السبت، 15 أكتوبر 2011

عملية الوهم المتبدد ... بدأت, و لكنها لم تنتهي بعد



في 25/6/2006 زلزلت دولة الكيان بخبر مفجع كان وقعه عليها اليم جداً, فقد تم الاعلان عن قيام مجموعة من المجاهدين من كتائب الشهيد عز الدين القسام و ألوية الناصر صلاح الدين بتنفيذ عملية اقتحام و اختطاف في معبر كرم ابو سالم. حيث قتل عدد من جنود الاحتلال و أختطف الجندي جلعاد شاليط, و عادت المجموعة الى غزة سيراً على الاقدام. و على اثر هذه العملية قامت سلطات الاحتلال بفرض الحصار على غزة و قادت عدة حروب من أجل استرجاع شاليط, جميعها انتهت بفشل ذريع.


و في هذه الايام هلت علينا بشائر اتمام صفقة " وفاء الاحرار " حيث نجمت عن الافراج عن 1027 اسيرة و اسيرة فلسطينية مقابل اعادة شاليط الى الكيان الصهيوني, بحيث تم تبييض سجون الاحتلال من الاسيرات و لن يبقى فيها اي اسيرة فلسطينية. و ان كانت المفاوضات اخذت سنوات عديدة حتى تنجز, الا انها تمت بأفضل شكل ممكن ... بالشكل الذي يحفظ عزتنا و يجعلها عرس حقيقي لكل فلسطين. و أهم مميزات عملية التبادل هذه:


1) التأكيد على وحدة النسيج الفلسطيني:


سبقت هذه العملية عمليات افراج عديدة, و لكنها جميعها فشلت في ادراج جميع اطراف الشعب الفلسطيني, و لكن صفقة وفاء الاحرار كانت فريدة من نوعها و غير مسبوقة. بداية, الصفقة شملت جميع فصائل المقاومة الفلسطينية بشتى انتماءاتها و خلفياتها و لم تقم حماس بتفضيل ابنائها على باقي الفصائل, بل ان حماس اختصت ابناءها بالجانب الصعب من هذه الصفقة, سواء في بقاء عدد من كبار قادتها في سجون الاحتلال او في جعل المبعدين من فلسطين مقتصر على ابناء حماس.


و أجمل ما في هذه الصفقة, يتمثل في انها شملت كامل التراب الفلسطيني لاول مرة: غزة, الضفة الغربية, القدس الشريف, الداخل الفلسطيني و الشتات الفلسطيني. مؤكدة ان الشعب الفلسطيني شعب واحد بإختلاف المسميات و التقسيمات, و ان فلسطين ليست للتجزيء او الاقتطاع, هي كلها ارضنا المباركة و كل اسراها يجب تحريرهم و كل اراضيها يجب ان تطهر من دنس المحتل


2) المقاومة هي اساس التحرير:


ان كانت حدثت صفقات افراج عن الاسرى في السابق, فقد كانت تشهد العديد من خدع المحتل, بداية بتسميات حسن النية و التي تسلب المحررين من فخر المقاومة و عزت التحرير, و انتهاءاً بالتحايل في اخراج من شارفت فترات سجنهم على النهاية. و لكن صفقة وفاء الاحرار كانت فيها المطالب بصوت قوي و صلابة واضحة, فالافراج عن 310 من اصحاب المؤبدات و اخراج كل اسيراتنا على رأسهم احلام التميمي و آمنة منى ما كان ليأتي بطرق سلمية و انما بسبب وجود ورقة ضغط قوية متمثلة بأسر شاليط.


و هنا لا ننسى الاشارة الى انجاز المقاومة الكبير في الحفاظ على اسر شاليط و التعتيم على مكانه و اتخاذ التدابير اللازمة لابقائه في الاسر على الرغم من السنوات الخمس المريرة التي مرت على غزة, من حصار و غارات و حروب, دفع من خلالها الشعب و المقاومة الثمن الغالي, و لكن هذا الصبر تحول الى نصر مبين بإذن الله و بتوفيقه.


إن عملية وفاء الاحرار, تمثل عملية وهم متبدد جديدة و لكن هذا الوهم الذي بددته هذه الصفقة كان لبعض ابناء جلدتنا. هذه الصفقة كانت رسالة واضحة لللاهثين وراء سراب المفاوضات و استجداء الحقوق من منصات الامم المتحدة. هذه الصفقة اوضحت ان الحق ينتزع انتزاعاً و لا يوهب من قبل الغير. هذه الصفقة كما قال الشيخ كمال الخطيب في مهرجان "الاقصى في خطر 16" رسخت المثل الشعبي القائل :" حط السيف قبال السيف, الحق بيرجع لصحابه".


و في الوقت الذي تخلى فيه عباس و زمرته عن أهلنا في الـداخل الفلسطيني بإعترافهم بدولة اسرائيلية على تراب الـ 48 و تخليهم عن اللاجئين و تناسيهم للقدس و الاقصى, فإن هذه الصفقة اتت لتؤكد ان الشعب الفلسطيني شعب واحد غير قابل للتجزئة و ان فلسطين كلها حق لنا و سنعيدها بالمقاومة. في الوقت الذي تمسك فيه المهرولون ورائ سراب الدولة بجزء من الوطن, اتت هذه الصفقة لتحتضن الوطن بكل ارجائه, من القدس الى غزة, من الداخل الفلسطيني الى الضفة الغربية, مؤكدة اننا لن نتخلى عن ذرة تراب من فلسطين مهما كان الثمن.


و مما يثير العجب, ان يخرج علينا رياض المالكي ليشكك في توقيت الصفقة و كأن الصفقة هي التي تخلت عن الارض و الاهل و ان استحقاق ايلول هو من شمل كامل التراب الفلسطيني. و لكن الايام علمتنا ان الدمى الصغيرة على شاكلة المالكي تسقط و ترمى في حين ان التاريخ يكرم الابطال ... و اي ابطال يستحقون التكريم أفضل من المفاوضين الاربعة الذين اعادوا رسم الابتسامة على كامل التراب الفلسطيني.


لم تكن عملية الوهم المتبدد مقصورة على اختطاف جلعاد شليط, بل استمرت حتى بعد اتمام صفقة التحرير, فقد بددت في بدايتها وهم العدو الصهيوني بأنه امن و قادر على تحقيق ما يريد, و بددت وهم المترامين على منصات الامم المتحدة و الزاعمين ان المفاوضات هي السبيل الوحيد لتحقيق أهدافنا. 


و ان شاء الله ستستمر عملية الوهم المتبدد, لتكسر حصار القدس و المسجد الاقصى و تبدد وهم الصهاينة المتمثل بإعتقادهم انهم قادرون على تهويد القدس و المسجد الاقصى ... و قريباً بإذن الله سيتحرر الاقصى من سلاسل الغدر و التدنيس و سيعود حراً عزيزاً الى حضن الامة الاسلامية ... فقد طال الفراق و آن للشمل ان يلتم بإذن الله ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق