الأربعاء، 14 ديسمبر 2011

المفاهيم تتغير .. و الصمت لغتنا المستمرة




احداث متتابعة على مدار الساعة و اليوم, تغيّرات جذرية و متعددة من لحظة لاخرى و معالم تحذف و اخرى جديدة توجد بشكل متواصل .. هذا هو حال القدس في الايام الاخيرة. و ان كانت الاخبار الايجابية التي صدرت مؤخراً حول قرار حكومة العدو الصهيوني بإيقاف قرار هدم تلة المغاربة حتى اشعار اخر, الا ان كل متتبع لشؤون القدس و طريقة تعامل العدو معها كان مدرك تماماً ان هذا القرار ليس بحل نهائي و لن تنتهي الامور عند هذا الحد.


و حتى لا يبقى الوضع كما هو, قررت حكومة العدو الصهيوني اغلاق باب المغاربة و الجسر الخشبي المؤقت المبني فوق التلة, و الذي قامت بوضعه سلطات الاحتلال بعد ان تهدم جزء من تلة المغاربة نتيجة الحفريات المحيطة بها من كلا الجانبين. هذه القرارات اثارت حفيظة المتطرفين الصهاينة الذين نددوا بهذا القرار و طالبوا حكومتهم بالتراجع عنه, او اتخاذ اجراءات اخرى بالتوازي مع هذا الاغلاق. و قد كان هناك مطلبان رئيسيان: الاول يتمثل في اغلاق كافة ابواب المسجد الاقصى و منع المصلين المسلمين من دخول الاقصى اسوة بمنع اليهود من دخوله, او فتح جميع الابواب لليهود يدخلون منها الى المسجد الاقصى كما يشاؤون. و للايضاح فإن باب المغاربة هو الباب الوحيد الذي يدخل منه السياح الى المسجد الاقصى و منه يقوم المستوطنون بإقتحام المسجد الاقصى, و هذا الباب ممنوع على المسلمين استخدامه.


و لم يقتصر الاحتجاج على هذه المطالب فقط, بل اعلن نائبي الكنيست المتطرفين أوري أرييل و أرييه الداد عن نيتهما اقتحام المسجد الاقصى احتجاجاً على قرار حكومة نتنياهو و اعلنت انها ستدخل المسجد الاقصى من باب السلسلة يوم الاربعاء في ساعات الصباح الاولى. ازاء هذه الضغوط, و بعد دراستها للموقف, قررت سلطات الاحتلال اعادة فتح باب المغاربة و الجسر الخشبي, على ان يتم تثبيت دعائم الجسر الخشبي و تزويده بمادة مقاومة للحريق. الا ان هذا القرار ما زاد الصهاينة الى غطرسة و طغياناً .. فقد اقدم هذان النائبان بمرافقة مجموعة من منظمة " أنصار جبل الهيكل " على اقتحام المسجد الاقصى و التجول فيه تحت حماية شرطة الاحتلال, و لقد هب المصلين و طلبة المصاطب للتواجد في المسجد الاقصى منذ ساعات الصباح لحمايته.


بالتوازي مع هذه الاختراقات الصهيونية, قامت مجموعة متطرفة من الصهاينة بحرق مسجد عكاشة الواقع في القدس الغربية و كتبوا على جدرانه شعارات عنصرية هاجموا فيه النبي الاكرم - عليه الصلاة و السلام -. كما ان مجموعة اخرى من الصهاينة قامت بوضع مجسم للهيكل المزعوم على سطح احد الابنية المقابل للمسجد الاقصى. و للمفارقة فإن هذا المبنى موجود في ما يسمى بالحي اليهودي و الذي بني على انقاض حارة المغاربة التي مسحها الاحتلال الصهيوني بالكامل.


إن هذه الاحداث تجعلنا امام تغير جديد في المفاهيم في صراعنا على نصرة المسجد الاقصى, فنلاحظ بشكل جدي ان اقتحام المسجد الاقصى بالنسبة للصهاينة اصبح حق اصيل بوجهة نظرهم يقارنوه بحق المسلمين بدخول المسجد الاقصى, بل انهم يرون ان المسلمين بدخولهم المسجد الاقصى يدنسون مكان "مقدس" لديهم. لقد تحول مفهوم اقتحام المسجد الاقصى و اداء الصلاة فيه بشكل علني بالنسبة لليهود من تحرك فردي غير ممنهج, الا حق اصيل لا يساوموا عليه و هذا مقدمة لامور غاية في الخطورة.


بشكل عملي و مطلق, فرضت حكومة الاحتلال الان سيطرتها بشكل كامل على بوابة المغاربة و الجسر الخشبي المبني فوق تلة المغاربة, مما يجعلها بشكل عملي ذات حق في السيطرة على باقي اجزاء المسجد الاقصى و هذا الامر يصيب المقدسات الاسلامية بمقتل. فعلى الرغم من ان الاوقاف الاردنية هي صاحبة السيادة بشكل نظري على المسجد الاقصى , فإن جزء اصيل من المسجد الاقصى اصبح بشكل عملي تجت سيطرة قوات الاحتلال تتحكم به كما تشاء.


بالنظر الى ما تقدم, نحذر بشكل علني ان المسجد الاقصى في طريقه الى ان يقسم كما حصل مع الحرم الابراهيمي. فاعلان اليهود ان دخول المسجد الاقصى حق اصيل لهم و تنفيذه بشكل يومي, اضافة الى بسط سلطات الاحتلال سيطرتها على جزء اصيل من المسجد الاقصى يشير الى هذا, خصوصاً ان الصمت العربي و الاسلامي اللغة الوحيدة التي نتكلم بها في كل ما يتعلق بالمسجد الاقصى. ان الوضع لم يعد يحتمل اي تخاذل, لا من الحكومات و لا من الشعوب .. و ان لم نقم بتحركات جدية على ارض الواقع فسيأتي قريباً اليوم الذي نجد فيه جزء تحول الى كنيس يهودي ... فينطبق علينا قول الشاعر  عبد الرحيم محمود:


المسجد الاقصى أجئت تزوره ~~~ ام جئت من قبل الضياع تودعه
حرم تباع لكل أوكع آبق ~~~ و لكل افّاق شريد اربعه
و غدا و ما ادناه لا يبقى سوى ~~~~ دمع لنا يهمي و سن نقرعه


أغيثوا المسجد الاقصى ... اغيثوا اولى القبلتين ... اغيثوا ثاني المسجدين ... اغيثوا ثالث الحرميــــــن




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق