السبت، 22 أكتوبر 2011

الاوقاف الاسلامية .. خطوة اساسية لنصرة الاقصى و المقدسيّين



دوت عاليةً مجلجلة, تحمل في طياتها عذابات الانتظار و آهات الاشواق .. حملت في طياتها علامات العزة و الكرامة ... قهرت بصوتها من صموا اذانهم عن صرخاتنا .. زغاريد الفرحة التي انطلقت استقبالاً لتحرير اسرانا و احتفالاً بنصر مؤزر و اي نصر .. الدفعة الاولى من صفقة وفاء الاحرار يحررون .. يعودون الى تنفس هواء الحرية من جديد, بعزة و كرامة و وسط احتفال فلسطين كاملة بهم. هذا شعب يجيد الترحيب بأبطاله ... كيف لا و قد دفعوا عمرهم ثمناً من أجل تحرير هذا الوطن العزيز و اعادة الحرية لمسرى الرسول - عليه الصلاة و السلام-.


فرحة لم نشعر بها من قبل ... فرحة يلفها علم النصر و راية الاسلام .. كسرنا فيها جبروت المحتل و وضعنا اسطورته الامنية و صورته الوهمية تحت اقدام ابنائنا المحررين. الداخل الفلسطيني .. القدس الشريف .. الضفة الغربية ... غزة الابية .. ابناء الشتات الفلسطيني .. نعم هذا الشعور غمر كل فلسطين و وحد ابناءها جميعاً في استقبال رجال و حرائر فلسطين. و الكل توعد و طالب بتحرير الاخوة الباقيين في الزنازين, قريباً و ليس بعد حين بإذن الله.


و لكن ما كان لهذه الفرحة ان تسلخنا عن الواقع, و لان قدر الشعب الفلسطيني النضال و مواصلة العمل ضد هذا المحتل, فوجب علينا الان ان نضع اقدامنا على الارض من جديد, بعد ان حملتنا هذه الفرحة و هذا الانتصار لنقطع طويل المسافات و نستنشق نسائم التحرير و لو نسبياً. لقد وضعت هذه الفرحة في قلب كل منا رصيد كبيراً من الاصرار و العمل من أجل تكرار هذه الفرحة و جعلها سلسلة من الاعراس المتواصلة حتى يوم العرس الاجمل و الاغلى .. عرس تحرير المسجد الاقصى من براثن اليهود المغتصبون و قطعان المستوطنين.


لقد كانت الاسابيع الاخيرة قاسية عصيبة على المسجد الاقصى و القدس بشكل عام, فقد عزلت بأسوار من الحواجز المشددة من اجل تفريغ الاقصى و المدينة من المقدسيّين و المسلمين, و غصت المدينة بفلول المستوطنين الغرباء و الذين لفظتهم المدينة مراراً و لكنهم يعودون محتفلين بأعيادهم, مستمرين في وهمهم و كذبهم بربط المسجد الاقصى بهذه الاعياد. و مع منع طلبة مصاطب العلم من دخول المسجد الاقصى و استمرار وضع العراقيل امام المصلين, اصبح اقتحام المستوطنين للمسجد الاقصى طقساً يومياً يفعله هؤلاء الصهاينة, ففي كل يوم اقتحموا الاقصى و دنسوه و رتلوا فيه تراتيلهم.


إن عرس وفاء الاحرار خطوة مهمة يجب ان نستغلها و ان نبني عليها بشكل قوي, خصوصاً في موضوع حماية المسجد الاقصى و نصرة المقدسيّين. و مما لا شك فيه ان المقاومة هي السبيل الامثل لصد اعتداءات هؤلاء الصهاينة, كيف لا و قد كانت فترة انتفاضة الاقصى الفترة التي لم يتجرأ خلالها اي مستوطن من دخول المسجد الاقصى, لان الثمن كان معروف و الدفع كان في نفس الوقت. و ان كنا نترك لاخواننا في المقاومة ترتيب امورهم و اتخاذ القرارات الامثل المتعلقة في القدس, و نحن ندرك جيداً ان التغييرات الكبيرة التي حدثت في القدس حد كثيراً من حركية المقاومة, و لكن هذه المقاومة عودتنا ان تكون خلاقة مبدعة في ايجاد الحلول و تجاوز الحدود.


في المقابل, فإن نصرة المسجد الاقصى و المقدسيّين ما زال واجباً على كل فرد منا و العمل عليه امر مطلوب و بشدة, بل انه يعتبر في قمة اولويات النضال في القدس. و ان كان العديد من المؤسسات يعمل على دعم المقدسيّين بما يأتيها من تبرعات, فإن هذا يشكل مصدر غير ثابت و بالتالي صعوبة التحرك الدائم و التوسع في مشاريع النصرة. و من هنا, فإن أهم خطوة نقوم بتنفيذها اليوم تتمثل في وقف الاوقاف على المسجد الاقصى, بحيث يصبح هناك مصدر متواصل دائم لتنفيذ مشاريع النصرة و حماية المسجد الاقصى.


و ان كانت الاوقاف لعبت دوراً بارزاً في ازدهار القدس و رفعة المدينة و دعم المسجد الاقصى في تاريخنا الاسلامي الممتد, فإنها اليوم حاجة ماسة و ركيزة اساسية للوقوف في وجه مشاريع التهويد المستمرة. و عندما نتحدث عن الاوقاف, فنحن لا نتحدث عن املاك ثابتة فقط, بل مشاريع كاملة ناجحة تستخدم ارباحها في اقامة مشاريع الاعمار و النصرة. و أهم المشاريع التي يمكن توقيف الاوقاف عليها:


1) شد الرحال الى المسجد الاقصى و دعم طلبة مصاطب العلم في المسجد الاقصى. و لنا في مشروع مسيرة البيارق خير مثال على اهمية هذه المشاريع. و ان كان الاخوة في الداخل الفلسطيني يبذلون مجهودات كبيرة في هذه المشاريع فدعمهم واجب علينا, سواء مالياً او معنوياً. و هنا يجب ان لا يقتصر شد الرحال على الداخل الفلسطيني, بل من المهم توجيه حملات شد رحال الى المسجد الاقصى من دول العالم قاطبة, كتركيا و دول اوروبا و الولايات المتحدة الامريكية. و لهذه الرحلات عظيم الاثر, من خلال زيادة الوعي بقضية المسجد الاقصى في كافة ارجاء العالم, و الوقوف في وجه هجمات المستوطنين اليومية, و دعم اهلنا المقدسيّين اقتصادياً.


2) دعم المقدسيّين و منع هدم منازلهم. ايجاد وقف ثابت يستخدم دخله من أجل دفع الضرائب المتراكمة على اهلنا في القدس المهددة منازلهم بالهدم. ايضاً دعم التجار المقدسيّين في سداد ضرائب الارنونا و مساندتهم في الثبات و ابقاء محلاتهم مفتوحة صامدة في وجه هجمات بلدية القدس و مضايقاتها بهدف تهجيرهم.


3) دعم التعليم في القدس و حماية اطفالنا و فتيتنا من الضياع و التشرد, و خفض نسبة تسرب الاطفال من المدارس, من خلال دعم العائلات و توفير الدعم اللازم لهؤلاء الاطفال و من خلال دعم المدارس للوقوف في خطط التهويد و الاستهداف المستمر للبنية التحتية الدراسية حتى يوجدوا جيل غير متعلم في القدس.


هذه النقاط الثلاثة مجرد رؤوس اقلام و خطوط عريضة لمشاريع عديدة من الممكن اقامتها في القدس نصرة للمسجد الاقصى و القدس الشريف. و لكن هذه المشاريع بحاجة الى دعم مادي متواصل و مستمر, و هنا تبرز ضرورة تفعيل الوقف الاسلامي في بلادنا من جديد و ان توقف المشاريع التجارية الناجحة و الاراضي الزراعية على المسجد الاقصى و القدس الشريف, لنشكل ركيزة اساسية لمشاريع قوية قادرة على مواجهة حملات التهويد المسعورة. و ان كانت الملايين تنهال على مشاريع الاستيطان من جميع انحاء العالم, فنحن أولى بدعم اهلنا في القدس, و كما قال نبي الرحمة - عليه افضل الصلاة و اتم التسيلم - " الخير فيّ و في امتي الى يوم الدين " او كما قال عليه الصلاة و السلام.


إن اهمية الاوقاف الاسلامية اثبتت منذ مئات السنين, سواء في رحلة عماد الدين, نور الدين و صلاح الدين في فتح و تحرير القدس و المسجد الاقصى  او في ازدهار مدينة القدس و تطورها خلال مئات السنوات التي تلت تحرير القدس .. إن الاوقاف الاسلامية و العمل على نشرها و ايقافها على المسجد الاقصى و القدس الشريف خطوة جوهرية في ايامنا هذه يجب تفعيلها ... و جزء مهم من ثقافتنا الاسلامية اثبتت نجاعتها و اهميتها على مر السنين .. أوقافنا رأس مالنا في نصرة مسرى رسولنا الكريم, عليه افضل الصلاة و اتم التسليم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق