الخميس، 15 مارس 2012

و أنا على شرفي أدنّس ؟!!




تنظر اليه .. تتمعن في حجارته العتيقة و معالمه التاريخية .. فتجد الحزن الدفين في كل حجر من اسواره و في كل بلاطة في ارضه .. زيتونه باكي .. مآذنه تنادي و لكن نداءها لا يسمع. هذه الارض التي صلى فيها الانبياء يؤمهم خاتم النبيين - صلى الله عليها و سلم - و هذا الهواء الذي تعطر بصوت بلال بن رباح رضي الله عنه و هو يصدح بالاذان في جنباته يوم النصر .. هذه السبل التي روت بمياهها جنود صلاح الدين الايوبي يوم تحريره  .. هذه المصاطب التي ضمت كبار علماء الامة و شهدت على دروسهم و كتبهم .. كلها تئن و تبكي حزناً و كمداً.



المسجد الاقصى يعاني اشد المعاناة في هذه الايام, و ما ادل على ذلك من التقرير الخطير الذي نشرته مؤسسة الاقصى عما يحدث في مسرى الرسول الكريم - عليه افضل الصلاة و اتم التسليم- من انتهاكات يومية خطيرة اخرها ما جرى قبل يومين من قيام السياح بتحويل ساحات المسجد الاقصى الى مراقص و محلات لهو يركضون فيها و يتراقصون و يمرحون ... يرتدون ملابسهم الفاضحة و لا يحترمونقدسية المسجد الاقصى ... هل هان علينا الاقصى لهذه الدرجة ؟؟؟!!! يغنون و يتعانقون في بيت الله عز و جل.. في مسرى الرسول - صلى الله عليه و سلم- .. في ثاني مسجد بني في الارض !!


منذ عام 2000, استغلت سلطات الاحتلال احداث انتفاضة الاقصى, و التي اندلعت دفاعاً عن المسجد الاقصى جراء اقتحامه من قبل شارون و زمرته, و قامت بفرض سيطرتها على ادخال السياح الى المسجد الاقصى بعد ان كانت الاوقاف الاسلامية تتولى هذا الامر و تحرص على الدخول المحتشم للسياح و السلوك الذي يحترم قدسية و بركة المسجد الاقصى. هذا السلاح استخدمته سلطات الاحتلال بشكل قوي و ممنهج, اولاً عن طريق ادخال السياح بشكل سافر و بملابس فاضحة الى المسجد الاقصى بشكل كبير و يومي. ترسيخ فكرة خطيرة جداً تتمثل في ان هذه الساحات عبارة عن ساحات عامة, اعملوا فيها ما تريدون, و ان المسجد الاقصى بالنسبة للمسلمين محصور فقط بقبة الصخرة و الجامع القبلي فقط.





كما حرصت سلطات الاحتلال على التركيز على كسر هيبة و قدسية المسجد الاقصى من خلال ادخال قطعان المستوطنين ضمن افواج السياح بحيث يتجولوا في الاقصى بكل حرية, و اي شخص يتعرض لهم حتى بالتكبير بصوت عالي يتم اعتقاله و ابعاده عن المسجد الاقصى. كما ان سلطات الاحتلال ترسخ في عقول السياح ان المسجد الاقصى هذا مكان تاريخي بني على انقاض هيكلهم المزعوم .. فلك ان تعمل فيه ما تشاء .. و كلنا شاهد احد السياح الاجانب و هو يبول في ساحات المسجد الاقصى و لا حول و لا قوة الا بالله.


و بعد ان كان دخول المستوطنين الى المسجد الاقصى خلسة بشكل فردي ضمن افواج السياح, اصبح قطعان المستوطنين يتسابقون و يتنافسون على اقتحام المسجد الاقصى و يؤدون ترانيمهم و تراتيلهم التلمودية في داخل المسجد الاقصى. ثم اصبح الامر سباق سياسي بين كبار ساسة الصهاينة من اجل ترسيخ حقهم في اقتحام المسجد الاقصى كمقدمة لتقسيم المسجد الاقصى. و اخر هذه الاقتحامات قام بها المدعو "موشيه فايجلين" احد قيادات حزب الليكود مع مجموعة من المستوطنين بإقتحام المسجد الاقصى تحت حماية مشددة من قبل سلطات الاحتلال و اداء صلوات تلمودية فيه.


و بالحديث عن السباق المسعور حول اقتحام المسجد الاقصى فإن جيش الاحتلال الصهيوني لم يكن ليغيب عن المشهد, حيث خلال الاشهر الاخيرة قامت سلطات الاحتلال بتوجيه حملات ممنهجة لجنود الاحتلال لاقتحام المسجد الاقصى بزييهم العسكري و باسلحتهم رفقة افراد الاستخبارات الصهاينة .. يتجولون في المسجد الاقصى بشكل كامل و يتحدثون عن الهيكل المزعوم و مرافقه و اين يجب ان تكون من اجل ترسيخ ثقافة اقتحام الاقصى و هدمه في عقول هؤلاء المجرمين.



في مقابل هذه الاوضاع الصعبة التي يعيش بها المسجد الاقصى .. نجد الامة الاسلامية مشغولة في كل شيء في هذه الدنيا بإستثناء مقدساتنا في القدس و المسجد الاقصى. و عند عقد مؤتمر عن القدس .. نترك القضية الاساسية و نبدأ بتراشق الاتهامات و المناظرات حول زيارة المسجد الاقصى .. متناسين ان المسجد الاقصى الان يتحول الى مرقص و كنيس يهودي و نحن نشاهد بأم اعيننا ...


فإلى عباس و حمد و الهباش و كل المتشدقين بقضية القدس دون فعل حقيقي ... اقول لهم:


المسجد الاقصى أجئت تزوره ~ أم جئت من قبل الضياع تودّعه؟ 
حرم تباع لكل أوكع آبقٍ ~ ولكلّ أفّاق شريد أربعه 
وغدا وما أدناه لا يبقى سوى ~ دمع لنا يهمي وسنّ نقرعه 


لم يعد هناك مجال للحديث لان الواقع مر و الخطر كبير ... الاقصى لم يعد في خطر فقط .. الاقصى على وشك يحول الى مرقص و كنيس يهودي !! فهل من مجيب لنداء الاقصى ؟؟؟!!!!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق