الثلاثاء، 16 أغسطس 2011

القدس .. و قصة يوسف عليه السلام في القرن الـ 21



يمر القاريء لكتاب الله الكريم على سورة عظيمة, و كل سوره عظيمة, في الجزء الثاني عشر الا و هي سورة يوسف. هذه السورة التي تروي قصة سيدنا يوسف عليه السلام و صبره على الاذى بشتى انواعه و كيف ان العاقبة دائماً للمتقيّن. و لا يسع المجال هنا للدخول في تفاصيل قصة سيدنا يوسف عليه السلام, و لكني أعرج على جزئية بسيطة و مهمة في هذه القصة. عندما كان اخوة يوسف يحاولون اقناع والدهم يعقوب عليه السلام بالموافقة على اخذ يوسف معهم .. يقول الله تعالى :" قالوا لئن أكله الذئب و نحن عصبة إنا اذاً لخاسرون " [ سورة يوسف, الاية 14]


من يتأمل و يتفكر في هذه الاية يجدها تنطبق على حالنا اليوم .. فها نحن نشاهد الذئب يأكل اخانا و نحن عصبة لا نحرك ساكناً و لا نغيّر اي شيء ... فماذا نكون؟؟ الامة العربية و الاسلامية تشاهد كل يوم هذا الغاصب يهاجم مقدساتنا في القدس و يشرد اهلنا من ارضهم و ديارهم, و لا تجد اي رد فعل حقيقي تجاه هذا العدوان المتواصل منذ 1948 و حتى يومنا هذا .. فهذا هو الخسران بعينه. بالله ماذا نقول لعمر الفاروق و صحابة رسول الله - صلى الله عليه و سلم - الذين بذلوا الغالي و النفيس لتحرير هذه الارض المباركة؟؟! بماذا نتعذر لنور الدين زنكي و صلاح الدين الايوبي الذان اعادا بيت المقدس لحضن الامة و انقذاها من براثن الصليبيين ؟؟!


كلما قرأت و اضطلعت على مخططات الحكومة الصهيونية لتهويد القدس و تهجير اهلها, كلما ادركت اي عدو بربري نواجه .. و اي حمل وديع نحن .. اهكذا تصان الحقوق ؟! لا و الله .. حتى الحمل الوديع يدافع عن نفسه اكثر من ذلك. الطامة الكبرى ان هذا العدوان ليس وليد الامس .. بل هو ممتد منذ سنوات و سنوات دون اي تحرك من الامة للدفاع عن القدس .. بحيث بقي اهلها بأيديهم و صدورهم العارية يواجهون اعتى القوى و اكثرها بطشاً و تدميراً في هذا العالم.


ان الحكومة الصهيونية و بلدية القدس تقومان بخطط ممنهجة من اجل الوصول الى هدفهم بجعل القدس عاصمة يهودية صرفة لاسرائيل على حد زعمهم, تخلوا من اي معالم اخرى غير المعالم اليهودية. و هي تعمل على عدة محاور أهمها:


- تفريغ القدس من سكانها العرب و اسبتدالهم بالمستوطنين
- ازالة كل ما يمت للديانات الاخرى بصلة, سواء المعالم الاسلامية او حتى المسيحية
- السيطرة على الحرم القدسي و تحويله الى مدينة يهودية صرف و اخيراً هدم المسجد الاقصى و بناء هيكلهم المزعوم.


و المراقب لافعال هذه الحكومة يجد انها مع مرور الوقت تصعد من خطواتها من اجل انجاز مخططها, و ما يعيقها الان وجود الانسان الفلسطيني المقدسي و تمسكنه بأرضه و ثباته رغم كل الظروف. فجزء من الانفاق التي تحفرها السلطات الصهيونية تحت المسجد الاقصى و القدس القديمة يهدف الى هدم بيوت المقدسيين و جعلها غير قابلة للسكن .. ففي عام 2008, تعرض 13 منزل في باب العامود, باب الساحة و باب الحديد للتصدع و اصبحت تشكل خطر على ساكنيها بسبب الحفريات الاسرائيلية, و لكنه اهلها رفضوا الرحيل عنها و اثروا البقاء فيها و عدم تركها للصهاينة المستوطنين.


و بعد مرور كل هذه السنوات من الصمت و الكلام الخاوي و الخالي من الافعال, اصبح التعويل على الحكومات العربية و الاسلامية ضرباً من الجنون. و ان كنا نلوم مرة هذه الحكومات, فإننا نلوم السلطة الفلسطينية ألف مرة, فهي متجاهلة لما يدور في القدس ايما تجاهل .. تركض وراء حلم الاعلان عن دولة وهمية و في كل يوم يوجٍد العدو واقع جديد في عاصمتها .. فكيف يستوي ذلك ؟؟!!


في زمن الثورات و تحرك الشعوب, الرهان الناجح الان على الافراد و الجمعيات الخيرية و الناشطة. لا مجال للتراخي او السلبية ... تحرك, شارك في نصرة اهلك في بيت المقدس بأي وسيلة تتاح لك .. و اذكروا حديث حبيبكم المصطفى عليه افضل الصلاة و السلام عندما سئل عن بيت المقدس, فعن ميمونة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله! أفتنا في بيت المقدس؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "أرض المحشر والمنشر"، وفي رواية أبي داود: "ائتوه فصلوا فيه - وكانت البلاد إذ ذاك حربًا– فإن لم تأتوه، فابعثوا بزيت يُسرج في قناديله", أو كما قال صلى الله عليه و سلم.


فهل بعد ذلك عذر لاي منا ؟! ليتحرك كل منا بما يستطيع من أجل دعم اخوتنا المقدسيّين في نضالهم و جهادهم اليومي ضد هذا العضو الصهيوني ... و الا كنا خاسرين


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق