مع دخول شهر ايلول, تتجه انظار العالم نحو الامم المتحدة مترقبة ما سيسفر عنه موضوع طلب السلطة الفلسطينية الاعلان عن قيام الدولة الفلسطينية على حدود ما قبل حرب 1967. و مع اقتراب الموعد تزداد النقاشات بين مؤيد و معارض لهذا التوجه و يبقى الموضوع ضبابي الى حد كبير حيث اننا نتحدث عن قيام دولة غير واضحة المعالم, اضافة الى عدم وجود شفافية حول التنازلات التي ستقدمها السطلة للحصول على هذا الاعتراف.
و بعيداً عن تأييد هذا القرار من عدمه, نلقي الضوء اليوم على المشهد المقدسيّ في هذه الفترة التي تسبق هذا القرار و الذي سيؤثر بشكل اساسي, كما تفترض, على القدس الشريف خاصة انها عاصمة الشعب الفلسطيني, و العاصمة التي يطالب اليهود بالحصول عليها عاصمة ابدية لدولة اسرائيل. و بالنظر الى حال القدس اليوم, نجدد اننا في وضع يتحول من سيء الى اسوء بالنسبة للقدس كمقدسات, اراضي و مقدسيّين, مما يجعلنا نطرح الكثير من التساؤلات حول ما يحدث في القدس.
تشهد القدس في الايام الاخيرة نشاط استيطاني, يهودي مكثف متركز على القدس, يقابله تجاهل غريب و غير مبرر من السلطة الفلسطينية, تاركة المقدسيّين في حرب مفتوحة امام دولة صهيونية تدعم قطعان المستوطنين ليل نهار. و نستعرض بشكل سريع بعض الاحداث التي قام بها اليهود مؤخراً في بيت المقدس بشكل ملخص و أهمهما:
- كشفت الصحف الاسرائيلية عن استكمال الحفر في النفق المسمى بنفق عين سلوان و الذي يمتد بطول 600 متر و يصل الى الزاوية الجنوبية من المسجد الاقصى و قد كشفت هذه الحفريات عن جزء من اساسات المسجد الاقصى في تلك المنطقة. و من الجدير بالذكر ان مؤسسة الاقصى قد كشفت في عام 2009 عن بدء الحفر في هذا النفق, و لكن للاسف لم يتحرك احد لايقافه و ها هو يصل الى اساسات المسجد الاقصى امام ناظرينا.
- كشفت مؤسسة الاقصى عن تحركات مشبوهة لعدة جهات اسرائيلية صهيونية في المسجد الاقصى و تشمل كل من سلطة الاثار الاسرائيلية و التي تعتبر اليد اليمنى لبلدية القدس في عمليات التهويد و الاستيطان, مؤسسات استيطانية صهيونية و المخابرات الصهيونية. هذه الاقتحامات تم من خلالها دراسة عدة مناطق في المسجد الاقىصى و التحقيق مع بعض حراس المسجد و طلبة مساطب العلم في المسجد الاقصى.
- استهداف مركّز لكل من حي الشيخ جراح و حي سلوان, من خلال مصادرة المنازل, اعتقال المقدسيّين و زرع المزيد من المستوطنين في هذه الاحياء بهدف ايجاد واقع جديد على الارض و احداث خلل في النسيج السكاني و الاجتماعي في هذه الاحياء و زرع اكبر عدد من المستوطنين و من ثم الاستيلاء عليها و الذي يعتبر هدف رئيسي عند حكومة الاحتلال. اضافة الى مواصلة رصد الميزانيات الضخمة و الموافقة على بناء وحدات سكنية جديدة في عدد من المستوطنات التي تختق القدس و تعزلها عن الضفة الغربية.
في مقابل كل هذه الاحداث, و التي عرضنا اهمها, ماذا قدمت السلطة الفلسطينية على ارض الواقع لمواجهة هذه الاحداث و اين هي الاجراءات العملية التي تم تطبيقها لنصرة المسجد الاقصى و المقدسيّين و دعمهم لمواجهة هجمات الاحتلال في القدس ؟؟!! لقد بحثنا مطولاً و لم نتمكن من ايجاد خبر يتحدث عن فعل حقيقي او تواجد ملموس للسلطة الفلسطينية في القدس خلال الاشهر الاخيرة الماضية, و يكاد يكون الحديث عن المشاكل اليومية للانسان المقدسيّ في مؤتمرات و احاديث السلطة الفلسطينية شبه معدوم .. فهل يعقل هذا ؟؟!!
لنتفرض ان قرار اعلان الدولة الفلسطينية سيعود بالنفع على كل من فلسطين و الفلسطينيين في شتى الاماكن بالنفع و سيساهم في تحرير الارض و اعادة اللاجئين, أيعقل ان يتم اهمال عاصمة هذه الدولة بهذا الشكل السافر ؟؟ ايعقل ان نتركها لاعدائنا يسرحون و يمرحون فيها كما يشاؤون ؟؟!! إن من ينظر الى ما يقوم به الاحتلال من خطوات ممنهجة و مدروسة تجاه القدس و المسجد الاقصى يدرك ان الاحتلال متأكد ان هذا الاعلان لن يغير شيء بالنسبة لهم اذا ما تم و لن يؤثر على تواجدهم في القدس. و ان من ينظر الى ما تقوم به السلطة من تجاهل لما يحدث في القدس و عدم ابداء اي ردة فعل تجاهه, يدرك تماماً ان القدس و المقدسيّين خارج حسابات السلطة, او على الاقل هذا ما يظهر لنا حتى الان.
فإلى اين سيقودنا هذا الاعلان و ماذا سيكون مصير القدس و ما هي وضعيته المقدسيّيين جراء هذا الاعلان .. أمور غامضة, ستتكفل الايام القليلة القادمة بتوضيحها ان شاء الله ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق