السبت، 31 ديسمبر 2011

كل عام و نحن الى المسجد الاقصى اقرب





على بعد سويعات قليلة من انتهاء عام 2011 و بدء العام الجديد بتوقيت القدس الشريف, تتفاوت نظرة العالم الى هذا العام. و ان كانت الامة العربية سطرت فصل جديد في تاريخها عندما انتفضت شعوبها و قامت بإقتلاع عدد من كبار طغاتها عن كراسي الحكم بقوة الشعب, فإن هذا العام مر ثقيلاً على المسجد الاقصى و القدس الشريف. و مع كل يوم تزداد ضراوة و شراسة حرب التهويد التي تشنها سلطات الاحتلال على بيت المقدس و المقدسيّين من اجل تغيير معالم المدينة و جعلها يهودية صهيوينة المعالم.



فعلى صعيد مصادرة الاراضي, شهد هذا العام تركيز واضح من قبل بلدية القدس على تحقيق هدف يتمثل في سلب اكبر مساحة ممكن من الاراضي التابعة للمقدسيّين تمهيداً لاقامة مشاريع تهويدية تساهم في تغيير معالم المدينة. و يبلغ ما تم مصادرته من الاراضي 3158 دونم تعود ملكيتها جميعاً للمقدسيّين و يحملون اثباتات على ملكيتهم القانونية لها, و تنوعت هذه الاراضي المصادرة في مختلف احياء القدس الشرقية, مما يدل بكل وضوح ان الاحتلال يعمل على تهويد المدينة بالكامل. و في نفس السياق, قامت قوات الاحتلال و قطعان المستوطنين بتدمير و حرق الاشجار و خصوصاً خلال موسم الزيتون. فقد بلغ عدد الاشجار التي تعرضت للاعتداء 1098 شجرة, تم تدمير 880 منها بالكامل.


و ضمن سياسة التضييق على المقدسيّين, قامت سلطات الاحتلال بهدم 41 مسكن و 56 منشأة, فيما تم تهديد 134 مسكن بالهدم و 17 منشأة بالازالة بشكل كامل. فيما تواصلت اعمال التنقيب و الحفريات اسفل البلدة القديمة, محيط المسجد الاقصى و القدس الشرقية بالكامل, حتى اصبح عدد كبير من منازل المقدسيّين في البلدة القديمة غير صالح للسكن, اذ اصبحت التصدعات كبيرة في الجدران و الارضيات. و قبل عدة ايام حدث انهيار في سور مسجد عين سلوان الجنوبي و اثر هذا الانهيار على روضة اطفال ايضاً. و اكثر ما يثير التخوف من هذه الحفريات, انه لا احد يعلم كم, عدد او عمق هذه الحفريات التي يقوم بها الاحتلال الصهيوني في القدس.


اما الاستيطان, فقد فتك بعضد القدس و اخذ يتغلغل فيها كالسرطان بشكل مسعور و متصاعد. فلم يمضِ شهر على القدس الا و اصدرت فيه سلطات الاحتلال قراراتها ببناء وحدات استيطانية في مناطق القدس مستمرة في خنق المدينة و عزلها عن محيطها الفلسطيني بشكل كامل. و قبل اسبوع من نهاية هذا العام, كشفت وسائل الاعلام عن مخطط استيطاني جديد يقضي ببناء 28 ألف وحدة استيطانية جديدة في القدس تتوزع بين مغتصبات هار حوما ( المقامة على اراضي جبل ابو غنيم ),  متسبيه نفتوح, سدوت راحيل, رامات رحيل و بي غليلوت.


و عند الحديث عن الاستيطان و مصادرة الاراضي لا ننسى ان نذكر الاثر الكبير لاخطر سلاح مستخدم في معركة القدس بين سلطات الاحتلال  و المقدسيّين الا و هو جدار الفصل العنصري. فلقد قامت سلطات الاحتلال بوضع حاجز جديد بإسم معبر شعفاط, بسببه قامت قواته بوضع 120 الف مقدسيّ خارج مدينة القدس في خطوة تهدم الى سلخهم عن مدينتهم. و في نفس السياق, خرج الصهيوني المتطرف بركات و الذي يرأس ما يعرف ببلدية القدس بفكرة التنازل عن الاراضي المقدسيّة خارج القدس و جعلها تابعة للسلطة الفلسطينية مما يعني الاخلال بالتركيبة الديمغرافية في القدس كخطوة لتحقيق مشروع 2020 و الذي يهدف الى جعل نسبة المقدسيّين الى ما يقل عن 12% فقط.


اما المسجد الاقصى, فقد مرت عليه هذه السنة ثقيلة جداً, فقد اصبح اقتحام المستوطنين المتطرفين للمسجد الاقصى صباح كل يوم بأعداد ملحوظة, جماعات و فرادى, حدث يومي دون اي تحرك من الامة الاسلامية. كما ان تلة المغاربة كانت على وشك ان تهدم, اثر قرار بلدية القدس بخطورة وضع الجسر المؤقت و بالتالي وجوب هدمه, مما دفع الى هبة في العالم العربي و الاسلامي ادت الى تأجيل هذا القرار الى اجل غير مسمى. ايضاً شهد المرابطون في المسجد الاقصى تضيقاً شديداً في هذه السنة, فكثرت قرارات ابعاد عدد من طلاب مصاطب العلم عن المسجد الاقصى لتصديهم للمستوطنين الذين يقتحمون المسجد الاقصى بالتكبير. حتى ان التضيق لحق بطلبة مصاطب العلم و تم منع عدد منهن من دخول المسجد الاقصى و منهن من ابعد عن المسجد الاقصى ايضاً.


اما الامة الاسلامية و العربية, فقد استمرت بسباتها تجاه المسجد الاقصى و بيت المقدس و ما يحدث فيها من تضييق و تهويد. فتكاد ردات فعلنا لا تتجاوز التنديد و الاستنكار في الاحداث الرئيسية فقط, و قد كان الوقوف بشكل واضح ضد هدم تلة المغاربة التحرك الاوضح, ما عدا ذلك كانت ردات الفعل شبه معدومة. و مع اقتراب حلول العام الجديد, يرسل المسجد الاقصى و بيت المقدس نداءات العتب و الاستنهاض لامتنا العربية و الاسلامية .. يحثهم على نصرة مسرى رسولنا الكريم عليه الصلاة و السلام و دعم المقدسيّين في صمودهم و ثباتهم في وجه هذه الهجمة الشرسة. 


يا امتنا .. لنجعلها بداية جديدة .. لنعاهد انفسنا و نعاهد اقصانا .. ان نعمل في كل يوم من أجل نصرة المسجد الاقصى و بيت المقدس .. بكل ما اوتينا من قوة .. عمل يتحول الى فعل على ارض الواقع .. عمل بعيد عن الكلام و التنظير .. عمل يستنهض امتنا و يحيي قضية المسجد الاقصى في قلوبنا .. حتى يتحول كل منا, كما يقول دكتورنا الفاضل عبد الله معروف, الى اقصى يمشي على الارض .. المسجد الاقصى يمد يده معاهداً لكم .. فهيا نعاهده بالنصرة و الجهاد في سبيل الله حتى تعود القدس و فلسطين حرة عزيزة بإذن الله ... و كل عام و نحن الى المسجد الاقصى أقرب


نهدي هذه المقالة الى اخينا الرائع وليد السبع (http://twitter.com/waleedalsabea ) الذي حمل المسجد الاقصى و غزة و فلسطين في قلبه و عمله اليومي .. نسأل الله ان يلبسه ثوب العافية و ان يشفيه شفاءاً لا يغادر سقماً



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق