الخميس، 12 يناير 2012

اذا كانت هذه ردة فعلنا .. فلنتوقع الاسوء




منذ سنوات عديدة اتخذت سلطات العدو سياسة بالون الاختبار منهج في سياساتها التهويدية فيما يتعلق بالقدس و المسجد الاقصى, حيث تقوم بتنفيذ العمل بشكل بسيط كبالون اختبار و تنتظر ردة فعل الامة العربية و الاسلامية و على ضوء ردة الفعل تتحرك اما بالمضي قدماً بتنفيذ المخطط بحجمه الكبير و الحقيقي او بتعليقه او التراجع عنه. و المتابع لقضية القدس و المسجد الاقصى يجد ان في اغلب الاحيان كانت ردة الفعل شبه معدومة و كانت مقتصرة على اهالي القدس و فلسطين ممن استطاع الوصول الى بيت المقدس.



قبل قرابة اسبوع قامت ما يسمى بالمرجعية الدينية في جيش الاحتلال بتوزيع صور على الجنود الصهاينة للمسجد الاقصى " الهيكل كما يزعمون" و قد ازالوا قبة الصخرة من الصورة. في رسالة يوجهونها لجنودهم و قطعان مستوطنيهم ان هيكلهم المزعوم لن يعود الا اذا هدمت قبة الصخرة المشرفة, هذا الرمز الاسلامي الشامخ في قلب المسجد الاقصى المبارك. خرجت الاصوات المنددة في العالم الاسلامي من هنا و هناك, الا ان الشعب للاسف لم يعر هذا الحدث الخطير الاهتمام الكافي و تجاهلوا الاشارة الواضحة.


و يبدو ان هذه الصورة كانت بالون اختبار نتائجه كانت ايجابية من وجهة نظر الكيان الصهيوني, الا انه ليس بالاختبار الكافي بالنسبة لهم فكان لا بد من القيام باختبار اخر اكبر اثراً من اجل اخذ صورة مناسبة عن ردة الفعل في الامة الاسلامية. قامت سلطات الاحتلال بالسماح لعدد من جنود الاحتلال ,وصل عددهم الى 10 جنود, بتدنيس المسجد الاقصى مرتدين الزي العسكري للمرة الاولى منذ عشر سنوات. و لنعرف عمق هذه الرسالة و هذا الاختبار فيجب الاشارة الى ان هؤلاء الجنود يتبعون لفرقة المظليين و هي اول فرقة اقتحمت المسجد الاقصى في عام 1967 و رفعة علم الكيان الصهيوني فوق قبة الصخرة.


و للاسف فإن هذا الاختبار كانت نتائجه كارثية بالنسبة للامة الاسلامية و مبهرة بالنسبة للكيان الصهيوني, فلقد كانت ردة الفعل اقل من تلك التي حدثت عقب نشر صورة المسجد الاقصى  و حذف قبة الصخرة منها. و كأن الامر لا يتعلق بمسرى رسولنا الكريم عليه افضل الصلاة و اتم التسليم و لا يتعلق بقبلة المسلمين الاولى. صمت مطبق و تجاهل غير مبرر لحدث كبير .. ان يدنس بيت من بيوت الله و اي بيت .. انه المسجد الاقصى الذي ذكره الله في قرآنه الكريم و بارك حوله .. انه ثاني مسجد بني في الارض ... انه توأم المسجد الحرام.


و لان ردة الفعل كانت معدومة, قام اليوم 15 جندي صهيوني بتدنيس المسجد الاقصى مرتدين الزي العسكري متحدين الامة الاسلامية كلها .. ها نحن ندنس اقصاكم امام اعينكم فماذا انتم فاعلون ؟! ان هذه الخطوة خطيرة جداً لان هذا التدنيس اذا استمر قد يكون مقدمة لتواجد متواصل لجيش الاحتلال في المسجد الاقصى مما يعني خطوة متقدمة من اجل تقسيم المسجد الاقصى ليتحول جزء منه الى كنيس يدخله المستوطنون بكثافة و يؤدون فيه صلواتهم و يقومون برتديد ترانيمهم, كما حدث مع في الحرم الابراهيمي.


و نحن هنا لا نهول الامور او نضخمها, فهناك امور تحاك و تخطط في الخفاء تهدد المسجد الاقصى, فبالاضافة لما ذكرناه فإن قوات الاحتلال قامت بتركيب عدد كبير من كاميرات المراقبة في المسجد الاقصى و محيطه, مما يعني انهم يراقبون كل صغيرة و كبيرة تدور في المسجد الاقصى و يفرضون سيطرتهم على المسجد الاقصى بشكل عملي. و قبل سويعات قليلة شارك 90 جندي من فرقة المظليين في مسيرة استفزازية في الحي الاسلامي في البلدة القديمة, و قد قال رئيس جمعية عطريت كوهانيم الاستيطانية مخاطباً هؤلاء الجنود قائلاً “منحتمونا قوة جديدة، ولن نسمح بوصول جنود إلى حائط البراق من دون أن نعانقهم في البلدة القديمة، وعزاؤنا هو ببناء القدس وببناء الجيش الإسرائيلي”.


و في وجه هذه الاعتداءات الصريحة, يقف المقدسيّون و اهلنا في فلسطين الداخل صامدين مجددين للعهد مع المسجد الاقصى فقد تم تخريج طلبة مصاطب العلم في المسجد الاقصى معاهدين قبلة المسلمين الاولى بذل الغالي و الرخيص في سبيل الدفاع عنه و هم اهل الرباط و الصمود, و لكن لا يكلف الله نفساً الا وسعها و الهجمة الصهيونية شرسة على القدس, بين تدنيس للمسجد الاقصى و مصادرة لاراضي المقدسيّين و تهويد للمدينة و ابعاد لاهلنا في القدس .. لا يمكن ان نطالب اهل القدس بأي شيء اضافي لانهم يقومون بما يجب ان يقوم به امة الاسلام كاملة.


ان حالنا في نصرة القدس اليوم ينطبق عليه قول الشاعر:


ناديت يا جفرا الربع ما جابوا ردوا ... شدي على اطراف الجرح الله معك وحده


و ان ردة فعلنا المتخاذلة هي الدافع الحقيقي لسلطات الاحتلال للمضي قدماً في تدنيس المسجد الاقصى و تهويد القدس, و قد شاهدنا انه بمجرد تحرك الامة جماهيرياً بشكل جيد تم ايقاف قرار هدم تلة المغاربة. و لكن بما ان ردة فعلنا عبارة عن هبة انتهت مع مضي الوقت و اذا استمر صمتنا ازاء ما يحصل في المسجد الاقصى فعلينا ان نتوقع الاسوء. لانه مقابل كل صمت و تخاذل منا, هناك تطاول و تعدي و تدنيس جديد يتعرض له المسجد الاقصى من قبل سلطات الاحتلال.


و ان اردنا الذود عن المسجد الاقصى و نصرته, فأن التحرك ازاء هذه الافعال الحقيرة من سلطات الاحتلال اول خطوة في ردعهم و وضع حد لهم. و نحن بتخاذلنا هذا نرتكب الاثم العظيم الذي سيحاسبنا عليه رب العباد, فنحن نضيع الامانة و نفرط في مقدساتنا بل نحن نشجع الصهاينة للمضي قدماً في طغيانهم و عدوانهم ... و تذكر انه في كل تخاذل و صمت من كل فرد منا .. نحن نشجع مستوطن او جندي صهيوني للقيام بتدنيس جديد في المسجد الاقصى .. أفترضى ان تساهم في تدنيس المسجد الاقصى ؟!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق