الأحد، 27 نوفمبر 2011

تلة المغاربة .. الان اصبح ترميمها واجباً




حتى ما قبل القرن السادس عشر ميلادي, كان الجماعات اليهودية القليلة تؤدي طقوسها في جبل الزيتون, و لكن و بسبب التسامح الديني الذي انتشر في فترة الخلافة العثمانية مع الاقليات, فقد اخذوا يقيموا صلواتهم عند حائط البراق على ان لا يكون لهم اي ملكية فيه و ان لا يتم وضع اي شيء من الادوات التي يستخدمونها في هذه الطقوس. و قد بقي الحال على ما هو حتى مع بعد الانتداب البريطاني, ففي عام 1925 حاول اليهود وضع الكراسي و الطاولات بجانب الحائط لتحويله الى كنيس مدعين انه جزء من هيكلهم المزعوم و قد ثار المسلمون ضدهم و اقر الانتداب بمنعهم, ثم تكرر الامر في عام 1929 و قامت على اثره ثورة البراق و كانت نتيجة التقرير ان الحائط ملك للمسلمين.



و لذلك و بعد احتلال القدس الشرقية في عام 1967, قامت سلطات الاحتلال بالاستيلاء على الحائط مدعين انه ملك لهم, و ما هي الا ايام حتى قاموا بتدمير و جرف حارة المغاربة بالكامل حيث اقاموا ساحة البراق " او المبكى كما يسمونه زوراً و بهتاناً ", حيث لم يتبقى منها سوى تلة المغاربة و التي يقع عليها طريق باب المغاربة الذي يوصل الى باب المغاربة. و باب المغاربة يقع في الجزء الجنوبي من الجدار الغربي للمسجد الاقصى, و قد كان يستخدم من قبل سكان حارة المغاربة اضافة الى سكان احياء القدس الجنوبية كحي الثوري و سلوان.


لم يقف الامر عند ذلك, فقد صادرت قوات الاحتلال مفاتيح باب المغاربة عنوة و وضعوا الجيش على الباب بحيث اصبحت تسيطر على هذا الباب. ثم شرعت بتنفيذ سلسلة من الحفريات ابتدأت في ساحة البراق المقامة على انقاض حارة المغاربة و امتدت بطول الجدار الغربي للمسجد الاقصى حيث اقيم في بعضها كنس يهودية. و اصبحت تلة المغاربة و طريقها, و هي الاثر الوحيد المتبقي من حي المغاربة, بين كفي كماشة بسبب اعمال التنقيب في المنطقة الغربية من كلا الجانبين.


و تلة المغاربة تتكون من جزئين, الاول يتكون من بقايا التدمير الذي حدث في عام 1967 و ما تبعها من اعمال تنقيب و الجزء الثاني و هو العلوي يعود تاريخه الى الفترة الايويبية, و هناك تقديرات تشير الى انه يعود الى فترات سابقة. كما اسلفنا, عملت اعمال التنقيب على قضم هذه التلة و زعزعة استقرارها بحيث اصبحت بنيتها ضعيفة, مما ادى الى انهيار جزء منها بمساحة 100 متر في 15/2/2004. و بدلاً من ترميم التلة بالشكل المناسب, قامت سلطات الاحتلال بإزالة الاتربة و ما تساقط من الجدار, و قررت هدم التلة كلها بحجة انها تشكل خطر على السلامة العامة.


و بسبب الاحتجاجات الفلسطينية و الاسلامية قامت سلطات الاحتلال بتأجيل القرار و اقامت جسر خشبي مؤقت في عام 2005. و قد افصحت عن مخطط ازالة التلة بعد ذلك و بناء حسر جديد يبلغ طوله 137 متر بحيث يبدأ من منطقة الاثار المكتشفة عند السور الجنوبي بحيث يغير الواقع و يشكل انتهاك صريح للاثار و المقدسات الاسلامية الموجودة في القدس و المسجد الاقصى. و في تاريخ 6/2/2007 بدأت اعمال ازالة تلة المغاربة. و من الجدير بالذكر ان انهيار جزء من تلة المغاربة في 2004 كشف عن وجود جامع بمحراب يعود للفترة الايوبية و قد تكتمت سلطات الاحتلال على هذا الاكتشاف.


و في نفس الشهر من عام 2007 اقر رئيس بلدية القدس بتجميد قرار ازالة التلة و اتاحة الموضوع الى الجمهور من اجل الاطلاع على المشروع و الاعتراض عليه. و قبل عدة اسابيع, اعادة بلدية القدس فتح الموضوع حيث طالب مهندسوها هدم التلة خلال 30 يوم بنفس الحجة الا و هي انها تشكل خطر على السلامة العامة.


و لكن لماذا يريد العدو الصهيوني هدم هذه التلة ؟!


بداية هذه العديد من قادة و حاخامات الصهاينة اليهود يعتبرون الابقاء على هذه التلة في عام 1967 خطأ استراتيجي, فهي تقف حجر عثرة في طريق مخططاتهم. فهم يريدون الان طمس اي اثر له صلة بتلة المغاربة التي ازالوها و حولها الى اثر بعد عين, كما انهم يريدون طمس الاثار الايوبية و الاموية الموجودة في هذه التلة. كما انهم يريدون اقامة جسر طويل يساعد سلطات الاحتلال و قطعان المستوطنين على اقتحام المسجد الاقصى بشكل سريع و مباشر. اضافة الى ان ازالة التلة بالكامل جزء من مشروع زاموش الذي يهدف الى توسيع ساحة البراق و طمس المعالم الاسلامية في المدينة.


و قد يتسآل .. لماذا نريد الحفاظ على هذه التلة ؟!


بداية تلة المغاربة الجزء الوحيد الذي بقي شاهداً على حارة المغاربة التي طمسها الاحتلال, كما انها ملتصقة بالمسجد الاقصى و عليها الطريق المؤدي للمسجد الاقصى و بالتالي فهي جزء اصيل منه. اضافة الى ذلك, فإن هذه التلة تدعم اساسات المسجد الاقصى من الجهة الغربية و ازلتها ستؤدي الى زعزعة استقرار اساسات المسجد الاقصى خصوصاً مع الحفريات الصهيونية المستمرة. كما ان هذه التلة تحتوي على اثار اسلامية لا يجوز المساس بها او طمس معالمها. و لا يخفى علينا ان هذه الارض هي ارض وقف اسلامي و تصرف سلطات الاحتلال بها يعني فرض سيادتها على الاوقاف الاسلامية اضافة الى تغيير و طمس المعالم و اخفاء اثارنا الاسلامية الراسخة في القدس.


ما هي خطوتنا القادمة؟!


في عام 2007 اصدرت لجنة من اليونسكو تقرير يدعو سلطات الاحتلال لوقف الحفريات و عمليات هدم التلة بل و يطالبها بترميم تلة المغاربة و اعادتها سيرتها الاولى. و بما ان فلسطين الان عضو في اليونسكو فعلى السلطة بالتعاون مع الاردن و التي تقع مسؤولية حماية المقدسات الاسلامية في القدس على عاتقها, التوجه بشكل مباشر الى اليونيسكو و الحصول على قرار ملزم بوقف عمليات الحفر و هدم تلة المغاربة.


ثانياً, يجب على الاوقاف الاردنية ترميم تلة المغاربة و ازالة الجسر المؤقت و اعادة طريق المغاربة بالشكل المعروف و السابق. لان هذا هو الحل الامثل و الافضل و بذلك نحافظ على تلة المغاربة و نثبت جزء اساسي من مقدساتنا في المدينة. كما اننا نؤكد سيطرتنا على المقدسات الاسلامية و نوجه ضربة قوية لمخططات العدو الصهيوني في طمس معالم المنطقة و توسيع ساحة البراق.


هل انتهت مهمتنا في حال جمّد الهدم ؟! 


على ضوء المسيرات الحاشدة التي حدثت في الاردن و مصر من المتوقع ان يقرر العدو تأجيل قرار هدم تلة المغاربة و هذا ما تؤكده الاخبار الاولية الصادرة عن هآرتس هذا اليوم. و ان صحت هذه الاخبار, فإنها ستكون عبارة عن تخدير لهذه الحملة القوية التي ترغب في نصرة المسجد الاقصى كما حصل في عام 2007. و لذلك يجب علينا ان نستمر في عملنا و خططنا لترميم تلة المغاربة لتأكيد حقنا و لقطع الطريق امام سلطات الاحتلال, و لنا في افتتاح المصلى المرواني خير مثال.


إن نصرة المسجد الاقصى ليست هبة يوم و تنتهي, بل يجب ان تكون عبارة عن سلسلة من الخطوات التي تنعكس على ارض الواقع, و بالتالي فإن ترميم تلة المغاربة عبارة عن خطوة مهمة من ضمن خطوات يجب القيام بها لنصرة المسجد الاقصى. إن اي قرار من قبل سلطات العدو لتأجيل الهدم سيكون عبارة عن خطة من أجل تجاوز هذه الحملة القوية لنصرة المسجد الاقصى, و لذلك يجب .. يجب .. يجب الاستمرار في عملنا و ترميم التلة في اقرب وقت حتى نحقق خطوة استباقية مهمة في نصرتنا للمسجد الاقصى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق