الاثنين، 7 نوفمبر 2011

الى صائب عريقات ... مع عدم الاحترام





قررت السلطة الفلسطينية التوجه الى الامم المتحدة و مجلس الامن من أجل الحصول على اعتراف بالدولة الفلسطينية و بدأت المعزوفات بإستحقاق ايلول تنطلق و تخون كل من يشكك في نجاعة هذا الخيار. و ذهب ابو مازن و قدم خطاب في الجمعية العامة للامم المتحدة تحدث فيه عن القدس و انها عاصمة الدولة الفلسطينية. انتهى الخطاب, صفق الحضور و بدأت الاعراس ... فما كان من القدس الى ان دفعت الفاتورة كاملة, من خلال تعرض المسجد الاقصى و المقدسيّون لاصناف و انواع التضييق و التهديد بشكل مضاعف.


و تواصلت سلسلة حلقات التهويد في القدس من خلال استمرار بناء المغتصبات المسماة  بمستوطنات الطوق و الهادفة الى فصل القدس عن الضفة الغربية و خنقها و جعلها ذات طابع يهودي بحت. و اليوم خرج علينا نتنياهو مجدداً بتصريح يؤكد فيه ان البناء في القدس هو افضل وسيلة لتقوية الاستيطان, و هذا الموقف ليس مستغرب من هذا المجرم الذي لطالما صرّح بذلك. و لكن الغريب ما خرج به علينا صائب عريقات رداً على تصريحات نتنياهو .." استمرار اسرائيل بالاستيطان في القدس يعني بأنها تريد تدمير عملية التسوية " ؟!!! هل هكذا يدافع المسؤولون عن عاصمة دولتهم ؟!! 


عن اي عملية تسوية تتكلم يا عريقات .. الا يكفي انكم تنازلتم عن القدس الغربية و وهبتوها لليهود .. و ما زلتم تلهثون وراء سراب التسوية؟! و الله لم تقدروا القدس و لم تعرفوا قدرها, فمن يعرف قدر القدس لا يعاملها كما تعاملوها. و لن اتحدث هنا كيف عامل الفاتحون و خلفاء الامة و سلاطينها القدس , فالمقارنة مجحفة جداً بحقهم. و لكن دعني اسرد لك كيف يعامل الصهاينة المغتصبون القدس و كيف يقدرونها:


لقد جعل هيرتزل القدس الحلم الذي دغدغ به اليهود في كل ارجاء العالم و قاموا بنشر اكذوبة الهيكل لربط عودتهم للقدس بعقيدة تغذي هذه الحركة, و قد اطلقها مدوية قبل حتى قيام الكيان الصهيوني " إن قدر لنا ان نمتلك القدس و انا على قيد الحياة و كنت قادراً على فعل شيء, فسوف ادمر كل ما هو مقدس عند غير اليهود فيها". بهذه العقلية بني المشروع الصهيوني, امتلاك القدس و ازالة اي شيء لا يمت لهم بصلة من اجل تحويلها الى مدينة يهودية خالصة. و بعد قيام الكيان الصهيوني و احتلال 80% من مساحة القدس, صرح حاييم وايزمن " لم يكن بوسع اليهود خلال الاف السنين الماضية نسيان القدس فكيف ينسونها الان, لا يمكن لاحد ان يصدق انه في الوقت الذي يعيد فيه اليهود بناء دولتهم يقتطع منها العاصمة التاريخية القلب النابض".


و بعد حدوث النكبة, صرح بن غوريون أن الحرب من اجل القدس هي حرب من اجل البلاد, اذا كسبناها كسبنا الحرب, و بهذه العقلية دخل العدو حرب الـ 67, فبمجرد انتهاء الحرب, تم هدم حارة المغاربة و جرف جيب اللطرون و تدمير عدد من قرى القدس, اضافة مصادرة كل من حارة الشرف, السلسلة و الباشورة. كما اصدر الكنيست قرار ضم القدس الى الكيان الصهيوني. و لبن غوريون تصريح يوضح و يلخص نظرة الصهاينة للقدس حيث يقول :" لدولة اسرائيل كانت و ستبقى عاصمة واحدة فقط, هي القدس الخالدة, هكذا كان الامر قبل 3000 سنة و هكذا سيبقى حتى نهاية الاجيال"


و هذا التصريح لا يشكل موقف فردي بل هو محل اجماع عند المجمتع الصهيوني بشكل كامل .. ففي عام 1972 اظهرت نتائج استطلاع اجري في المجتمع الاسرائيلي بين ان 1% من الذين شملهم الاستطلاع يوافقون على عودة القدس الشرقية الى العرب. و في عام 1982 اظهر استطلاع اخر ان 10% يؤيدون انسحاب قوات الاحتلال من الضفة الغربية دون القدس.


و الوضع استمر على نفس المنهج بعد اتفاقية اوسلو, فقد صرح رابين فور فوزه بالانتخابات " إن القدس الموحدة تحت السيادة الاسرائيلية ستبىقى تحت السيادة الاسرائيلية ستبقى عاصمتنا للابد, و هي بمثابة الروح و القلب للشعب اليهودي". في حين صرح بيريز في عام 1996 " إن القدس الموحدة ستبقى عاصمة اسرائيل و للابد ". اما نتنياهو فكان واضحاً منذ فترة رئاسته الاولى " ليس هناك حل وسط في القدس", كما ذكر في كتابه مكان تحت الشمس " لا يجب ان نطلب من اسرائيل التفاوض حول اي جزء من القدس, و لا بأي ظرف من الظروف مثلما لا يجب ان نطلب من الامريكيين التفاوض على واشنطن و من الانجليز التفاوض حول لندن و من الفرنسيين التفاوض على باريس".


أما المجرم شارون فقال " إن المدرعات التي تعتبر رأس حربة الجيش الاسرائيلي ستكفل بأن يبقى الطريق الى القدس مفتوحاً, و ستكفل بأن تبقى القدس عاصمة اسرائيل الابدية". و لم تكن هذه التصريحات كلام فارغ يقال في الهواء, بل ان كل كلمة كانت تترجم على واقع الارض, فكل حكومة تأتي تقوم بمضاعفة مجهودات بناء المستوطنات و تهويد القدس. إن القدس هي الامر الوحيد الذي يجمع عليه كافة الصهاينة و هذا ما صرح به كتساف حين قال" القدس الموحدة تحت السيادة الاسرائيلية مسألة لا ينقسم عليها الاسرائيليون الى قسمان"


للاسف هكذا يعامل المحتلون القدس .. هم يتعاملون معها من منطلق عقدي خالص و يصرون على التأكيد عليه مراراً و تكراراً .. في الوقت الذي تقوم به السلطة الفلسطينية بالتنصل من التعامل مع العدو من منطلق اسلامي صحيح .. فالقدس كل القدس .. لها في ديننا مكانة عالية جداً, كيف لا و فيها المسجد الاقصى المبارك .. و هي ارض وقف لكل المسلمين .. فكيف نتخلى عن جزء منها ؟؟!!


و بدلاً من التعامل مع القضية بشكلها الواسع .. بدلاً من ان ندافع عن المقدسيّن في القدس الذين يتعرضون لشتى انواع التضييق ... بدلاً من الدفاع عن عاصمة دولة فلسطين .. يصرح عريقات ان تصريحات نتنياهو تنسف عملية التسوية  .. عن اي تسوية تتحدث ؟؟!! تترك القدس و اهلها و المسجد الاقصى و تتكلم عن التسوية ؟؟! ماذا جلبت لنا هذه التسوية ؟!



إن هذه السلطة و مسؤوليها لا يقدرون القدس و لا يعرفون قيمتها .. و من لا يعرف القدس ليس أهلاً بالحديث عن اي شيء يخص فلسطين .. فإلى صائب عريقات ... ان تكون مسؤولاً و ان لا تقدر القدس فهذه جريمة بحق الامة الاسلامية .. يكفيكم بيعاً لها و تجارة فيها .. لا نريد تسويتكم و لا نريد ان نسمع تصريحاتكم .. و القدس تلفظكم و تأبى ان تتحكموا فيها .. على الاقل تعلموا ممن تصافحوهم ليل نهار كيف تقدر القدس ... آن ان ترحلوا عنا .... و هذه الرسالة الى صائب عريقات .. مع عدم الاحترام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق