الأحد، 8 يناير 2012

في القدس تنقلب الموازين .. و يبقى المقدسيّ ثابتاً




اصدر اليوم مركز القدس للحقوق الاجتماعية و الاقتصادية بياناً يحذر فيه من نية ما يسمى ببلدية القدس اقامة نصب تذكاري للمهاتما غاندي في حي جبل المكبر جنوب البلدة القديمة في القدس. ان تقوم هذا الكيان الفاشي, المغتصب, المحتل بعمل نصب تذكاري لانسان عرف بثورته السلمية ضد الظلم و الاضطهاد و طالب بالاستقلال و الحرية امر غريب جداً, الا ان المضحك المبكي ان هذا النصب سيقام على ارض مصادرة تعود ملكيتها للمقدسيّين قامت سلطات الاحتلال بوضع اليد عليها زوراً و ظلماً و بهتناناً.



التناقض يتجلى بأبشع صوره, ان يقام نصب تذكاري لرجل يعتبر رمز للاستقلال و النضال على ارض مغتصبة !!! الا ان هذه الحادثة ليست فريدة من نوعها, بل هي الحادثة الثانية من نوعها و دائماً القدس مسرح هذا التناقض. فقد قامت سلطات الاحتلال بإقرار مشروع عرف بإسم متحف التسامح بالتعاون مع مركز سيمون فيزنتال, و هو مركز مقره في الولايات المتحدة الامريكية يهدف الى احياء قضية محرقة اليهود و الدفاع عن اليهود و ارثهم و تراثهم في كل مناطق العالم. الكارثة الكبرى ان هذا المتحف سيقام على اراضي مقبرة مأمن الله, اكبر و اقدم مقبرة اسلامية في القدس ... تنبش القبور و تسلب الارض و الاقاف الاسلامية بإسم التسامح .. فأي تسامح هذا؟!!


و ما قدمناه ليس الا نقطة من بحر التناقضات و انقلاب الموازين في كل ما يتعلق بالقدس. ففي القدس فقط, يقوم صاحب البيت بهدم جزء من منزله بيده .. نعم بيده, لانه في حال قامت قوات الاحتلال بهدم هذا الجزء بحجة انه مخالف لشروط البناء التي وضعتها بلدية القدس او انه غير مرخص, فإنها ستغرمه ايضاً تكاليف الهدم !! في القدس يطرد صاحب البيت و يسكن في خيمة مرابطاً في ارضه بينما يسكن مستوطنون اتوا من غياهب المجهول مكانه. في القدس .. تصل ضريبة المسقفات او ما يعرف بالارنونا لنسبة تقارب الـ 65% من دخل المقدسيّ في بعض الاحيان.


في القدس لا يحمل المقدسيّ اي جنسية حقيقية, فهو يعتبر مقيم بنظر الاحتلال الصهيوني, يحمل هوية مقدسيّة و وثيقة سفر فقط, و يحمل جواز اردني مؤقت دون رقم وطني ( للتعرف اكثر على هذا الموضوع ننصح بقراءة هل يكون عام 2012 عام "الربيع المقدسي" bit.ly/yw0QWm‏ ). و في القدس ايضاً, يمنع المقدسيّين من سكان مخيم شعفاط و غيرها من المناطق من دخول مدينة  القدس فقط لان الجندي الواقف على حاجز شعفاط لا يرغب في ذلك !! في القدس ايضاً, طفولة الاطفال لها خصوصية كبيرة, فالاطفال القصّر يعتقلون و يقضون ليالي عديدة في السجن او يدهسون بسيارات المستوطنين لغاية التسلية !!!!


في القدس فقط, يمنع المصليّن من دخول المسجد الاقصى و تغلق ابواب الاقصى في وجوههم, في حين تشرع الابواب امام السياح الاجانب ليشاهدوا المسجد الاقصى و يتجولوا فيه و يلتقطوا الصور دون مراعاة لحرمة المسجد او احترام لمشاعر المسلمين. في القدس فقط, يقوم جيش الاحتلال بحماية قطعان المستوطنين اثناء اجتياحهم للمسجد الاقصى و تدنيسه, في حين يتم اعتقال المصليّن في المسجد الاقصى بتهمة مقابلة هؤلاء المعتدن بالتكبير و ذكر الله !!!


و انقلاب الموازين حول القدس ليس مقتصر فقط بالامثلة البسيطة التي ذكرناها, بل انه ممتد لكل ما يتعلق بها. فالامة الاسلامية تقرأ كل يوم عديد الايات التي يذكر فيها الاقصى و بيت المقدس صراحة او بالمعنى و لا يمرون على هذه الايات مرور الكرام, دون ان يهتموا بهذا المسجد او بأهل القدس. يتفنن المسلمون بالتعبير عن حبهم و عشقهم لرسول الله - عليه الصلاة و السلام - ثم يفرطون بمسراه و قبلته الاولى. 


في القدس, يعتقل النواب المقدسيّين, يطاردون, يختطفون و يبعدون خارج المدينة, فقط لانهم قاموا بما قام به غاندي !!!. و القدس هي تلك عاصمة لدولة غير التي تعرفها؟!! نعم هي عاصمة دولة فلسطينية على حدود 67 التي يتغنى بها عباس على المنابر ثم ما يلبث ان ينساها و يأمر رجاله بالهرولة نحو مفاوضات مع العدو الصهيوني متجاهلاً لكل ما يجري من تهويد في عاصمة اختارها و نبذته .. نعم فالقدس بطهرها و بركة ارضها تأبى ان تتنازل عن ذرة تراب من فلسطين كاملة .. 


ان التناقضات المتعلقة بالقدس .. و انقلاب الموازين الحاصل و المرتبط بما يجري فيها .. يقابله حقيقتان ثابتتان لا تتغيران مهما طال الزمن .. اولاهما, ان المقدسيّ قد حسم خياره منذ اليوم الاول لاحتلال القدس و فلسطين بالثبات في القدس و الصمود في وجه التهويد و تعهد على نفسه ان يبقى طول العمر المدافع الاول عن المسجد الاقصى .. و ثانيهما, ان القدس ستتحرر و تعود لحاضرة الامة الاسلامية عزيزة شامخة, بوعد من الله عز و جل .. و لكل واحد منا الخيار .. اما ان تعمل على تحقيق هذا النصر فتسجل في صفوف المجاهدين المحررين .. او ان تتخاذل و و ينتهي بك الحال الى هامش الحياة و التاريخ


و لكل من يشكك في جدوى العمل على نصرة المسجد الاقصى و القدس ندعوه الى التأمل في صمود المقدسيّين و تعلم ابجديات النضال و الصمود منهم .. عندها سيعلم علم اليقين ان هذا الصمود و الاصرار و التوكل على الله سيثمر النصر لا محالة ..و قريباً جداً بإذن الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق