الخميس، 16 فبراير 2012

حرب استنزاف ؟!




يتعرض المسجد الاقصى في الاونة الاخيرة الى دعوات متطردة من اجل اقتحامه و تدنيسه من قبل جهات متعددة في الكيان الصهيوني. و لم يكن الامر مقتصراً على جماعات المستوطنين الصهاينة بل ان عدداً من الاحزاب الصهيونية شاركت في مثل هذه الدعوات. و قد كان ابرزها الدعوة التي اطلقها عدد من كبار اعضاء حزب الليكود لاقتحام المسجد الاقصى يتقدمهم المدعو موشيه فيجلين من اجل تطهير " جبل الهيكل" من " سارقي الارض" و اقامة هيكلهم المزعوم.



فشلت دعواتهم بتواجد ما يزيد على 2000 مرابط في المسجد الاقصى سلاحهم التكبير فقط. فقد قامت سلطات الاحتلال بمنع هذه الجماعة من اقتحام الاقصى و ابقتهم خارج باب المغاربة. و من ثم كانت هناك دعوة يوم الثلاثاء الماضي من قبل جماعة من المستوطنات المتطرفات ,يطلقن على انفسهن جماعة نساء الهيكل, من اجل اقتحام المسجد الاقصى و تأكيد حقهن في الصلاة فيه, و قد تم تواجد المرابطون في المسجد الاقصى من اجل دحرهن و التصدي لهن .. و قد قامت سلطات الاحتلال ايضاً بمنعهن من دخول المسجد الاقصى و فشلت دعواتهن.


و من ثم قامت مجموعة من جنود الاحتلال و افراد الشرطة بإقتحام المسجد الاقصى و تدنيسه حاملين معهم الاسلحة الخفيفة. و الخطير في هذا الاقتحام قيام هذه المجموعة بالتجول في المصلى المرواني و المسجد القبلي و مسجد قبة الصخرة و غيرها من معالم المسجد الاقصى في تحدي واضح لكل مسلمي العالم. و هذا العام بالتحديد شهد عدد من اقتحامات جنود الاحتلال للمسجد الاقصى رجالاً و نساءاً و هو الامر الذي توقف منذ عام 2000 عند بدء انتفاضة المسجد الاقصى ليعود مجدداً مع بداية هذا العام بعد دعوات من كبار حاخامات الكيان الصهيوني يؤكدون فيها حق هؤلاء الجنود في التوجه الى المسجد الاقصى " جبل الهيكل بزعمهم".


و من جديد خرجت دعوات صهيونية جديدة لاقتحام المسجد الاقصى يوم الاحد المقبل لتأكيد حقهم في المسجد الاقصى. و هنا يجب التوقف بشكل جدي مع هذه الدعوات المتزايدة و التأمل في مقصدها و مغزاها. و قد طرحت نقاشات عديدة حول هذه الاقتحامات و تلاحقها و انتهائها بهذا الشكل الذي طرحنا. مما سبق نستشف الامور التالية:


- لطالما ذكرنا في عدد من المقالات السابقة ان العدو الصهيوني يؤمن بشكل كبير بسياسة جس النبض او بالونات الاختبار. و هو من خلال هذه الدعوات المتلاحقة يريد ان يقيس مدى تمسك الفلسطينيين بنصرة المسجد الاقصى و الرباط فيه, كما انه يرغب في قياس مدى تجاوب الامة الاسلامية مع مثل هذه الاحداث و الدعوات خصوصاً بعد الربيع العربي.


- العدو الصهيوني يقوم بشكل متعمد بحرب استنزاف ضد المرابطين في المسجد الاقصى, من خلال اثقال كاهلهم في عدد متلاحق من دعوات اقتحام المسجد الاقصى و انتهائها دون حدوث اقتحام. و هذه السياسة تستند الى غياب اهالي الضفة الغربية و غزة عن نصرة المسجد الاقصى بسبب منعهم من دخول القدس المحتلة و فصلهم عنها بجدار الفصل العنصري, بالتالي فإن نصرة المسجد الاقصى  و الرباط فيه الان مقتصر على اهلنا في القدس و فلسطين الداخل.


- الكيان الصهيوني يريد ارسال رسالة قوية و واضحة لكل العالم انه صاحب السيادة الفعلية على المسجد الاقصى .. فمتى شاء يمنع اقتحام الصهاينة للمسجد الاقصى و يغلقه في وجههم و متى شاء يجعله متاحاً لهم يدنسونه كما يريدون و تحت حمايته و بالتالي يتحول المسجد الاقصى الى تابع لهذا الكيان بشكل عملي بعيداً عن الشعارات الرنانة.


- الكيان الصهيوني يجهز بشكل كبير الى مرحلة جديدة في اقتحامات المسجد الاقصى, فإن كان المرابطون قادورن على دحر المستوطنين و منعهم من دخول المسجد الاقصى فإن الحل الامثل يكون بتحويل الاقتحامات لتصبح عن طريق جنود جيش الاحتلال و قوات الشرطة و بشكل مسلح خفيف. ايضاً هذه الاقتحامات تطال كل ما في المسجد الاقصى من المصلى المرواني و المسجد القبلي و باقي معالم الاقصى.


- نقطة مهمة يرمي اليها العدو ايضاً هو اضعاف اهتمام الامة الاسلامية  في مثل هذه الاخبار .. فإن كان هناك ردة فعل جراء اقتحام المسجد الاقصى اذن لندخل الشكوك في قلب هذه الامة من خلال سلسلة من الدعوات لاقتحام المسجد الاقصى دون ان يتم الاقتحام بشكل فعلي و بالتالي يقل اهتمام الامة بمثل هذه الاخبار لركونها انه في النهاية لن يحدث شيء.




فيما تقدم وضعنا قراءة في موقف و مخطط العدو الصهيوني, فماذا عن موقفنا نحن من مرابطين و مسلمين قلوبنا متعلقة بمسرى رسولنا الكريم عليه افضل الصلاة و السلام؟! هل نستسلم لمثل هذه المخططات و كيف يجب ان نتحرك؟ و نلخص ما يجب القيام به بالتالي:


- بداية لا يجب ان يدخل الشك في قلب اي مسلم تجاه نصرة و رباط اهلنا في القدس و فلسطين للمسجد الاقصى, فلطالما ضربوا اسمى و اروع صور النصرة و الصمود للمسجد الاقصى و قدموا ارواحهم سبيلاً في الدفاع عنه. فمن ثورة البراق عام 1929 الى مجزرة الاقصى 1990 ثم هبة النفق عام 1996 و انتفاضة الاقصى عام 2000 و غيرها من الاحداث التي ثبت و صمد فيها اهلنا في دفاعهم عن المسجد الاقصى. و لهذا فإن اهلنا في القدس و فلسطين ماضوون في نصرتهم للاقصى و الرباط فيه مهما كان الثمن, و ها نحن نرى ان مشروع مصاطب العلم في المسجد الاقصى سيعود للعمل من جديد للسنة الثالثة مما يزيد من عدد المرابطين في المسجد الاقصى بشكل يومي.


- يجب على الامة الاسلامية ان تضع خطط عملية لنصرة المسجد الاقصى بشتى الطرق و الوسائل و ان لا تقف متفرجة على ما يتعرض له المسجد الاقصى دون ان تحرك ساكناً. و ان كانت الظروف الان غير مناسبة كما سيقول الكثير, فإن اقل ما يمكن تقديمه لنصرة الاقصى ان تنصر و تدعم حماة و حراس المسجد الاقصى .. ان تدعم اهلنا في القدس في حربهم امام سياسة التهويد المسعورة التي يقوم بها العدو الصهيوني و التي يهدف من خلالها لتحويل المدينة الى مدينة يهودية خالصة بتفريغ اهلها و تغيير معالمها. و لله الحمد فإن صمود المقدسيّين الاسطوري يعيق الكثير من مخططاته الا انهم بحاجة كبيرة الى الدعم منا و هذا اقل ما نقدمه لهؤلاء الابطال.


- لا يجب ان يتسلل الشك الى قلب الامة الاسلامية حول مخططات العدو الصهيوني تجاه المسجد الاقصى و لا يجب ان نبقى ساكنين ننتظر تحركاته حتى نبدأ بالشجب و الاستنكار بل يجب ان نأخذ عامل المبادرة في حماية المسجد الاقصى و القدس الشريف. و قد نبه الشيخ كمال الخطيب الى ان العدو يقوم بتسريع عمليات الحفر في المسجد الاقصى بإستخدام المواد الكيميائية و الان نحن نتحدث عن شبكة كبيرة من الانفاق تنخر اساسات المسجد الاقصى و تمتد الى باقي المدينة المحتلة, اضافة الى مخططات تهويدية خطيرة كالحدائق التوراتية المزعومة تخنق المسجد الاقصى و تغير الملامح من حوله بشكل كامل.




لله الحمد انه سخر للمسجد الاقصى جنوداً يذودون عنه في الليل و النهار, يضعونه في قلوبهم و يقدمون ارواحهم لنصرته و الدفاع عنه .. و ان ارادها العدو الصهيوني حرب استنزاف فنقول له ان اهلنا في القدس و فلسطين قادرين على خوض هذه الحرب حتى اخر طفل فيهم و هم منتصرون بإذن الله. و لكن النداء الان يجب ان يوجه الى الامة الاسلامية .. اين انتم من دعم المرابطين في المسجد الاقصى ؟؟ اين انتم من نصرته و الدفاع عنه؟؟! 


نقدم هذه المقالة هدية متواضعة لابطال رابطة الباحثيين الميدانيين في القدس لما يقدمونه من مجهودات جبارة في نقل الاخبار و الحقائق لما يحدث في القدس المحتلة بشكل دقيق و موثق لفضح افعال الكيان الصهيوني المحتل ... تعجز الكلمات عن شكركم .. فجزاكم الله عنا كل خير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق