين. و ما ذكرناه يمثل مسح بسيط للحالة المقدسيّة في عزلها الانفرادي المؤلم.


و من جديد, فإن صفقة الوفاء للاحرار و ان كانت لم تحرر القدس و الاقصى من الاسر .. الى انها تفرض حقيقة اصبحت غير قابلة للنقاش .. الاسرى لا يتحررون الا بالمقاومة ... و إن كنا نريد تحرير القدس و مسرى المصطفى - صلى الله عليه و سلم - فعنوان هذا التحرير المقاومة لا غير .. و مع المقاومة, يجب ان نقوم بشكل مدروس و ممنهج بالعمل على كسر هذا العزل الانفرادي عن طريق شد الرحال الى المسجد الاقصى و زيارة القدس بشكل يومي حتى ننصر اهلنا في القدس و نشد من أزرهم ... و قريباً ان شاء الله سيأتي الوقت الذي نحتفل به بتحرير القدس و ثالث الحرمين الشريفين بإذن الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق