الاثنين، 15 أغسطس 2011

بين الجري وراء سراب الدولة الفلسطينية و سياسية الامر الواقع



المتتبع للقضية الفلسطينية يتلمس بوضوح انه في الاشهر الاخيرة عادت القدس لتصبح
 العنوان الرئيسي في المشهد الفلسطيني. فبين حراك شعبي مقدسي من اجل التشبث بهذه الارض المباركة, و السياسات الاستيطانية المتصاعدة التي تتخذها حكومة الاحتلال الصهيوني من اجل اغتصاب اكبر قدر من الاراضي في بيت المقدس و طرد اكبر عدد من السكان المقدسيين لافساح المجال للمزيد من المستوطنين, اصبح الوضع المقدسي اقرب الى التأجج.

و لعل هذا المشهد ازداد "حركية "  و اضطراباً في الايام الاخيرة, فالحكومة الصهيونية اصدرت قراراً ببناء المزيد في من الوحدات السكنية في القدس الشرقية. كما انها منذ بداية الشهر الفضيل تضيّق على المصليين محاولة منعهم من الوصول الى المسجد الاقصى و الصلاة فيه. في المقابل فإن المقدسيّين بالدرجة الاولى مساندين من اهلنا في الـ 48 و الضفة الغربية يحاولون المستحيل و لا يألون جهداً من اجل الابقاء على اجواء رمضان في الحرم القدسي و ارتباط المسلمين في فلسطين بالمسجد الاقصى خاصة في مثل هذه الايام الفضيلة.

في ضوء هذه المعطيات, يتسآل احدهم بشكل بريء, اين هي السلطة الفلسطينية مما يحدث في القدس الشريف ؟! و ازعم ان الجواب يترك غصة في قلب كل فلسطيني حر. السلطة الفلسطينية غائبة تماماً عن الساحة المقدسية, منفصلة بشكل كامل عن المواطن الفلسطيني المقدسي بل انها منسلخة عن واقع المدينة بشكل يدعو الى الاستهجان. فبدلاً من ان تكون في قلب الاحداث, نجد ان السلطة الفلسطينية برئاسة ابو مازن  تجري وراء سراب الاعتراف بدولة فلسطينية على حدود الـ 67 و عاصمتها القدس الشريف.

بالتأكيد, الحلم الاغلى لكل انسان فلسطيني هو قيام الدولة الفلسطينية و عاصمتها القدس الشريف بعد تحريرها كاملة من دنس اليهود. و عندما نتحدث عن دولة فلسطينية, فنحن نتحدث ضمنياً عن دولة ضمن ثوابتنا الفلسطينية المعروفة للجميع

- دولة على كامل التراب الفلسطيني
- محررة من الصهاينة المعتدين
- تضمن عودة اللاجئين
- تحرر كل الاسرى من سجون الاحتلال

و لكن الغريب ان الرئيس الفلسطيني ابو مازن يسابق الزمن من اجل الاعلان عن دولة فلسطينية ميتة قبل ولادتها. فأي دولة تلك التي يخترقها جدار فصل عنصري يمزق اوصالها و يفرق اهلها ؟؟! اي دولة تلك التي لا حدود واضحة لها الا مع عدوها المحتل؟! اي دولة تلك التي لا اقتصاد مستقل لها ؟! و اي دولة تلك التي تنادي بالقدس عاصمة لها, و في المقابل نجد ان ما يجري فيها هو اخر ما يهم ساسة و سلطة هذه الدولة ؟!!

في الطرف الاخر من المعادلة, نجد ان العدو الصهيوني ينتهج سياسة فرض الواقع عن طريق بناء المستوطنات, مصادرة الاراضي و المباني, طرد المقدسيّين و استبدالهم بالمستوطنين المتطرفين. و لنفترض ان الدولة المحتلة ستحارب هذا الاعلان, الا ان ما تقوم به على الارض يخلق واقع جديد كل يوم و يغير في حقائق الامور. في المقابل فإن سلطتنا العزيزة تبدي تجاهل فاضح لكل ما يجري من اجل الحصول على اعلان لن يقدم و لن يؤخر في وضع قضيتنا الفلسطينية شيئاً.

لقد كانت و ما زالت القدس الباعث الحقيقي و المحور الاساسي في القضية الفلسطينية, و ها نحن نمر بذكرى ثورة البراق و التي استشهد فيها ما يزيد عن مئة شهيد في سبيل الدفاع عن حائط البراق. وعندما انظر الى حال السلطة الفلسطينية,  اجد انه من العار ان تترك عاصمة دولتنا و حرمها الاسير وحيدة تحارب اعتى و اقوى ترسانة اسلحة في المنطقة بأيدي عارية و صدر مشكوف و صبر كبير. لدينا كنز كبير في القدس هم اهلها المناضلون الصابرون, فلا تتركوهم وحدهم و تجروا وراء سراب زائف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق