السبت، 12 نوفمبر 2011

500 يوم يجسدون شعار .. باقون في قدسنا




لانها القدس .. عنوان الصراع و محوره الاساس ... عملت قوات الاحتلال على فرض كافة اشكال التضييق و التهويد لتحويلها لعاصمة ابدية لدولتهم السرطانية. و لكنهم اصطدموا بعامل الانسان المقدسيّ الذي وقف في وجه مخططاتهم بكل صمود, مما جعلهم يوجهون مخططاتهم بشكل مكثف نحو تهجير المقدسيّين و طردهم خارج القدس, سواء بإرادتهم من خلال التضييق عليهم او عن طريق تهجيرهم قسراً عن المدينة باستخدام قوانين فصلت خصيصاً لهم, لم يسبق للعالم ان سمع بها.



و حيث ان الانسان المقدسيّ يشكل صمام امان للحفاظ على هوية القدس الاسلامية و يقف حجر عثرة في وجه مخططات التهويد, فقد عمل الاحتلال الصهيوني على استهداف رموز المقدسيّين سواء بالاعتقال, التصفية الجسدية او الابعاد عن المدينة من أجل تفريغ المدينة من رموزها السياسية و الفكرية و حتى يكونوا مثال حي لكل من يعمل على مقاومة سلطات الاحتلال بأي شكل بحيث يتحول المقدسيّيون الى شعب مسالم يسهل التعامل معه و بالتالي طمس معالم المدينة و تغيير تركيبتها الديموغرافية بشكل سلس و في النهاية يتم التخلص من العقبة الاساسية في تهويد المدينة. الا ان المقدسيّون كانوا و ما زالوا عنواناً للصمود و المقاومة, فهم يسطرون ملاحم الصمود في كل يوم على الرغم من اشكال التضييق التي يمارسها العدو الصهيوني عليهم.


في عام 2006 ترشح كل من أحمد عطون, محمد طوطح و محمد ابو الطير ضمن قائمة التغيير و الاصلاح لتمثيل الشعب الفلسطيني في المجلس التشريعي و الحكومة الفلسيطينية, و بعد فوزهم بالانتخابات التشريعية و تشكيل الحكومة الفلسطينية و التي ضمن خالد ابو عرفة وزيراً فيها, قامت سلطات الاحتلال في بتاريخ 29/6/2006 بإعتقال النواب المقدسيّين و الوزير ابو عرفة ضمن سلسلة اعتقالات شملت 64 نائب و وزير و رئيس بلدية. و لقد استمرت فترة اعتقالهم قرابة الـ 3 اعوام و نصف حيث تم اطلاق سراحهم بعد ذلك.


و لكن هذا الافراج لم يكن نهاية القصة, بل بداية لصفحة جديدة من معاناة المقدسيّين نعيش احداثه حتى يومنا هذا. فبعد الافراج عن النواب المقدسيّين و الوزير السابق, قامت سلطات الاحتلال بتسليمهم قرارت تقضي بإبعادهم عن القدس خلال 30 يوم بحجة ولائهم لغير سلطات الاحتلال. ثم تم اعتقال النائب محمد أبو طير مما دفع بالنائبين طوطح و عطون مع الوزير السابق ابو عرفة بالتوجه الى مقر الصليب الاحمر في حي الشيخ جراح للاعتصام به رافضين قرار سلطان الاحتلال و مصريّن على البقاء في القدس مهما كانت الظروف حيث بدأ اعتصامهم في1/7/2010


لقد اصبح مقر الصليب الاحمر رمزاً لصمود النواب و الوزير يستلهم منه اهل القدس صمودهم و ثباتهم في القدس, و اصبح المقر محجاً للوفود الدولية المتضامنة معهم, حيث زارهم ايضاً عدد من سفراء دول عديدة كسفير تركيا و سفير جنوب افريقيا. و اظهر اهلنا في الداخل الفلسطيني دعمهم المتواصل لهذا الاعتصام فتواصلت الوفود من جميع قرى و مدن الداخل و كان على رأسهم الشيخ رائد صلاح. لقد حول نواب القدس و الوزير السابق هذا الاعتصام الى رمز حي على صمود المقدسيّين في ارضهم و مدينتهم رغم كل الظروف مما قهر قوات الاحتلال بشكل واضح و عملي.


قامت قوات الاحتلال بإبعاد النائب المقدسيّ محمد أبو طير عن القدس الى رام الله, فسكن النائب في اقرب قرية من قرى رام الله الى القدس, ثم قامت قوات الاحتلال و بحجة تشكيله خطر على امن الكيان الصهيوني باعتقاله من جديد حتى يومنا هذا. و في تاريخ 26/9/2011 قامت فرقة من قوات المستعربين بإختطاف النائب احمد عطون من قلب مقر الصليب الاحمر في سابقة جديدة يقوم بها العدو الصهيوني لم يعهدها العالم من قبل, حيث كاد هذا الخطف ان يودي بحياة النائب عطون غير ان الله سلّم. و قد عرض النائب عطون على المحكمة بعد فترة من اختطافه ليوقع على اقرار بإبعاده عن القدس لكنه رفض, و ما يزال النائب عطون مختطفاً حتى يومنا هذا.


و اليوم يصل اعتصام النواب و الوزير السابق الى يومه الـ 500 .. رحلة طويلة من الصمود و التحدي شابها العديد من الاحداث العاصفة, و على الرغم من اعتقال و ابعاد النائب ابو الطير و اختطاف النائب عطون, الا ان النائب طوطح و الوزير السابق ابو عرفة مصرون على اتمام المسير مؤكدون على عزمهم مواصلة ما بدؤوه حتى ينتصروا للقدس و المقدسيّين و يكسروا هجمية الاحتلال. إن هذا الصمود القوي و المتواصل و الذي يشكل صورة رائعة مشرقة في القدس, يقابله تخاذل و ضعف متواصل و الذي يشكل صورة مخزية  للسلطة و العالم العربي و الاسلامي.


500 يوم من الصمت و التخاذل و عدم التحرك من قبل السلطة الفلسطينة و العالمين العربي و الاسلامي تجاه قضية انسانية عادلة بكل الصور و المقاييس. كيف للسلطة الفلسطينية ان تتخلى عن نواب في مجلسها التشريعي و وزير سابق في حكوتها بهذا الشكل الغريب و كأنهم لا يعنونها بشيء. و الامر نفسه ينطبق على امتنا العربية و الاسلامية فحين ينتقص العدو من شرعيتنا الا يجب ان نقابله بالتحرك على جميع الصعد الدولية ؟؟!! إن هذا الصمت لهو صورة جديدة من صور تنكر السلطة الفلسطينية و العالمين العربي و الاسلامي للقدس و أهلها ... فمتى تنصف القدس و متى ينصف المقدسيّون ؟!


إن ملحمة اعتصام النواب المقدسيّين تسطر في تاريخ الشعوب و الامم .. و قد سمعنا العديد يردد شعارات رنانة .. الا ان نواب القدس و وزيرها السابق يجسدون شعارهم " باقون في قدسنا " بشكل فعلي في كل يوم يمر عليهم ... يشكلون شعلة صمود في القدس .. و راية عزة تلهم اهل القدس و تعزز صمودهم فيها. إن أهل القدس بصمودهم المستمر لا يتركون لاي منا اي عذر نشرح فيه تخاذلنا في نصرتهم ... فهم يسطرون في كل يوم اروع صور الصمود رغم كل التضييق الواقع عليهم ... فمتى نقتدي بهم .. متى نتعلم منهم ؟؟! و الى متى يبقى هذا الصمت يمثلنا ؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق