الثلاثاء، 25 أكتوبر 2011

أرض القدس تنتظر ان تُروى



قبل قرابة الشهر, كان النائب المقدسي احمد عطون يلاعب ابنته بتول و يتبادل اطراف الحديث مع زوجته قبل ان يودعهم وداعاً الى الان لا يعرف نهايته. فبعد خروج زوجته من مقر الصليب الاحمر, و خلال تمثيلية مدروسة انقضت جماعة من قوات المستعربين و اختطفت النائب عطون من وسط مقر الصليب الاحمر, ضاربة بذلك كل الشرائع و الاعراف الدولية عرض الحائط و مسطرة سطر جديد في كتاب غطرستها و تكبرها, و اقتادته الى سجن المسكوبية بطريقة كادت تودي بحياته و لكن الله سلّم.


و بعد 4 اسابيع من اختطاف النائب عطون, و بعد ان رفض التوقيع على تعهد بمغادرة القدس, ابلغت المحكمة " الاسرائيلية " العليا وزير الداخلية الصهيوني بعدم شرعية قرار ابعاد نواب القدس و الوزير السابق عن القدس بحجة عدم الولاء لما يسمى " اسرائيل ", و قد اعطي وزير داخلية العدو مهلة 90 يوم لاعطاء تبريرات مقنعة. و هذا القرار بحد ذاته نقطة ايجابية تضاف لصمود النواب و الوزير السابق حيث انهم صمدوا في اعتصامهم لمدة تقارب الـ 478 يوم في الصليب الاحمر, بعد ان تم ابعاد النائب المقدسي ابو طير. و لكن في المقابل هذا يعني ان هناك مهلة لقوات الاحتلال تمدد لمدة 3 اشهر من أجل انهاء هذا الملف بإختطاف النائب طوطح و الوزير السابق عرفة ليصبح مصيرهما مصير النائب احمد عطون. و الجدير بالذكر انه بعد ان تم ابعاد النائب ابو طير عن القدس, قررت قوات الاحتلال انه يشكل خطر على "اسرائيل" و قامت بإعتقاله.


و بالحديث عن النائب عطون, فقد فرحت عائلة عطون قبيل ايام مع باقي الشعب الفلسطيني بصفقة وفاء الاحرار حيث تم الافراج عن الاسير محمود عطون, شقيق النائب احمد عطون, و الذي كان محكوماً بـ 3 مؤبدات و 20 عاماً. الا ان الفرحة كانت منقوصة, فقد تم ابعاد الاسير المحرر محمود خارج فلسطين من جهة, و من جهة اخرى غاب عن هذه الاحتفالات النائب عطون المختطف من قبل سلطات العدو. و تستمر معاناة عائلة عطون, فقد قامت قوات الاحتلال في الامس بإقتحام صور باهر و اعتقال 7 افراد من آل عطون و كأنها تعاقبهم على الافراج عن محمود و على صمود احمد و رفضه الموافقة على الابعاد عن القدس.


في نفس السياق, واصلت سلطات الاحتلال خططها في تهويد المدينة و خنقها و فصلها عن الضفة الغربية. فقد اقرت سلطات الاحتلال خطة تقضي ببناء 800 وحدة استيطانية جديدة في جنوب القدس كجزء من مخطط " جفعات همتوس ", و الذي هو مخطط يتألف من اربع مراحل يهدف الى عزل جنوب القدس و ايجاد تواصل عمراني استيطاني عازل لها عن مناطق الضفة. كما انها اقرت بناء جدار الفصل العنصري في قرية بيت اكسا, مستغلة حادثة تعرض احد المستوطنين للطعن في محيط القرية, مما يزيد من عزلة القدس و يقطع اوصال الاحياء و القرى العربية في القدس.


و تستمر اعمال التهويد في محيط المسجد الاقصى, فقد اصدر مهندس ما يسمى ببلدية القدس قراراً يعتبر فيه جسر باب المغاربة في القدس القديمة ايل للسقوط او الحريق و يجب ان يتم هدمه خلال 30 يوم. بحيث تهدف سلطات الاحتلال لتغيير معالم القدس القديمة, و قد اشارت بعض الاخبار الى ان سلطات الاحتلال ستقوم ببناء ممر جديد يستخدمه قوات الجيش و المستوطنين لاقتحام المسجد الاقصى. و هنا تجدر الاشارة الى  ان مشروع زاموش في مخططه تطرق الى ضرورة ازالة الجسر مع التلة و توسعة حائط البراق ليشمل كامل الحائط الغربي.


و قد وضع قرار هدم الجسر منذ فترة الا ان سلطات الاحتلال كانت تخشى من ردة فعل المقدسيّين و الفلسطينين الغاضبة, فماذا تغير الان؟؟ للاسف ان سلطات الاحتلال قامت بخنق مدينة القدس بشكل مشدد جداً, فأصبحت المداهمات بشكل يومي للقدس الشرقية و الاعتقال اصبح مسلسل يومي لا ينتهي. و حتى بعد نهاية الاعياد اليهودية ما زالت الحواجز موجودة بكثرة و قوات الشرطة و حرس الحدود منتشرة بشكل لافت. لذلك اصبح من المهم ان يضاعف شد الرحال الى بيت المقدس من اهلها في الداخل الفلسطيني من اجل الوقوف في وجه هذه الاعمال التهويدية الصارخة التي تؤذي المسجد الاقصى.


ان اسوء ما تعانيه القدس و المقدسيّون يتمثل في العزلة الكبيرة التي تعيشها, و انسلاخ العالم العربي و الاسلامي عن هذه القضية و عدم تفاعله معها بشكل كبير. فإن من يعيش اوضاع القدس و يتعايش مع ما يحدث فيها يشكل نسبة قليلة جداً في مجتمعاتنا, و هنا يتوجب علينا ان ننشر قضية القدس و المسجد الاقصى بشكل كبير في مجتمعاتنا بشتى الوسائل المتاحة. عندها سنكون قادرين على جعل قضية القدس حيوية اكثر و بالتالي سيكون لتحركاتنا فاعلية اكبر. القدس و اهلها ما زالوا صامدين و لله الحمد, و لكن دعمنا الان اصبح اكثر من حاجة ماسة .. فهي تحتاجه احتياج الارض العطشى للماء حتى تنتعش من جديد ... فمتى نروي ارض القدس و ترابها يا امتي ؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق