الأحد، 27 نوفمبر 2011

تلة المغاربة .. الان اصبح ترميمها واجباً




حتى ما قبل القرن السادس عشر ميلادي, كان الجماعات اليهودية القليلة تؤدي طقوسها في جبل الزيتون, و لكن و بسبب التسامح الديني الذي انتشر في فترة الخلافة العثمانية مع الاقليات, فقد اخذوا يقيموا صلواتهم عند حائط البراق على ان لا يكون لهم اي ملكية فيه و ان لا يتم وضع اي شيء من الادوات التي يستخدمونها في هذه الطقوس. و قد بقي الحال على ما هو حتى مع بعد الانتداب البريطاني, ففي عام 1925 حاول اليهود وضع الكراسي و الطاولات بجانب الحائط لتحويله الى كنيس مدعين انه جزء من هيكلهم المزعوم و قد ثار المسلمون ضدهم و اقر الانتداب بمنعهم, ثم تكرر الامر في عام 1929 و قامت على اثره ثورة البراق و كانت نتيجة التقرير ان الحائط ملك للمسلمين.



و لذلك و بعد احتلال القدس الشرقية في عام 1967, قامت سلطات الاحتلال بالاستيلاء على الحائط مدعين انه ملك لهم, و ما هي الا ايام حتى قاموا بتدمير و جرف حارة المغاربة بالكامل حيث اقاموا ساحة البراق " او المبكى كما يسمونه زوراً و بهتاناً ", حيث لم يتبقى منها سوى تلة المغاربة و التي يقع عليها طريق باب المغاربة الذي يوصل الى باب المغاربة. و باب المغاربة يقع في الجزء الجنوبي من الجدار الغربي للمسجد الاقصى, و قد كان يستخدم من قبل سكان حارة المغاربة اضافة الى سكان احياء القدس الجنوبية كحي الثوري و سلوان.


لم يقف الامر عند ذلك, فقد صادرت قوات الاحتلال مفاتيح باب المغاربة عنوة و وضعوا الجيش على الباب بحيث اصبحت تسيطر على هذا الباب. ثم شرعت بتنفيذ سلسلة من الحفريات ابتدأت في ساحة البراق المقامة على انقاض حارة المغاربة و امتدت بطول الجدار الغربي للمسجد الاقصى حيث اقيم في بعضها كنس يهودية. و اصبحت تلة المغاربة و طريقها, و هي الاثر الوحيد المتبقي من حي المغاربة, بين كفي كماشة بسبب اعمال التنقيب في المنطقة الغربية من كلا الجانبين.


و تلة المغاربة تتكون من جزئين, الاول يتكون من بقايا التدمير الذي حدث في عام 1967 و ما تبعها من اعمال تنقيب و الجزء الثاني و هو العلوي يعود تاريخه الى الفترة الايويبية, و هناك تقديرات تشير الى انه يعود الى فترات سابقة. كما اسلفنا, عملت اعمال التنقيب على قضم هذه التلة و زعزعة استقرارها بحيث اصبحت بنيتها ضعيفة, مما ادى الى انهيار جزء منها بمساحة 100 متر في 15/2/2004. و بدلاً من ترميم التلة بالشكل المناسب, قامت سلطات الاحتلال بإزالة الاتربة و ما تساقط من الجدار, و قررت هدم التلة كلها بحجة انها تشكل خطر على السلامة العامة.


و بسبب الاحتجاجات الفلسطينية و الاسلامية قامت سلطات الاحتلال بتأجيل القرار و اقامت جسر خشبي مؤقت في عام 2005. و قد افصحت عن مخطط ازالة التلة بعد ذلك و بناء حسر جديد يبلغ طوله 137 متر بحيث يبدأ من منطقة الاثار المكتشفة عند السور الجنوبي بحيث يغير الواقع و يشكل انتهاك صريح للاثار و المقدسات الاسلامية الموجودة في القدس و المسجد الاقصى. و في تاريخ 6/2/2007 بدأت اعمال ازالة تلة المغاربة. و من الجدير بالذكر ان انهيار جزء من تلة المغاربة في 2004 كشف عن وجود جامع بمحراب يعود للفترة الايوبية و قد تكتمت سلطات الاحتلال على هذا الاكتشاف.


و في نفس الشهر من عام 2007 اقر رئيس بلدية القدس بتجميد قرار ازالة التلة و اتاحة الموضوع الى الجمهور من اجل الاطلاع على المشروع و الاعتراض عليه. و قبل عدة اسابيع, اعادة بلدية القدس فتح الموضوع حيث طالب مهندسوها هدم التلة خلال 30 يوم بنفس الحجة الا و هي انها تشكل خطر على السلامة العامة.


و لكن لماذا يريد العدو الصهيوني هدم هذه التلة ؟!


بداية هذه العديد من قادة و حاخامات الصهاينة اليهود يعتبرون الابقاء على هذه التلة في عام 1967 خطأ استراتيجي, فهي تقف حجر عثرة في طريق مخططاتهم. فهم يريدون الان طمس اي اثر له صلة بتلة المغاربة التي ازالوها و حولها الى اثر بعد عين, كما انهم يريدون طمس الاثار الايوبية و الاموية الموجودة في هذه التلة. كما انهم يريدون اقامة جسر طويل يساعد سلطات الاحتلال و قطعان المستوطنين على اقتحام المسجد الاقصى بشكل سريع و مباشر. اضافة الى ان ازالة التلة بالكامل جزء من مشروع زاموش الذي يهدف الى توسيع ساحة البراق و طمس المعالم الاسلامية في المدينة.


و قد يتسآل .. لماذا نريد الحفاظ على هذه التلة ؟!


بداية تلة المغاربة الجزء الوحيد الذي بقي شاهداً على حارة المغاربة التي طمسها الاحتلال, كما انها ملتصقة بالمسجد الاقصى و عليها الطريق المؤدي للمسجد الاقصى و بالتالي فهي جزء اصيل منه. اضافة الى ذلك, فإن هذه التلة تدعم اساسات المسجد الاقصى من الجهة الغربية و ازلتها ستؤدي الى زعزعة استقرار اساسات المسجد الاقصى خصوصاً مع الحفريات الصهيونية المستمرة. كما ان هذه التلة تحتوي على اثار اسلامية لا يجوز المساس بها او طمس معالمها. و لا يخفى علينا ان هذه الارض هي ارض وقف اسلامي و تصرف سلطات الاحتلال بها يعني فرض سيادتها على الاوقاف الاسلامية اضافة الى تغيير و طمس المعالم و اخفاء اثارنا الاسلامية الراسخة في القدس.


ما هي خطوتنا القادمة؟!


في عام 2007 اصدرت لجنة من اليونسكو تقرير يدعو سلطات الاحتلال لوقف الحفريات و عمليات هدم التلة بل و يطالبها بترميم تلة المغاربة و اعادتها سيرتها الاولى. و بما ان فلسطين الان عضو في اليونسكو فعلى السلطة بالتعاون مع الاردن و التي تقع مسؤولية حماية المقدسات الاسلامية في القدس على عاتقها, التوجه بشكل مباشر الى اليونيسكو و الحصول على قرار ملزم بوقف عمليات الحفر و هدم تلة المغاربة.


ثانياً, يجب على الاوقاف الاردنية ترميم تلة المغاربة و ازالة الجسر المؤقت و اعادة طريق المغاربة بالشكل المعروف و السابق. لان هذا هو الحل الامثل و الافضل و بذلك نحافظ على تلة المغاربة و نثبت جزء اساسي من مقدساتنا في المدينة. كما اننا نؤكد سيطرتنا على المقدسات الاسلامية و نوجه ضربة قوية لمخططات العدو الصهيوني في طمس معالم المنطقة و توسيع ساحة البراق.


هل انتهت مهمتنا في حال جمّد الهدم ؟! 


على ضوء المسيرات الحاشدة التي حدثت في الاردن و مصر من المتوقع ان يقرر العدو تأجيل قرار هدم تلة المغاربة و هذا ما تؤكده الاخبار الاولية الصادرة عن هآرتس هذا اليوم. و ان صحت هذه الاخبار, فإنها ستكون عبارة عن تخدير لهذه الحملة القوية التي ترغب في نصرة المسجد الاقصى كما حصل في عام 2007. و لذلك يجب علينا ان نستمر في عملنا و خططنا لترميم تلة المغاربة لتأكيد حقنا و لقطع الطريق امام سلطات الاحتلال, و لنا في افتتاح المصلى المرواني خير مثال.


إن نصرة المسجد الاقصى ليست هبة يوم و تنتهي, بل يجب ان تكون عبارة عن سلسلة من الخطوات التي تنعكس على ارض الواقع, و بالتالي فإن ترميم تلة المغاربة عبارة عن خطوة مهمة من ضمن خطوات يجب القيام بها لنصرة المسجد الاقصى. إن اي قرار من قبل سلطات العدو لتأجيل الهدم سيكون عبارة عن خطة من أجل تجاوز هذه الحملة القوية لنصرة المسجد الاقصى, و لذلك يجب .. يجب .. يجب الاستمرار في عملنا و ترميم التلة في اقرب وقت حتى نحقق خطوة استباقية مهمة في نصرتنا للمسجد الاقصى.

السبت، 26 نوفمبر 2011

حملة .. كيف اكون للمسجد الاقصى اقرب




طل فجر هذا اليوم حاملاً معه بداية سنة هجرية جديدة و منهياً عاماً هجرياً كاملاً شهد اخر ايامه مسيرات في الاردن و الازهر تضامناً مع المسجد الاقصى و رفضاً لقرار قوات الاحتلال هدم تلة المغاربة. و عندما نتكلم عن هجرة نبي الرحمة - عليه الصلاة و السلام - فإننا نتحدث عن نبع لا ينضب من الدروس و العبر التي سطرها عليه الصلاة و السلام في كل حركة خلال هذه الهجرة التي غيرت وجه التاريخ حتى قيام الساعة.



لقد كان عنوان هجرة المصطفى عليه الصلاة و السلام في كل خطواتها تحت عنوان الاخذ بالاسباب و من ثم التوكل على الله .. من خلال التوجه في الطريق المغاير, اخفاء الاثار, الحصول على اخبار قريش و اخيراً المكوث في الغار. بهذه الخطوات استنفذ عليه الصلاة و السلام اسباب النجاح فكان المدد من الله سبحانه و تعالى بأن حماه و اعمى اعين المشركين عنه بعد اتخاذ كل الاسباب. و كان بمقدوره صلى الله عليه و سلم ان يغادر مباشرة الى المدينة و يقول ربي يحميني .. و لكنه عليه افضل الصلاة و السلام يعلمنا درس التوكل و الاخذ بالاسباب بشكل عملي في اهم مرحلة من مراحل الدعوة الاسلامية و قبيل قيام الدولة في المدينة المنورة.


هاجر الرسول عليه الصلاة و السلام الى المدينة المنورة و مكث المسلمون فترة يصلون مستقبلين المسجد الاقصى .. ثم اتى امر الله تعالى بتحويل القبلة نحو الكعبة المشرفة. رسالة تربط المساجد الثلاثة و تؤكد وحدتها .. فلم يكن المسجد الاقصى في ديننا الحنيف مرحلة عابرة و انما جزء اساسي في هذا الدين الحنيف, فعن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :" و ليوشكن  أن ( في الاصل: أن لا ) يكون للرجل مثل شطن فرسه من الارض حيث يرى منه بيت المقدس خيرٌ له من الدنيا جميعاً او قال خير من الدنيا و ما فيها " [من كتاب الاربعين المقدسيّة للدكتور رائد فتحي]


و ان كان اخر ايام السنة الهجرية الماضية شهد وقفة مع المسجد الاقصى و احتجاج على قرار بلدية الاحتلال هدم تلة المغاربة فإن باقي ايام السنة شهد تجاهل كبير للقدس و المسجد الاقصى بشكل محزن .. سواء كان هذا التجاهل من الدول او من الشعوب بحد ذاتها الا من رحم ربي. و لان القدس, و كما قال اسماعيل هنية في خطبة الجمعة في الامس , عقيدة و ليست فكرة .. و العقيدة تغذى بالايمان بها و القراءة عنها و تغذية الروح و القلب بها بحيث تتحول هذه العقيدة الى دافع يترجم بعمل على ارض الواقع.


و مع بداية العام الهجري الجديد .. ليسأل كل منا, كيف اكون للقدس و الاقصى اقرب ... كيف انصر الاقصى و المقدسيّين .. كيف اترجم تضامني معهم الى عمل يفيد القضية و يصل نفعه اليهم ؟! 


إن اهم و اول خطوة تقوم بها من اجل نصرة القدس ان تقرأ عن القدس و المسجد الاقصى, ان تتوفر لديك المعرفة الكافية بتاريخ المدينة .. جغرافيتها .. معالم المسجد الاقصى .. اهميته التاريخية و الدينية .. واقع المدينة و خطط ما يسمى " بلدية القدس " لتهويد المدينة. اضافة الى متابعة الاحداث اليومية التي تحدث في القدس و معرفة على كل مستجدات الوضع, بالتالي يصبح لديك المعرفة الكافية عن وضع القدس و ابعاد القضية و ما يتعرض له المسجد الاقصى في كل يوم.


ثانياً .. ان تضع خطة طويلة الامد لنصرة المسجد الاقصى و القدس الشريف .. الخطة ليست مرتبطة بأمور محددة و لكن كل واحد منا يعرف ما هي قدراته و امكانياته و بالتالي فهو الاقدر على وضع الخطة التي يراها مناسبة لكي ينصر القدس و المسجد الاقصى. و من المهم هنا ان تكون الخطة قابلة للتطبيق و مكونة من مراحل واضحة مستمرة .. بحيث يكون تنفيذ هذه الخطة جزء من يومك.


ثالثاً .. خصص جزء من مالك لنصرة القدس و المقدسيّين, فكثير من أهلنا في القدس بحاجة الى الدعم المادي من اجل التحرك في وجه خطط الاستيطان و تهويد المدينة .. و المؤسسات المقدسية بحاجة كبيرة الى الدعم المادي من اجل الوقوف في وجه خطط سلطات الاحتلال سواء فيما يتعلق بتهجير السكان او موضوع التعليم .. فالمدارس في القدس بحاجة الى دعم كبير لما تعانيه من تضييق من قبل سلطات الاحتلال.


رابعاً .. ان تنشر قضية القدس و المسجد الاقصى في محطيك .. سواء في المدرسة, الجامعة, العمل و العائلة بكل تأكيد .. و احرص على ان تنوع في الحديث عن القدس .. سواء بتقديم معلومة تاريخية عنها .. او ذكر خبر يومي عنها .. و لا تتردد في النقاش مع من ترغب في خطتك لنصرة القدس .. فقد تجد نقاط مشتركة مع اخرين بحيث تتوحد الجهود في نصرة المسجد الاقصى و القدس.


خامساً .. و هذه النقطة بالتحديد للاباء و الامهات بشكل خاص ... يجب ان نعمل على زرع اهمية المسجد الاقصى و القدس الشريف في نفوس اطفالنا و عقولهم .. يجب ان نربيهم على ان هناك المسجد الاقصى ثالث الحرمين يعاني من الاسر و الاضطهاد اليومي و انه يجب ان نحرره من كيد يهود .. فهذا من شأنه انشاء جيل يحمل هم القدس و الاقصى في قلوبهم و هذا ما نفتقده بشكل كبير في ايامنا هذه.


سادساً .. اعمل على ان تكون مبادر و خلّاق في نصرة القدس و المسجد الاقصى .. و للاسف فإنه في قضية نصرة المسجد الاقصى و القدس تغيب المباردة بشكل واضح و في المقابل فإن عدونا الصهيوني يبادر بشكل فردي لايجاد مشريع تهويدية في القدس .. فناك عدد من المنظمات التي انشأها افراد فاقت سلطات الاحتلال بالمجهود المبذول في تهويد القدس .. و ان كان المستوطنون يبادرون في قضية تبنوها و هي ظلم و عدوان .. فالاولى بالمبادرة هم نحن .. اصحاب الحق و اهله.


إن المسجد الاقصى و القدس مسؤولية كل المسلمين .. و لله الحمد فأهلنا في القدس و فلسطين ثابتون صامدون .. و نحن مطالبون بتحمل مسؤولياتنا و العمل على نصرة  المسجد الاقصى و الحفاظ عليه و على نصرة بيت المقدس بكل ما في وسعنا ..


و من هنا فـ كلنا مقدسيّون .. تطلق حملة ~ كيف أكون للمسجد الاقصى أقرب ~ ندعو من خلالها كل مسلم ان يضع برنامجه الكامل لنصرة المسجد الاقصى من اجل البدء في تنفيذه منذ اليوم .. و من باب التشجيع فإننا ندعوكم الى مشاركتنا ببرامجكم التي تضعونها من اجل نصرة المسجد الاقصى و قضية القدس من خلال ارسال هذه البرامج الى بريدنا الالكتروني kolona.maqdesyoun@gmail.com  .. و سنقوم بنشر البرامج المميزة منها .. و ايضاً التوافق على خطوات عامة نقوم بالعمل عليها جميعاً بحيث نتعاون في نصرة قضيتنا و مسرى رسولنا الكريم.


المسجد الاقصى يتنظرنا ... فلنبدأ بالعمل منذ اليوم على نصرته من أجل تحريره و تحرير فلسطين من ايدي اليهود الغاشمين .. و تذكر  .. أنا مسلم و المسجد الاقصى مسؤوليتي .. و تذكر ان هذا العمل جهاد في سبيل الله و ان الله سبحانه و تعالى سيثيبك و يطرح البركة في كل تحرك تتحركه لنصرة مسرى الرسول عليه الصلاة و السلام .. حتى ننشيء امة يكون ينبطق على كل فرد فيها قول الشاعر:


صب يرى في القدس خير حبيبة ... و القدس في قلب الابي غرام


و نحن بإنتظار برامجكم 

الخميس، 24 نوفمبر 2011

لنأخذ زمام المبادرة و نترك ردات الفعل




منذ ايام ليست بالبعيدة قررت بلدية الاحتلال هدم جسر باب المغاربة بحجة انه ايل للسقوط و الحريق و قد وضعت مهلة 30 يوم لهدمه. هذا الجسر الذي بني اثر تعرض تلة المغاربة الى انزلاقات ادت الى تهدم طريق المغاربة, فكان بناء الجسر بدلاً من اصلاح التلة التاريخية و التي تعتبر اخر ما تبقى من حارة المغاربة و المنفذ الرئيسي الى باب المغاربة.


استنهض المدافعون عن الاقصى همم الامة و قاموا بعقد عدد من المؤتمرات التي تبيّن خطورة الخطوة التي يرغب الاحتلال الاقدام على تنفيذها حيث تتضمن اقامة جسر جديد للمستوطنين و شرطة الاحتلال من اجل سرعة اقتحام المسجد الاقصى و تدنيسه, اضافة الى رغبتها في توسيع ساحة حائط البراق تماشياً مع مشروع زاموش الذي يهدف الى تهويد القدس و طمس معالم المدينة الاسلامية بالكامل. فتلة المغاربة و طريقها يوصل الى باب المغاربة و باب النبي - عليه أفضل الصلاة و السلام - و الذي يعتقد ان نبي الرحمة عليه الصلاة و السلام دخل الى المسجد الاقصى منه.


و استجابة للحملة الكبيرة التي نشرها شرفاء الامة و خيرة رجالها, الذين حملوا هم الاقصى و القدس في قلوبهم, ستخرج غداً ان شاء الله ملينويات في عدد من البلاد العربية و الاسلامية اهمها مليونية الاقصى في القاهرة و مليونية الاقصى في الاردن و التي ستنطلق الى اقرب منطقة على القدس " سويمة". و هاتين المليونيتين تحديداً لهما اهمية خاصة: فمليونية الاقصى في القاهرة لها اثر كبير في قلوب الصهاينة الجبناء, فكلنا يعرف ان اهل الكنانة, اهلنا في مصر, فك الله كربهم و نصرهم على كل ظالم, هم خير اجناد الله في الارض كما ذكر ذلك رسولنا الكريم صلى الله عليه و سلم, و هذا التجمع و الاهتمام بقضية الاقصى سيرعب اليهود و يجعلهم يراجعون حساباتهم.


أما مليونية الاقصى في الاردن فلها اهمية كبيرة في الضغط على وزارة الاوقاف الاردنية و التي يقع الاقصى و المقدسات الاسلامية في القدس تحت اشرافها و سلطتها بالكامل. و على الرغم من هذه المسؤولية الكبرى, فإننا لم نجد اي تحرك سواء على الصعيد الاعلامي او على ارض الواقع تجاه هذا التهديد الكبير الذي يمثله قرار الاحتلال بهدم تلة المغاربة. و من هنا فقد تم وضع هذه الخطوة كبداية لسلسلة من الخطوات التي تهدف للضغط على وزارة الاوقاف من أجل تحمل مسؤولياتها و اخذ الامانة بحقها .. و ما اكبرها و اقدسها من امانة !!


و هنا من الجدير ان نذكر ان هذا القرار قد اتخذته سلطات الاحتلال سابقاً و لكن الهبة الشعبية دفعتها الى تأجيل تنفيذ هذا القرار .. و اعادته قبل ايام قليلة .. فما الذي اختلف .. و ماذا يجب ان نفعل ؟!


ما نحتاجه في هذه المرحلة سلسلة من الخطوات العملية في محاربة تهويد القدس و الانتهاكات التي يتعرض لها المسجد الاقصى .. خطوات حقيقية على ارض الواقع تشكل خطوات استباقية تمكنا من أخذ زمام المبادرة و تحويل تحركاتنا من مجرد ردات فعل الى عنصر مغير في واقع الارض. للاسف في قضية القدس و المسجد الاقصى لم تكن تحركات امتنا الا في موقع رد الفعل, حتى كان الاستثناء في ترميم المصلى المرواني و افتتاحه للصلاة .


و بالتالي حتى لا تذهب جهود هذه المليونيات هباءاً و يزول تأثيرها بمجرد انفضاض الناس و يعود الاقصى وحيداً من جديد, علينا ان نتبعها بعدد من التحركات, أهمها:


1. الضغط بشكل مكثف على وزارة الاوقاف الاردنية من أجل تحمل كافة مسؤولياتها بالشكل المطلوب و الامر هنا ليس مقتصر على طريق المغاربة فقط, بل يتعداه الى الانتهاكات الكبيرة التي يتعرض لها المسجد الاقصى ليل نهار, من تدنيس له من قبل المستوطنين و قيامهم بأداء صلواتهم فيه و حتى ان وصل الحال بتدنيسه بفتح زجاجات الخمر فيه. اضافة الى حملات السياح التي تدخل المسجد الاقصى بشكل مخزي كل يوم مما ينتهك حرمة الاقصى.


2. توجه كل من وزارة الاوقاف الاردنية اضافة الى السلطة الفلسطينية الى منظمة اليونسكو و طرح قضية حائط البراق بشكل علني امام الجميع, هذا الحائط الذي حصل المسلمون على حكم من قبل لجنة دولية بأنه ملك لهم لوحدهم عقب احداث حائط البراق, و في كل بلدان العالم احتلال بلد معين لا يغير معالمها الدينية و الاثرية. و طرح قضية حائط البراق سيشكل رأي عام كبير حول وضع المقدسات الاسلامية في القدس المحتلة.


3. ايجاد وسائل دعم مادي متواصل لاهلنا في القدس و مساعدتهم في الصمود في وجه حملات التهجير المتواصلة. معركتنا في القدس عنوانها الانسان .. لان المقدسيّ و بفضل الله بوجوده يبطل مشاريع التهويد و لذلك الحرب عليه شعواء, و نحن مطالبون بدعمه بكل الوسائل الممكنة من أجل ضمان بقائه في القدس و مساعدته على العيش حياة كريمة في القدس. و الاستيطان عنوان معركة اليهود في القدس و هذا ما صرح به اليوم وزير داخلية الاحتلال اليوم, و لذلك يجب ان نحاربه بالحفاظ على اهلنا في القدس و الحفاظ على منازلهم و محالهم التجارية.


4. العمل الشعبي المتواصل من أجل قضية القدس و المسجد الاقصى و جعلها قضية يومية في حياتنا .. لان اخطر ما نواجهه في قضية القدس انسلاخ شبابنا عنها و جهلهم الكبير فيها .. و بالتالي يجب ان نحيي قضية القدس في نفوس ابنائنا بحيث يكون العمل من اجلها بحب و ايمان ... و هنا سنرى الافكار الخلاقة بإذن الله


لم يعد مقبولاً ان نبقى ننتظر خطوة العدو الصهيوني حتى نتحرك لندافع عن المسجد الاقصى و بيت المقدس .. يجب علينا ان نبادر و ان نتحرك بشكل يومي و بخطط ممنهجة و مدروسة حتى نحرر المسجد الاقصى بإذن الله .. اليوم نقف على حدودك يا قدس .. و غداً نصلي فيكِ بإذن الله .. طال الانتظار نعم .. و لكن الفجر اصبح اقرب ما يمكن .. فهيا شبابنا ليكن هدفنا في هذه الحياة العمل على تحرير المسجد الاقصى .. و القدس تنتظر عشاقها بكل شوق .. فأين هم العاشقون ؟؟!

الثلاثاء، 22 نوفمبر 2011

مرابطات على أسوار القدس ~ 3




لا تكاد تتكلم مع اي شاب عربي في اي من مدنا عن مستقبله و كيف يراه و ما يطمح الى تحقيقه, حتى تجد حلم السفر و الرحيل الى بلد اوروبي او غربي من اجل ان يبني حياته و ان يعيش حياة كريمة مميزة. و هذا الامر يصدقه طوابير الشباب على ابواب السفارات الاوروبية بين طالبين للهجرة و راغبين في اخذ فيزة زيارة و من ثم التجاوز و البقاء هناك .. ناهيك عن رواد الهجرة غير الشرعية و ما يعانونه من ويلات في سبيل الهجرة و الرحيل عن هذه البلاد.



الا ان الحال في القدس مختلف .. فالمقدسيّ كالسمكة, ما ان يخرج من المدينة المباركة حتى يجد نفسه يتنفس بصعوبة ...يستنشق هواء غريب عنه الى حد كبير .. هواء تنقصه البركة و لا يوجد فيه نفحات الاقصى و القدس القديمة .. فتجده ما يعود سريعاً اليها .. يعانقها و تعانقه .. تضمه بيديها الحانيتين .. أما حنوناً رغم كل الويلات التي مرت الا انها تزرع الصمود و الامل في ابنائها. و ما نذكره هنا .. ليس عبارات رنانة او كلام عاطفي .. و ان شرعنا في ذكر قصص العودة و تفضيل البقاء في القدس على غيرها من المدن فلن ننتهي من ذلك. و يكفي ان نذكر ان القدس هي المدينة الوحيدة التي يهاجر اليها اهلها من الضواحي و القرى الى قلب المدينة حفاظاً على بقائهم فيها .. و هذا ما لمسناه بوضوح بعد بناء جدار الفصل العنصري.


في هذه المقابلة نطرح ثاني اجزاء سلسلة مرابطات على اسوار القدس .. نوضح للعالم اي جيل تحمله فلسطين و اي جيل يحمل فلسطين .. كيف يجعلنّ من الاقصى قضية حياة .. حتى يكنّ قدوة لنا .. رجالاً و نساءاُ في عملنا و تعاملنا مع المسجد الاقصى و القدس و كامل فلسطين .. نترككم مع مرابطة على أسوار القدس:


- تعريف بالبطاقة الشخصية:
هنادي قواسمي، 25 عاماً، مدونة من القدس


- ماذا تعني لكِ القدس .. و كيف توطدت علاقتكِ معها ؟
القدس هي مسقط رأسي والمكان الذي كبرت فيه ووعيت على الدنيا، توطدت العلاقة بالبعد عنها للدراسة في بريطانيا، فشعرت بمكانتها لدي


- كيف تصفِين الشعور عندما تدخلين المسحد الاقصى و تؤدين الصلاة فيه
تتزاحم في عقلي ما ورد في الأحاديث والآثار عن فضل القدس والأقصى وأتخيل الأنبياء خلف النبي محمد ليلة الاسراء


- مما لا شك فيه تواجد المستوطنين في القدس امر مؤذي للعين و القلب .. كيف تجدي صمود اهلنا في القدس رغم كل هذه الظروف الصعبة
البقاء في القدس والعيش فيها هو بحد ذاته صمود ورباط فكل ما فيها من ظروف يدعو للهجرة ولكن الناس باقون.


- ما هي أهم الوسائل التي ممكن ان ننصر بها القدس


العلم بالشيء للعمل له. تعلم عن القدس وتعرف عليها لتحبها اكثر فتدفعك نفسك للعمل  لها. انشر قضيتها 



- قضية القدس و المسجد الاقصى .. هل تجد الاهتمام المطلوب في شعوبنا و كيف نعززها و نغذيها في نفوس شبابنا

لا أظن كذلك، يجب ان نخاطب الشباب بالوسائل التي يحبونها.. في عصرنا لا اقوى من السينما والاعلام..لماذا لا ينتج فيلم حقيقي وبجودة عالية عن القدس


 - كلمة موجهة لـ كلنا مقدسيّون
شكرا لجهودكم .. خطوة في طريق طويل..



الأحد، 20 نوفمبر 2011

مرابطات على أسوار القدس ~ 2




عن ذي الاصابع رضي الله عنه انه قال: يا رسول الله إن ابتلينا بالبقاء بعدك فما تأمرنا فقال صلى الله عليه و سلم :" عليك ببيت المقدس لعل الله يرزقك ذرية تغدو إليه و تروح " أخرجه أحمد. و ها نحن نرى ذرية صحابة رسول الله عليه أفضل الصلاة و السلام و التابعين يغدون الى المسجد الاقصى و بيت المقدس و يروحون اليه .. في عز وحدة الاقصى و انينه في ظل هجمات الصهاينة الاوغاد .. يؤنس وحدته أهلنا في القدس و فلسطين .. يذودون عنه و يشدون الرحال اليه نصرة له و دفاعاً عنه.


و من أجمل بركات بيت المقدس و المسجد الاقصى أنه ما ان تزوره مرة .. حتى يدفعك الشوق لزيارة مرة اخرى فأخرى .. تزوره فتتزود من بركته التي عمته و فاضت لما حوله .. تتنشق هواه .. تلتصق بتاريخه فتصبح جزء ممن كرس حياته للمسجد الاقصى .. فتخرج منه جندي من جنود الله في الارض تعمل لنصرة المسجد الاقصى و القدس بكل حب و تفانٍ .. ثم تزوره تارة اخرى .. فيتعزز هذا الشعور .. هي تغذية راجعة .. تحمل في طياتها عبق التاريخ و نسائم العزة تعزز صمود اهلنا و تجعلنا نراهم بصلابة قد نستغربها .. و لكن ما ان تعرف سرها حتى تقف احتراماً لهيبتها و تقديراً لاهلها.


في هذه المقابلة نطرح ثاني اجزاء سلسلة مرابطات على اسوار القدس ..  نوضح للعالم اي جيل تحمله فلسطين و اي جيل يحمل فلسطين .. كيف يجعلنّ من الاقصى قضية حياة .. حتى يكنّ قدوة لنا .. رجالاً و نساءاُ في عملنا و تعاملنا مع المسجد الاقصى و القدس و كامل فلسطين .. نترككم مع مرابطة على أسوار القدس:


-  تعريف بالبطاقة الشخصية:


صفاء الخطيب، من قرية كفركنا قضاء مدينة الناصرة أي ادخل الخط الأخضر، طالبة ثانوية عامة تخصص كيمياء بيولوجيا. أحمل الجنسية الإسرائيلية 


-  ماذا تعني لكِ القدس .. و كيف توطدت علاقتكِ معها ؟


ماذا تعني لي القدس .. في الحقيقة لقد وجدت القدس لها معنى في حياتي من خلال معناها وقيمتها لأمتي.. أمة الإسلام فهي محور الأمة ولبّ الصراع يدور كله عليها وإن صلح حال القدس صَلُحَ حال الأمة وإن فسد حالها فسد حال الأمة . وكذلك تكتسب معناها لدي من خلال رمزيتها الدينية لي ولجميع المسلمين فهي القبلة الأولى التي صلى إليها وهي مهبط وحي رسول الله حين أسرى من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ثم عرج إلى السماء.
وحين تسمع حديث الرسول الكريم يقول " أيما رجل خرج من بيته لا يريد إلا الصلاة في هذا المسجد خرج من خطيئته كيوم ولدته أمه" بالتأكيد ستعني لك القدس شيئاً ويعني لك مسجدها الأقصى أشياء.. وقد توطدت علاقتي معها من خلال الزيارات المتكررة الكثيرة فأنا لا أستطيع أن لا أزور القدس مرة في الشهر على الأقل لأصلي في المسجد الأقصى وأكتشف أسرارها من معالم وتاريخ .


- كيف تصفِين الشعور عندما تدخلين المسحد الاقصى و تؤدين الصلاة فيه


كيف أصف الشعور حين أدخل المسجد الأقصى .. لن أقول إنه شعور لا يوصف لأنه كذلك فالدخول إليه يجعلك تمزج مشاعر الحب والروحانية مع مشاعر الحزن والبغض لمن سلب هذه الدرة الثمينة من أيدينا .. الشعور بالإغتراب.. بالوحدة .. فعندما ترى في أيام أن عدد الجنود والشرطة يتجاوز في سائر أنحاء المسجد وعلى أبوابه عدد المصلين بكثير .. ستشعر بالغربة والأسى الملطخ بعار صمت المسلمين على ما يحصل من انتهاكات وتدنيس له


- مما لا شك فيه تواجد المستوطنين في القدس امر مؤذي للعين و القلب .. كيف تجدي صمود اهلنا في القدس رغم كل هذه الظروف الصعبة


أهل القدس آية في الصمود .. رغ ما يتعرضون له من سلب حريات كحرية التنقل من حارة إلى أخرى وتجد حاجزاً يوقفك وإيذاء بطرق تصدقها ولا تصدقها كنشر المخدرات بين أوساط الشباب المقدسي لتجهيلهم أخلاقياً وثقافياً ومنعهم من أبسط حقوقهن وهي حق التملك والبناء على أراضيهم عدا عن مصادرتها فأن تعمر بيتاً في القدس كأن تنسف جبلاً عن بكرة أبيه لصعوبة هذه المهمة فالكل يحول دون بناء البيت والكل يحاول أن يثنيك عن عزمك لتغادر الأرض وتهاجر لمكان آخر .
والمقدسيون صابرون .. أم كامل وأهل الشيخ جراح بأكمله.. أهل سلوان وشعفاط وصور باهر .. الكل صامد


-  ما هي أهم الوسائل التي ممكن ان ننصر بها القدس


قبل أن نساهد في نصرة الأقصى مادياً من خلال التبرعات أو المساهمة إعلامياً من خلال نشر القضية بكافة وسائل الإعلام يجب المعرفة بهذه القضية، دراستها، سبر أغوار مدينة القدس، يجب أن نبني حبنا لهذه المدينة على أساس علمي وديني معاً، فحب المسجد الأقصى ونحن لا نعرف المسجد القبلي من قبة الصخرة لا يكفي لنصرة القضية وحب القدس ونحن لا نعرف السياسة التي يتبعها الإسرائيليون ضد المقدسيين كذلك لا يكفي لنصرة القضية .. يجب أن نعرف أهميتها، تاريخها، معالمها حتى نستطيع نصرتها


- قضية القدس و المسجد الاقصى .. هل تجد الاهتمام المطلوب في شعوبنا و كيف نعززها و نغذيها في نفوس شبابنا


هل تجد الإهتمام المطلوب أم لا تجد.. ربما تجد مكاناً لها في عاطفة المسلم الشاب وتحرك فيه روح النخوة ولكن ما دام هذا مجرد عاطفة فلن يكفي . 
الشعوب تستيقظ، ووجدنا في مرحلة طيبة يمكن الشعوب من تحرير نفسها ثم الانتقال إلى تحرير عاصمة الخلافة الإسلامية القدس .. نحن على أمل ويقين بأن الأمة تحمل كل الخير لمقدساتها .. وأنها تستيقظ من نوم كاد يميتها.. والأيام سترينا ما تحمله الأمة المسلمة من دعم وعمل لهذه المدينة وإنقاذها قبل فوات الأوان


 - كلمة موجهة لـ كلنا مقدسيّون


كلنا مقدسيون" إسم جميل لا يعبر إلا عن معنى الوحدة الخالصة لهذه المدينة ورمزيتها الدينية "
باركَ الله في جهودكم في المدونة.. تويتر .. لنشر القضية .. وإن شاء الله لن يضيع جهدكم سدى :)


- كلمة حرة ..


 أود الكلام حول الإنتهاكات التي تحصل في القدس.. يجب نشر القضية بشكل أكبر .. فضح الإنتهاكات كالحفريات التي تحصل أسفل المسجد الأقصى .. نبش القبور كالذي يحصل في مقبرة مأمن الله ليبني اليهود عليها "متحف سلام" !! .. الوحدات الإستيطانية التي تزحف يوماً بعد يوم لتخترق قرى وضواحي القدس الشريف .. القدس والأقصى في خطر شديدين !! فانصروا أقصاكم 

الخميس، 17 نوفمبر 2011

مرابطات على أسوار القدس ~ 1



هي تلك الارض التي باركها الله سبحانه و تعالى من فوق سبع سماوات .. ففاضت بركاتها و عمت على ما حولها .. ارض باركها رب العباد بوجود المسجد الاقصى فيها .. اولى القبلتين و ثاني المسجدين و ثالث الحرمين .. سكن فيها و زارها الانبياء ... و عشقها العباد و الزهاد .. و قصد جنباتها العلماء .. و سطر الخلفاء و السلاطين اسماءهم في تاريخ الامة بإهتمامهم بها .. و ما كانت مكانتها لتكتمل الا بزيارة خير الانام عليه افضل الصلاة و التسليم في رحلة الاسراء و المعراج لها ... إنها القدس .. ارض باركتها السماء

و ما كان لاهل القدس و ما حولها ان يكونوا اناس عاديين .. فهم يسكنون ارضاً باركها الله سبحانه و تعالى ... و يأكلون من ثمر زرع نبت من هذه الارض التي روتها دماء الصحابة و الشهداء .. و يعيشون في افق تعطر بصوت بلال بن رباح رضي الله عنه و هو يصدح بالاذان لاول مرة بعد وفاة الرسول الكريم عليه افضل الصلاة و السلام. كل هذه الاجواء جعلت من اهلنا في فلسطين و القدس اوتاد ترتبط بها, تستمد قوتها و صمودها من كل هذه العوامل .. يحملون جينات الصمود و الجهاد .. فهم المجاهدون بصمودهم و هم المجاهدون بنضالهم و هم الثابتون حتى ان يمن الله علينا بالنصر و الفتح المبين.

و يطول الشرح و الحديث في ذكر بطولات رجال و شباب فلسطين و لكنّا هنا نريد ان نلقي الضوء و لو بصورة بسيطة عن فتيات و شابات و نساء من فلسطين .. عشقنّ القدس .. حملنّ المسجد الاقصى في قلوبهنّ و عقولهنّ ...في الوقت الذي ينشغل مثيلاتهنّ في باقي العالم بأمور مختلفة تماماً .. يعشنّ للمسجد الاقصى قضية حياة .. و ينطلقنّ في هذه الدنيا .. تجدهنّ متميزات في حياتهنّ .. ليضئنّ نجوماً في سماء فلسطين تزينها و تفاخر بها الدنيا .. كل واحدة منهنّ .. خنساء بطريقتها الخاصة .. و كلهنّ يجتمعن في هدفهنّ .. هنّ هنّ .. مرابطات على أسوار القدس

و في هذه السلسلة سنتشرف بإجراء مقابلات مع عدد منهنّ .. نوضح للعالم اي جيل تحمله فلسطين و اي جيل يحمل فلسطين .. كيف يجعلنّ من الاقصى قضية حياة .. حتى يكنّ قدوة لنا .. رجالاً و نساءاُ في عملنا و تعاملنا مع المسجد الاقصى و القدس و كامل فلسطين .. نترككم مع اولى مقابلاتنا .. مع مرابطة على أسوار القدس:

 تعريف بالبطاقة الشخصية:

اختكم مروة كمال الخطيب – عمري 17 عشر عاما ، اسكن في قرية كفركنا قضاء الناصرة في الاراضي المحتلة عام 48 ، طالبة في السنة الاخيرة  للمرحلة الثانوية في التخصص العلمي .

- ماذا تعني لكِ القدس .. و كيف توطدت علاقتكِ معها ؟

القدس ، نبضُ عروبتي ، هويتي الاسلامية ، وأرضي التي فيها معيشتي ومماتي .

القدس بالنسبة لي كل شيء ، أبث فيها آهاتي ، وآهات المسلمين ، بوابة السماء التي أرسل الشكوى فيها إلى الله لا يحول بينها وبينه شيئ ، القدس عقيدتي ، وموطن الآمال .

توطدت علاقتي بفضل الله ثم أمي ، أمي مقدسية فكنت كلما ذهبت لبيت جدي زرت المسجد الاقصى ، ومن صغري اعتدت على اللعب بين جنباته ، وكبرت وصرت أذهب للرباط فيه على الرغم من المسافة الطويلة بين مكان سكني وبينه ، ولله الحمد والمنة ان رزقني الرباط والصلاة فيه .

وان لم يكتب لي أن ارى المسجد الاقصى حرا طليقا فأسأل الله ان يكون جسدي جسرا يعبر عليه الاحرار لتحريره .

 - كيف تصفِين الشعور عندما تدخلين المسحد الاقصى و تؤدين الصلاة فيه


عـدا عن الراحة النفسية التي تسكنني عند دخولي للمسجد القبلي او قبة الصخرة للصلاة ، فهناك الحضارات تلتقى ، عندما أتكأ على جدران المسجد القبلي أشعر بأيدي جنود صلاح الدين على أحجاره ، أرواحهم هناك محلقة ، عبق الانبياء يسري في كل جوانبه ، طهارة النبي محمد عليه السلام تبعث في الاجواء سكينة ونقاء ! شعور لا يوصف حقيقة ، أسأل الله ان يرزقكم صلاة قريبة فيه ، فيكون هناك شعورا جديدا آخر جميلا يضاف الى معاني المسجد الاقصى .

 - مما لا شك فيه تواجد المستوطنين في القدس امر مؤذي للعين و القلب .. كيف تجدي صمود اهلنا في القدس رغم كل هذه الظروف الصعبة

صمودهم كبير ، وألمهم عظيم ، وجراحهم غائرة ، كيف تجدون أنفسكم عندما يطردكم غريب من بيوتكم ويهدمها بعد ذلك أو يسكنها وتبقون أنتم في العراء ، لا ماء ولا مأوى !

- ما هي أهم الوسائل التي ممكن ان ننصر بها القدس
 
قبل المـال وقبل الدعم المادي ، يجب ان نكون أنفسنا ونبني جيلا يحمل القرءان ويعرف القدس ، عقيدته تهز الارض هزا ، ليستطيع ان يحمل القدس بيديه وينتزعها انتزاعا من بني صهيون ، المال يساعد مؤقتا ولا يفيدهم أبد الدهر ، ولكن العلم والايمان هما من سيعيدان القدس ، وجيل القرءان هو الوحيد الذي سيتمكن من ذلك .

- قضية القدس و المسجد الاقصى .. هل تجد الاهتمام المطلوب في شعوبنا و كيف نعززها و نغذيها في نفوس شبابنا

في الآونة الاخيرة ، وجدت شبابا رائعا ، يخاف على القدس ويحمل همه ، وجدته في الكويت ، وفي لبنان ، البحرين ، الاردن ، السعودية ، وفي سورية الجريحة ، وجدت في كل هؤلاء الشباب أن القدس تأخذ لها مكانا كبيرا في قلوبهم ، يسمعون أنينها ، وقريبا سيصلون أليها وان لم يستطيعوا فأجسادهم ستكون هي الجسر المؤدي اليها .

كيف نعزز القضية في النفوس ،، هي السؤال هل تستطيع أن تترك مسرى نبيك لبني صهيون يمرحون فيه ويهدمون آثاراه ويغيرون معالمه ؟ هذا جزء من ديننا ومن عقيدتنا ان فرطنا فيه فسنفرط في أنفسنا لاحقا .

 - كلمة موجهة  لـ كلنا مقدسيّون

 كلنا مقدسيون ، كلنا مسلمون ، كلنا الاقصى بالنسبة لنا أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ، هو مسرى نبينا ، اذا لم يكن فينا الخير لندافع عنه وهو عرضنا فلماذا نعيش وأين مروءة العرب وشيمهم ؟

كلنا مقدسيون أحرار ، رفعتم راية الحق وناديتهم بها ، عاهدتم على مساعدة أهلنا في القدس وعلى مساعدة المسجد الاقصى وتعريف الناس بقضيته ، ماذا أقول ؟ أدامكم الله للحق راية ونفعكم بكم الاسلام والمسلمين ، ورزقكم صلاة عاجلة في المسجد الاقصى بعد ان تحرروه من دنس بني صهيون .

الثلاثاء، 15 نوفمبر 2011

اليوم اليوم ... و ليس غداً




اليوم اليوم و ليس غداً ... هي ليست الكلمات التي غنتها فيروز من أجل القدس و التي رددها العرب عبر سنوات طوال .. ترديدهم لها كترديدهم لاي غناء .. كلمات جميلة بلحن مميز و صوت رائع .. كلا .. هي صرخات القدس .. هو أنين المسجد الاقصى .. هي استغاثات احجار القدس التي شوهتها بلدية القدس بتهويدها عبثاً .. هي نداءات اسوار القدس الشاهدة على صمود أهل القدس رغم كل الظروف المحيطة .. اليوم اليوم و ليس غداً ..



نعم اليوم .. اتتنا الاخبار ثقالاً من القدس .. تهز ضمير الامة العربية و الاسلامية .. تخاطب ضمير كل عاشق لمسرى رسولنا الكريم - عليه افضل الصلاة و السلام - اما ان لك ان تنتصر لاولى القبلتين ؟؟! اما آن لك ان توقظ الامة من سباتها ؟! لم يبقى شيء في القدس الا و تعرض للتهويد .. المسجد الاقصى تحت الخطر ... المقدسيّون يواجهون خطر هدم منازلهم و تهجيرهم .. معالم القدس تتعرض للتهويد ؟؟ هي حربة ممنهجة مفتوحة في القدس ... فإلى متى ؟!


تمضي الايام و تمضي سريعة .. المدة المحددة لهدم طريق المغاربة تكاد تنتهي .. هذا القرار الذي اتخذت سلطات العدو منذ 2007 و اجلته حتى اعادة طرحة قبل عدة اسابيع .. هدم طريق المغاربة خلال 30 يوم .. لماذا الان ؟! لان الصمت العربي و الاسلامي وصلت ذروته فيما يتعلق بالمسجد الاقصى و القدس. إن هدم طريق المغاربة يعني ان سلطات الاحتلال اصبحت شريكة للمسلمين في المسجد الاقصى .. اليوم يهدمون طريق المغاربة .. غداً يجرفون ساحات المسجد الاقصى .. بعده يقسمونه .. و نحن ننظر. إن هدم طريق المغاربة سيتبعه انشاء جسر حديدي يوصل بشكل مباشر للمسجد الاقصى بحيث يصبح " اوتستراد" لكل من قوات الشرطة و حرس الحدود و قطعان المستوطنين من أجل اقتحام المسجد الاقصى متى شاؤوا و بأعداد اكبر.


بالتزامن مع هذا التهديد للمسجد الاقصى .. تواصل قوات الاحتلال خطواتها نحو إقامة ما يسمى بالحدائق التوراتية في سلوان و الذي يتطلب هدم ما يزيد عن 22 منزل هي كامل حي البستان في سلوان .. إقتلاع الانسان و العائلات و هدم منازلها من اجل اقامة حدائق .. هل يحدث هذا في اي مكان اخر غير القدس ؟؟!! و الاغرب من ذلك .. قامت قوات الاحتلال و بلدية القدس بمداهمة ارض في حي الثوري بمساحة 850 متر من اجل تحويلها الى حديقة عامة و مواقف للسيارات !! المفارقة الكبرى ان هذه الارض ملاصقة لمدرسة للبنات و قد كانت المدرسة تقدمت بطلب من اجل ضمها للمدرسة و توسيع مباني المدرسة لاكتظاظ الصفوف ... الا ان الطلب قوبل بالرفض .. من اجل هذا المشروع!!!


و على مستوى الاستيطان, فإنه في الوقت الذي يطرد فيه المقدسيّ من منزله و يتكدس افراد العائلة الواحدة في غرف معدودة لان بلدية القدس لا توافق على طلب ترخيص توسيع البناء .. تواصل بلدية القدس في بناء و طرح عطاءات بناء المغتصبات في القدس و خصوصاً القدس الشرقية. حيث اشارت التسريبات ان بلدية الاحتلال نشرت عطاءات لبناء 750 وحدة استيطانية على جبل ابو غنيم و اخرى ستقام في المدينة ذاتها. و هذا الاجراء نقطة في بحر تغيير المعالم في القدس و خنقها بطوق من المغتصبات التي تحيط بها من كل مكان.


و في نفس سياق التهويد, كشفت الاخبار القادمة من القدس مواصلة اعمال الحفر في مقبرة مأمن الله, أقدم مقبرة في القدس و التي تضم عدداً من رفات صحابة رسول الله عليه الصلاة و السلام, في المنطقة التي تنوي حكومة الاحتلال بالتعاون مع مؤسسة سيمون فيزنتال  انشاء ما يسمى بمتحف التسامح. و اي تسامح هذا الذي يبنى على رفات رجال ضحوا بأموالهم و انفسهم في سبيل تحرير هذه الارض و الذود عنها .. اي تسامح هذا في ازالة قبور ضمت في جنباتها رفات كبار علماء الامة الاسلامية الذين اضاؤوا الطريق لاجيال و اجيال من ابناء هذه الامة.


و ما ذكرناه ملخص بسيط لما يجري في هذه الايام في القدس .. فهناك احداث في كل ساعة .. بين تجبر من سلطات الاحتلال و سياسة تهويدية مكثفة .. يقابله صمود يتبعه صمود من أهلنا في القدس ... الا ان الشيء الثابت في هذه العملية كلها .. الصمت العربي و الاسلامي. لم يعد للصمت مكان يا أهلنا ..و يجب ان نبدأ تحركنا اليوم اليوم ... و ليس غداّ:


- أولاً ... يجب على وزارة الاوقاف الاردنية ان تباشر في اتخاذ اجراءات حقيقية للوقوف في وجه حملة هدم طريق المغاربة, حيث ان الاوقاف الاردنية هي المسؤولة عن المقدسات الاسلامية في القدس و تحديداً المسجد الاقصى .. يجب ان نتوجه بشكل مكثف من أجل دفع الوزارة الى التحرك و الخروج بموقف واضح .. يتبعه تحرك عملي من اجل حماية المسجد الاقصى بشكل فعلي.


- ثانياً ... يجب ان نقوم بعمل حملة مكثفة من أجل فضح مؤسسة سيمون فيزنتال و كشف صورتها الحقيقية امام العالم الغربي بحيث نوقف ما يسمى بمشروع متحف التسامح و نظهر للعالم اي طغيان تمثله هذه المؤسسة بالاضافة الى تذكير العالم بغطرسة سلطات الاحتلال.


 و قبل كل ذلك و بعده ... يجب ان ندعم اهلنا في القدس مادياً, و معنوياً بشكل مكثف من اجل تعزيز صمودهم في وجه حملة التهويد المكثفة التي يواجهونها .. و هنا نوضح انه و لله الحمد, اهلنا في المقدسيّون صامدون على العهد مهما كانت الظروف و لكن اقل ما نقدمه ان نوفر لهم بعض الادوات التي تساعدهم على الصمود مادياً .. و ان نساندهم معنوياً لنشد من أزرهم و نؤكد لهم اننا الى جانبهم ندعهم جهادهم اليومي و نقف الى جانبهم في دفاعهم عن الارض و المقدسات.


اليوم اليوم ... و ليس غداّ .. بهذه العقلية يجب ان نتحرك .. بهذا الاصرار و بهذه العزيمة يجب ان نعمل .. لم يعد للسكوت مكان الان .. فالاقصى ينادينا .. إن هذه امانة في اعناقنا مسؤلون عنها يوم القيامة ... فلننصر مسجدنا الاقصى و اهلنا في القدس .. اليوم اليوم .. و ليس غداّ


السبت، 12 نوفمبر 2011

500 يوم يجسدون شعار .. باقون في قدسنا




لانها القدس .. عنوان الصراع و محوره الاساس ... عملت قوات الاحتلال على فرض كافة اشكال التضييق و التهويد لتحويلها لعاصمة ابدية لدولتهم السرطانية. و لكنهم اصطدموا بعامل الانسان المقدسيّ الذي وقف في وجه مخططاتهم بكل صمود, مما جعلهم يوجهون مخططاتهم بشكل مكثف نحو تهجير المقدسيّين و طردهم خارج القدس, سواء بإرادتهم من خلال التضييق عليهم او عن طريق تهجيرهم قسراً عن المدينة باستخدام قوانين فصلت خصيصاً لهم, لم يسبق للعالم ان سمع بها.



و حيث ان الانسان المقدسيّ يشكل صمام امان للحفاظ على هوية القدس الاسلامية و يقف حجر عثرة في وجه مخططات التهويد, فقد عمل الاحتلال الصهيوني على استهداف رموز المقدسيّين سواء بالاعتقال, التصفية الجسدية او الابعاد عن المدينة من أجل تفريغ المدينة من رموزها السياسية و الفكرية و حتى يكونوا مثال حي لكل من يعمل على مقاومة سلطات الاحتلال بأي شكل بحيث يتحول المقدسيّيون الى شعب مسالم يسهل التعامل معه و بالتالي طمس معالم المدينة و تغيير تركيبتها الديموغرافية بشكل سلس و في النهاية يتم التخلص من العقبة الاساسية في تهويد المدينة. الا ان المقدسيّون كانوا و ما زالوا عنواناً للصمود و المقاومة, فهم يسطرون ملاحم الصمود في كل يوم على الرغم من اشكال التضييق التي يمارسها العدو الصهيوني عليهم.


في عام 2006 ترشح كل من أحمد عطون, محمد طوطح و محمد ابو الطير ضمن قائمة التغيير و الاصلاح لتمثيل الشعب الفلسطيني في المجلس التشريعي و الحكومة الفلسيطينية, و بعد فوزهم بالانتخابات التشريعية و تشكيل الحكومة الفلسطينية و التي ضمن خالد ابو عرفة وزيراً فيها, قامت سلطات الاحتلال في بتاريخ 29/6/2006 بإعتقال النواب المقدسيّين و الوزير ابو عرفة ضمن سلسلة اعتقالات شملت 64 نائب و وزير و رئيس بلدية. و لقد استمرت فترة اعتقالهم قرابة الـ 3 اعوام و نصف حيث تم اطلاق سراحهم بعد ذلك.


و لكن هذا الافراج لم يكن نهاية القصة, بل بداية لصفحة جديدة من معاناة المقدسيّين نعيش احداثه حتى يومنا هذا. فبعد الافراج عن النواب المقدسيّين و الوزير السابق, قامت سلطات الاحتلال بتسليمهم قرارت تقضي بإبعادهم عن القدس خلال 30 يوم بحجة ولائهم لغير سلطات الاحتلال. ثم تم اعتقال النائب محمد أبو طير مما دفع بالنائبين طوطح و عطون مع الوزير السابق ابو عرفة بالتوجه الى مقر الصليب الاحمر في حي الشيخ جراح للاعتصام به رافضين قرار سلطان الاحتلال و مصريّن على البقاء في القدس مهما كانت الظروف حيث بدأ اعتصامهم في1/7/2010


لقد اصبح مقر الصليب الاحمر رمزاً لصمود النواب و الوزير يستلهم منه اهل القدس صمودهم و ثباتهم في القدس, و اصبح المقر محجاً للوفود الدولية المتضامنة معهم, حيث زارهم ايضاً عدد من سفراء دول عديدة كسفير تركيا و سفير جنوب افريقيا. و اظهر اهلنا في الداخل الفلسطيني دعمهم المتواصل لهذا الاعتصام فتواصلت الوفود من جميع قرى و مدن الداخل و كان على رأسهم الشيخ رائد صلاح. لقد حول نواب القدس و الوزير السابق هذا الاعتصام الى رمز حي على صمود المقدسيّين في ارضهم و مدينتهم رغم كل الظروف مما قهر قوات الاحتلال بشكل واضح و عملي.


قامت قوات الاحتلال بإبعاد النائب المقدسيّ محمد أبو طير عن القدس الى رام الله, فسكن النائب في اقرب قرية من قرى رام الله الى القدس, ثم قامت قوات الاحتلال و بحجة تشكيله خطر على امن الكيان الصهيوني باعتقاله من جديد حتى يومنا هذا. و في تاريخ 26/9/2011 قامت فرقة من قوات المستعربين بإختطاف النائب احمد عطون من قلب مقر الصليب الاحمر في سابقة جديدة يقوم بها العدو الصهيوني لم يعهدها العالم من قبل, حيث كاد هذا الخطف ان يودي بحياة النائب عطون غير ان الله سلّم. و قد عرض النائب عطون على المحكمة بعد فترة من اختطافه ليوقع على اقرار بإبعاده عن القدس لكنه رفض, و ما يزال النائب عطون مختطفاً حتى يومنا هذا.


و اليوم يصل اعتصام النواب و الوزير السابق الى يومه الـ 500 .. رحلة طويلة من الصمود و التحدي شابها العديد من الاحداث العاصفة, و على الرغم من اعتقال و ابعاد النائب ابو الطير و اختطاف النائب عطون, الا ان النائب طوطح و الوزير السابق ابو عرفة مصرون على اتمام المسير مؤكدون على عزمهم مواصلة ما بدؤوه حتى ينتصروا للقدس و المقدسيّين و يكسروا هجمية الاحتلال. إن هذا الصمود القوي و المتواصل و الذي يشكل صورة رائعة مشرقة في القدس, يقابله تخاذل و ضعف متواصل و الذي يشكل صورة مخزية  للسلطة و العالم العربي و الاسلامي.


500 يوم من الصمت و التخاذل و عدم التحرك من قبل السلطة الفلسطينة و العالمين العربي و الاسلامي تجاه قضية انسانية عادلة بكل الصور و المقاييس. كيف للسلطة الفلسطينية ان تتخلى عن نواب في مجلسها التشريعي و وزير سابق في حكوتها بهذا الشكل الغريب و كأنهم لا يعنونها بشيء. و الامر نفسه ينطبق على امتنا العربية و الاسلامية فحين ينتقص العدو من شرعيتنا الا يجب ان نقابله بالتحرك على جميع الصعد الدولية ؟؟!! إن هذا الصمت لهو صورة جديدة من صور تنكر السلطة الفلسطينية و العالمين العربي و الاسلامي للقدس و أهلها ... فمتى تنصف القدس و متى ينصف المقدسيّون ؟!


إن ملحمة اعتصام النواب المقدسيّين تسطر في تاريخ الشعوب و الامم .. و قد سمعنا العديد يردد شعارات رنانة .. الا ان نواب القدس و وزيرها السابق يجسدون شعارهم " باقون في قدسنا " بشكل فعلي في كل يوم يمر عليهم ... يشكلون شعلة صمود في القدس .. و راية عزة تلهم اهل القدس و تعزز صمودهم فيها. إن أهل القدس بصمودهم المستمر لا يتركون لاي منا اي عذر نشرح فيه تخاذلنا في نصرتهم ... فهم يسطرون في كل يوم اروع صور الصمود رغم كل التضييق الواقع عليهم ... فمتى نقتدي بهم .. متى نتعلم منهم ؟؟! و الى متى يبقى هذا الصمت يمثلنا ؟!

الاثنين، 7 نوفمبر 2011

الى صائب عريقات ... مع عدم الاحترام





قررت السلطة الفلسطينية التوجه الى الامم المتحدة و مجلس الامن من أجل الحصول على اعتراف بالدولة الفلسطينية و بدأت المعزوفات بإستحقاق ايلول تنطلق و تخون كل من يشكك في نجاعة هذا الخيار. و ذهب ابو مازن و قدم خطاب في الجمعية العامة للامم المتحدة تحدث فيه عن القدس و انها عاصمة الدولة الفلسطينية. انتهى الخطاب, صفق الحضور و بدأت الاعراس ... فما كان من القدس الى ان دفعت الفاتورة كاملة, من خلال تعرض المسجد الاقصى و المقدسيّون لاصناف و انواع التضييق و التهديد بشكل مضاعف.


و تواصلت سلسلة حلقات التهويد في القدس من خلال استمرار بناء المغتصبات المسماة  بمستوطنات الطوق و الهادفة الى فصل القدس عن الضفة الغربية و خنقها و جعلها ذات طابع يهودي بحت. و اليوم خرج علينا نتنياهو مجدداً بتصريح يؤكد فيه ان البناء في القدس هو افضل وسيلة لتقوية الاستيطان, و هذا الموقف ليس مستغرب من هذا المجرم الذي لطالما صرّح بذلك. و لكن الغريب ما خرج به علينا صائب عريقات رداً على تصريحات نتنياهو .." استمرار اسرائيل بالاستيطان في القدس يعني بأنها تريد تدمير عملية التسوية " ؟!!! هل هكذا يدافع المسؤولون عن عاصمة دولتهم ؟!! 


عن اي عملية تسوية تتكلم يا عريقات .. الا يكفي انكم تنازلتم عن القدس الغربية و وهبتوها لليهود .. و ما زلتم تلهثون وراء سراب التسوية؟! و الله لم تقدروا القدس و لم تعرفوا قدرها, فمن يعرف قدر القدس لا يعاملها كما تعاملوها. و لن اتحدث هنا كيف عامل الفاتحون و خلفاء الامة و سلاطينها القدس , فالمقارنة مجحفة جداً بحقهم. و لكن دعني اسرد لك كيف يعامل الصهاينة المغتصبون القدس و كيف يقدرونها:


لقد جعل هيرتزل القدس الحلم الذي دغدغ به اليهود في كل ارجاء العالم و قاموا بنشر اكذوبة الهيكل لربط عودتهم للقدس بعقيدة تغذي هذه الحركة, و قد اطلقها مدوية قبل حتى قيام الكيان الصهيوني " إن قدر لنا ان نمتلك القدس و انا على قيد الحياة و كنت قادراً على فعل شيء, فسوف ادمر كل ما هو مقدس عند غير اليهود فيها". بهذه العقلية بني المشروع الصهيوني, امتلاك القدس و ازالة اي شيء لا يمت لهم بصلة من اجل تحويلها الى مدينة يهودية خالصة. و بعد قيام الكيان الصهيوني و احتلال 80% من مساحة القدس, صرح حاييم وايزمن " لم يكن بوسع اليهود خلال الاف السنين الماضية نسيان القدس فكيف ينسونها الان, لا يمكن لاحد ان يصدق انه في الوقت الذي يعيد فيه اليهود بناء دولتهم يقتطع منها العاصمة التاريخية القلب النابض".


و بعد حدوث النكبة, صرح بن غوريون أن الحرب من اجل القدس هي حرب من اجل البلاد, اذا كسبناها كسبنا الحرب, و بهذه العقلية دخل العدو حرب الـ 67, فبمجرد انتهاء الحرب, تم هدم حارة المغاربة و جرف جيب اللطرون و تدمير عدد من قرى القدس, اضافة مصادرة كل من حارة الشرف, السلسلة و الباشورة. كما اصدر الكنيست قرار ضم القدس الى الكيان الصهيوني. و لبن غوريون تصريح يوضح و يلخص نظرة الصهاينة للقدس حيث يقول :" لدولة اسرائيل كانت و ستبقى عاصمة واحدة فقط, هي القدس الخالدة, هكذا كان الامر قبل 3000 سنة و هكذا سيبقى حتى نهاية الاجيال"


و هذا التصريح لا يشكل موقف فردي بل هو محل اجماع عند المجمتع الصهيوني بشكل كامل .. ففي عام 1972 اظهرت نتائج استطلاع اجري في المجتمع الاسرائيلي بين ان 1% من الذين شملهم الاستطلاع يوافقون على عودة القدس الشرقية الى العرب. و في عام 1982 اظهر استطلاع اخر ان 10% يؤيدون انسحاب قوات الاحتلال من الضفة الغربية دون القدس.


و الوضع استمر على نفس المنهج بعد اتفاقية اوسلو, فقد صرح رابين فور فوزه بالانتخابات " إن القدس الموحدة تحت السيادة الاسرائيلية ستبىقى تحت السيادة الاسرائيلية ستبقى عاصمتنا للابد, و هي بمثابة الروح و القلب للشعب اليهودي". في حين صرح بيريز في عام 1996 " إن القدس الموحدة ستبقى عاصمة اسرائيل و للابد ". اما نتنياهو فكان واضحاً منذ فترة رئاسته الاولى " ليس هناك حل وسط في القدس", كما ذكر في كتابه مكان تحت الشمس " لا يجب ان نطلب من اسرائيل التفاوض حول اي جزء من القدس, و لا بأي ظرف من الظروف مثلما لا يجب ان نطلب من الامريكيين التفاوض على واشنطن و من الانجليز التفاوض حول لندن و من الفرنسيين التفاوض على باريس".


أما المجرم شارون فقال " إن المدرعات التي تعتبر رأس حربة الجيش الاسرائيلي ستكفل بأن يبقى الطريق الى القدس مفتوحاً, و ستكفل بأن تبقى القدس عاصمة اسرائيل الابدية". و لم تكن هذه التصريحات كلام فارغ يقال في الهواء, بل ان كل كلمة كانت تترجم على واقع الارض, فكل حكومة تأتي تقوم بمضاعفة مجهودات بناء المستوطنات و تهويد القدس. إن القدس هي الامر الوحيد الذي يجمع عليه كافة الصهاينة و هذا ما صرح به كتساف حين قال" القدس الموحدة تحت السيادة الاسرائيلية مسألة لا ينقسم عليها الاسرائيليون الى قسمان"


للاسف هكذا يعامل المحتلون القدس .. هم يتعاملون معها من منطلق عقدي خالص و يصرون على التأكيد عليه مراراً و تكراراً .. في الوقت الذي تقوم به السلطة الفلسطينية بالتنصل من التعامل مع العدو من منطلق اسلامي صحيح .. فالقدس كل القدس .. لها في ديننا مكانة عالية جداً, كيف لا و فيها المسجد الاقصى المبارك .. و هي ارض وقف لكل المسلمين .. فكيف نتخلى عن جزء منها ؟؟!!


و بدلاً من التعامل مع القضية بشكلها الواسع .. بدلاً من ان ندافع عن المقدسيّن في القدس الذين يتعرضون لشتى انواع التضييق ... بدلاً من الدفاع عن عاصمة دولة فلسطين .. يصرح عريقات ان تصريحات نتنياهو تنسف عملية التسوية  .. عن اي تسوية تتحدث ؟؟!! تترك القدس و اهلها و المسجد الاقصى و تتكلم عن التسوية ؟؟! ماذا جلبت لنا هذه التسوية ؟!



إن هذه السلطة و مسؤوليها لا يقدرون القدس و لا يعرفون قيمتها .. و من لا يعرف القدس ليس أهلاً بالحديث عن اي شيء يخص فلسطين .. فإلى صائب عريقات ... ان تكون مسؤولاً و ان لا تقدر القدس فهذه جريمة بحق الامة الاسلامية .. يكفيكم بيعاً لها و تجارة فيها .. لا نريد تسويتكم و لا نريد ان نسمع تصريحاتكم .. و القدس تلفظكم و تأبى ان تتحكموا فيها .. على الاقل تعلموا ممن تصافحوهم ليل نهار كيف تقدر القدس ... آن ان ترحلوا عنا .... و هذه الرسالة الى صائب عريقات .. مع عدم الاحترام

الأحد، 6 نوفمبر 2011

أيهما أنت ؟!



منذ قديم الزمن, عُرف التاريخ و الايام بتقلباتها الكبيرة بين زهو و سطوع يقابله افول يمحي امم  لتصعد غيرها .. هي سنة الدفع التي وضعها الله عز و جل في الكون حتى يُعمر و تستمر الحياة. و لكن للامة الاسلامية خصوصية مهمة, فهي تضعف و لكنها لا تزول و بمجرد تخلصها من اسباب ضعفها المتمثلة بالابتعاد عن دين الله و منهجه, تجدها تعود قوية صلبة ... تسترجع سيرتها الاولى فتسري فيها تعاليم المصطفى عليه الصلاة و السلام و يطبق فيها شرع الله .. فتراها نضرة زاهية تمثل للعالم اجمع المرجعية و المثال الحي في العيش لله و من اجل الله و بتعاليمه عز و جل.


و المتصفح لتاريخ امتنا يلمس هذا التباين بين قوة و ضعف ... بين تبدل من حال الى حال .. و ما ان يتلمس اسباب هذا التغيّر, يجد ان قول الفاروق عمر بن الخطاب يصيب كبد الحقيقة و يشخص الداء و يوضح الدواء بشكل دقيق ... " نحن قوم اعزنا الله بالاسلام, فإن ابتغينا العزة بغيره اذلنا الله ". و الاصل في حال امتنا ان تبقى عزيزة .. تتصدر الامم و تأخذ بزمامها نحو الخلاص و الرفعة .. كيف لا و قد ترك فيها رسول الرحمة - عليه الصلاة و السلام - القران الكريم و السنة النبوية , فالتمسك بهما ضمان للهداية المتواصلة و عدم الضلال .. و في كل مرحلة تقهقرت فيها الامة و تاهت في غياهب الظلم و الضلال و الضغف و تطاول عليها اعداؤها, نجد ان البعد عن تعاليم ديننا الكريم و ترك سنة المصطفى عليه الصلاة و السلام هو السبب الاساسي في هذا الحال. و في كل مرة كانت تعود فيها الامة لعهدها الاول, يكون بالعودة الى الدين الحنيف و التمسك به من جديد بالاساس.


و بفضل الله, في كلا الحالين لا تنعدم الخيرية في هذه الامة, فكما تجد في حال الرخاء و السلام من يبدع و يتفوق بشكل مميز, تجد كذلك في حال الضيق و التقهقر من يتصدى من أجل اعادة هذه الامة الى جادة الطريق. من دون شك, ان فترات الرخاء و السلام و اقامة شرع الله في الارض كان يعود على العلماء و العلم بالنفع و الابداع, فتاريخنا يشهد بعديد العلماء الذين ابدعوا و قادوا العالم في العلوم, فشكلوا الاساس و القاعدة التي بنيت عليها حضارات الامم اللاحقة.


و لكنا هنا نريد تسليط الضوء على الطرف الاخر, عندما تكون الامة في حالة الضعف .. عندما تكون الامة في أمس الحالة الى رجالها الاوفياء .. الى الرجال الاتقياء الانقياء ليقودوها الى الطريق المستقيم من جديد و ليأخذوا بزمام الامة من اجل العودة الى سابق العهد. و لعله من اصعب الايام التي مرت على الامة تمثلت في فترة الحروب الصليبية و ما صاحبها من احداث. فقد وصل التشرذم قمته و غاب دور العلماء و اقتصر على المذهبية و الاستماتة في المناظرات التي كانت دائماً تؤدي الى ويلات من اقتتال بين الناس المتعصبين لكل مذهب .. و اقيمت على اراضي مصر دولة الفاطميين و اصبحت وكر للاسماعيلية و الحشاشين .. هكذا كان الحال قبيل الحروب الصليبية.


و مع كل هذه الاحوال الضعيفة, ابتليت الامة بعدو حقود اتى ليغزو اراضي الامة الاسلامية و يستبيحها بحجة الدين و بهدف الاستعمار و وضع اليد على الخيرات الكثيرة فيها .. و على الرغم من انهم اخذوا دينهم حجة لهذه الحروب فهم امنوا بها و حولوا هذه الحرب الى حرب عقدية خالصة. حتى انه تشكلت فرقة فرسان كاملة في جيوش الصليبيين عرفت بقوات النخبة كانت تتشكل من الرهبان الذين زهدوا في الدنيا و طلبوا الموت في سبيل " القضية الصليبية " و كانوا يحملون حقد كبير على المسلمين و على كل ما يمت للاسلام بصلة. و قد رفض صلاح الدين الايوبي العفو عنهم لشدة ما عملوه في المسلمين من تنكيل و تقتيل.


و هنا لن ندخل في كيفية تحرير المسجد الاقصى و فتح القدس من يد الصليبيين و كيف عادت الامة الى سابق عهدها, و لكنا نستعرض حال فريقين اثنين تواجدا في الامة الاسلامية خلال الحروب الصليبية ... نموذج العامل على اعادة الامة لجادة الطريق و نموذج الاستغلالي الساعي نحو الدنيا المثبط لعزيمة الناس و اللاهث وراء فتات هذه الحياة ... و شتان بين الاثنين ... شتان بين الثرى و الثريا ... شتان بين من سعى لعلو امته فأعزه الله و اعز الله الامة به .. و بين من سعى لعلو نفسه .. فأذله الله و اعز الامة بتخلصها منه.


و بالحديث عن النموذج السيء المنبوذ, فيمكن ان نتكلم عن قسمين: القسم الاول هم الناس الذين عاشوا فقط من اجل انفسهم, فشغلوا بامور الحياة اليومية عن احوال الامة و الاهوال المحدقة بهم .. فكانوا عاملاً مثبطاً في كثير من الاحيان بقولهم  ماذا يمكننا ان نفعل ؟! و ما تقومون به من اعمال لن تغير شيء .. و دعونا ننتظر حتى يصلح الله الحال ... فلا عاشوا هموم الامة و لا سعوا الى الاصلاح و بل كانوا حجر عثرة  في طريق المصلحين. و هذا يتنافى مع حال المسلم المؤمن, حيث يعملنا رسولنا الكريم عليه الصلاة و السلام ان المسلم جزء  من هذه الامة يسعد لسعادتها و يحزن لمصابها و يهب لنصرتها, و هذا ما نجده في قوله عليه الصلاة و السلام :" مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم و تعاطفهم كمثل الجسد الواحد, اذا اشتكى منه عضو تداعى سائره بالسهر و الحمى ".


اما القسم الثاني و هو الاخطر يتمثل في الساعين نحو مصالحهم الشخصية و الاصرار على تحقيقها على مصلحة الامة كلها, بل انهم على استعداد  بالتضحية بالامة من أجل مصلحتهم فقط لا غير. و مثال ذلك امراء بلاد الشام الذين كانوا يتجنبون نصرة الامارات الاخرة امام الحملات الصليبية حتى لا تتعرض امارته للهجمات الصليبية و بعضهم وقع المعاهدات معهم و في النهاية كان مصيرهم الى زوال و نكث الصليبيون بعهدهم معهم و قضوا عليهم حالما تفرغوا لهم.


و الجانب الاسوء من هذه الفئة تمثل بالدولة الفاطمية التي اصبحت وكراً للاسماعيلية و اتباع فرقة الحشاشين, و لقد وجهت هذه الفئة الضربات العديدة للامة في خاصرتها. فبداية تحالف الفاطميون مع الصليبيين للقضاء على امراء ولايات الشام, حتى ان بعضهم سهل لاحتلال بيت المقدس في سبيل القضاء على امارات اخرى .. فأي منطق هذا ؟! و لم يقفوا عند هذا الحد, بل ايضاً حاولوا افشال مشروع نهضة الامة عن طريق بث فرق الاسماعيلية في بلاد الشام لاغتيال قادة هذا التيار الذي تولى زمامه عماد الدين زنكي. و بعد ان خضعت مصر لعماد الدين و نور الدين زنكي, ولى عليها صلاح الدين الايوبي, و قد تحالف الحشاشون و الفاطميون مع الصليبيين من اجل الانقلاب على صلاح الدين و القضاء عليه و لكنه استطاع ردهم في اكثر من مرة, حتى تمكن من اجتثاثهم بشكل كامل.


و في المقابل, نجد النموذج المشرق الرائع الذي عمل ليل نهار على رفعة الامة و قيادتها نحو الطريق الصحيح و من ثم تحرير بلاد المسلمين و المسجد الاقصى من براثن الصليبيين. فعلى صعيد العلماء مثلاً, كان الامام ابي حامد الغزالي لبنة اساس هذا المشروع, فلقد اسس جيلاً يحمل الافكار الاسلامية السوية و خلصه من كل الشوائب التي كانت عالقة في مناهج المدارس, ثم نشر تلامذته في كل الدولة, و قد اقبل طلبة العلم عليه بشكل كبير لما وجودوا فيه من صفاء و عودة الى ما كان عليه السلف الصالح. 


و من هذا الجيل خرج رجال متميزون حملوا هم الامة على اكتافهم فسعوا الى رفعتها و تميزها, فعمل عماد الدين زنكي على اقامة دولة اسلامية مميزة, فأقام العدل بين الناس و رفع عنهم الضرائب و نشر العدل بينهم حتى شببه كثير ممن عاصره بعمر بن عبد العزيز. و خلفه بعد ذلك نور الدين زنكي الذي عمل على توحيد الولايات المتفرقة لتصبح دولة اسلامية متحدة, و اكمل مشواره صلاح الدين الايوبي. فأقاموا دولة على اسس اسلامية حقيقية اساسها المتين الالتزام  الحق بدين الله و شرعه. و من ثم كان تحرير المسجد الاقصى و بيت المقدس و قهر الصليبين و طردهم من بلاد المسلمين.


و هنا وجب التنويه الى ان عماد و نور الدين زنكي و صلاح الدين الايوبي لم يكونوا وحدهم من اقام هذا المشروع, بل هم جزء من جيل كامل عمل على رفعة الامة كل في مكانه و بقدر طاقته, و هذا لا يمنع ان هؤلاء القادة الثلاثة كان لهم ميزاتهم الشخصية قدراتهم الخاصة التي فاقت من حولهم و بذلك اعطوا زخم كبير اضافي لهذا المشروع.


و لعل في ايامنا هذه نجد ان هذا الحال ينبطق الى حد كبير, و السؤال المطروح ايهما انت؟! هل انت من الفريق الذي يعمل على رفعة الامة و تحرير القدس و المسجد الاقصى من جديد ؟! ام انت من الجزء المثبط او حتى المفضل لمصالحه على مصالح الامة؟!


إن صعوبة تحرير القدس في هذه الايام لا تقل عنها ايام الحروب الصليبية .. و لن يحصل التحرير بين يوم و ليلة .. و لكن مشروع التحرير يحتاج الى عمل كل في مجاله و بقدر استطاعته, فتتجمع هذه الجهود معاً لتشكل لوحة فسيفسائية رائعة عنوانها تحرير المسجد الاقصى. إن تحرير المسجد الاقصى قادم لا محالة بإذن الله بوعد من الله عز و جل  و رسوله الكريم عليه أفضل الصلاة و اتم التسليم .. و لكن السؤال .. مع اي فريق تريد ان يسجلك تاريخ الامة ؟! و ماذا ستقول عندما تسأل عما فعلت من أجل نصرة مسرى الرسول عليه الصلاة و السلام يوم القيامة ؟! .. ان كنت ممن يعمل على تحرير المسجد الاقصى, فجدد العهد و امضي على الطريق بنية صافية خالصة لوجه الله .. و إن كنت من الفريق الاخر, فهي فرصة لتقف مع نفسك و تراجع حساباتك, و من ثم تصحح المسار, فلم يفت الاوان بعد ...و ما زالت القدس تنتظرك لتحريرها ..و ان شاء الله سنلتقي قريباً في المسجد الاقصى محرراً عزيزاً .. فاتحين محررين بإذن الله

السبت، 5 نوفمبر 2011

درة القدس .. و عروسها



ما ان تدخل مدينة القدس, حتى يخطف نظرك منظر خلاب يجعل انفاسك تتسارع من روعة المنظر .. قبة مذهبة فاتنة تحيط بها اسوار المسجد الاقصى و كأنها تحميها و تحرسها. و كلما اقتربت منها, كلما زادت دقات قلبك و كأنه يرنو الى اللقاء سريعاً .. هي لهفة المحبوب للقاء محبوبه. تدخل المسجد الاقصى فتنزل عليك السكينة و تنسى كل ما خارج هذه الاسوار .. فهنا مسرى رسولنا الكريم عليه افضل الصلاة و السلام, و منها بدء معراجه صلوات الله عليه و سلامه .. هنا اذن بلال لاول مرة بعد وفاة النبي - صلى الله عليه و سلم - ... هنا ام الفاروق عمر بن الخطاب جموع المصلين بعد فتح القدس .. هنا وقف صلاح الدين الايوبي محرراً للمسجد الاقصى من كيد الصليبين .. هنا و هنا و هنا ...


و انت تمشي في المسجد الاقصى تجد نفسك تتحرك دون وعي نحو تلك القبة الصفراء الرائعة .. حتى تصعد الدرجات و تقف امام قبة الصخرة المشرفة .. تحفة معمارية من أجمل ما يمكن ان تراه العين البشرية على هذه الارض قاطبة .. درة القدس ... و عروسها الجميلة. تعتبر قبة الصخرة اول بناء اسلامي في المسجد الاقصى و اقدم بناء اسلامي بقي محافظاً على شكله الهندسي الاصلي و عناصره الاسياسية دون تغيير. امر الخليفة الاموي عبد الملك بن مروان ببنائها في عام 65 هجري, و بدأ العمل في بنائها عام 66 هـ و استمر العمل في بنائها قرابة الست سنوات حيث انجز بناؤها في عام 72 هـ, و قد اشرف على بنائها رجاء الكندي من بيسان و سلام مولى عبد الملك و هو من القدس.


قبة الصخرة بناء ثماني الاضلاع يتوسطه الصخرة المشرفة, حيث يبلغ طول ضلع الشكل الثماني 20.60 متر و يوازيه من الداخل شكل ثماني اخر يبلغ طول ضلعه 14.45 متر. فيما يبلغ قطر قبة الصخرة من الداخل 20.30 متر و ارتفاعها 20.48 متر. و في المبنى 40 عموداً منها اربع دعامات تحت اسطوانة القبة و 12 عمود منظم بشكل دائرة حول الصخرة المشرفة. و تبلغ مجموع الفيسفساء التي تغطي مساحات داخل مبنى الصخرة المشرفة 1200 متر مربع.


عندما احتل الصليبيون القدس, قاموا بتحويل قبة الصخرة الى كنيسة عرفت بكنيسة بيت الرب او قدس الاقداس, و قد نصبوا فيها التماثيل و الصلبان و حولوا الصخرة المشرفة الى مذبح تقدم عليه القرابين, حتى انهم كانوا يأخذون جزء من الصخرة و يبيعوها بأثمان كبيرة. و عندما فتح الناصر صلاح الدين القدس, اعاد قبة الصخرة الى سيرتها الاولى فأزال التماثيل و الصلبان و طهرها و امر بترميمها, و تذهيب القبة من الداخل. و واصل الخلفاء و السلاطين على طول السنين ترميم قبة الصخرة و الحفاظ على بهائها و رونقها لتكون درة القدس على طول السنين.

و لم يقتصر عشق هذه التحفة على المسلمين فقط, فقد تغنى بها العديد من العلماء الاجانب و عبروا عن عشقهم و انبهارهم بها. فيقول الاستاذ هايتر لويس: " إن قبة الصخرة  هي من أجمل الابنية الموجودة على وجه الارض, بل إنها أجمل الاثار التي خلدها التاريخ". و يقول عنها فان برشم :"  لعل عظمتها و جمالها يعودان لما نشاهده في مخططها من البساطة و التنسيق, حقاً إنها مفخرة العمارة الاسلامية". في حين قال عنها المؤرخ الفرنسي غوستاف لوبن :" إن بناء قبة الصخرة اعظم بناء يستوقف الناظر, و أن جمالها و روعتها لا يصلان الى خيال بني البشر".

و مما لا شك فيه فإن وجود هذه التحفة الاسلامية في المسجد الاقصى يغيظ سلطات الاحتلال و يفشل مخططاتهم التهويدية, كيف لا و هي تؤكد على المعالم الاسلامية للقدس و تمثل جزء اساسي من معالم المدينة لا يمكن اخفاؤه. من أجل ذلك, طرح في مشروع زاموش اقامة كنيس الخراب بتصميم يجعله يحجب قبة الصخرة و يحد من بعدها الهندسي و مركزيتها في المنظر العام للقدس. كما ان المتطرفون اليهود و قطعان المستوطنين يدعون ان هيكلهم المزعوم موجود تحت بناء قبة الصخرة, فعندما يدنسون المسجد الاقصى يقفون امامها و يرددون تراتيلهم, و لا حول و لا قوة الا بالله.

و للاسف, و بدافع من الحماس الزائد و الجهل بالمسجد الاقصى, نجد ان كثيراً من اهلنا في الدول العربية و الاسلامية يعتبر التركيز على قبة الصخرة مخطط صهيوني من اجل شغل الانظار عن المسجد الاقصى و الذي هو بنظرهم المسجد القبلي, و هذا خطأ فادح يقع به الكثير. إن قبة الصخرة المشرفة جزء من المسجد الاقصى و الذي هو كل ما تضمه الاسوار و تبلغ مساحته 144 دونم. و بالتالي فالحفاظ على قبة الصخرة و اظهار روعتها و ابداع تصميمها جزء من الحفاظ على المسجد الاقصى و ابراز اهميته الانسانية و التاريخية.

إن قبة الصخرة المشرفة ... تحفة اسلامية مبهرة .. يجب ان نحافظ عليها و ان نذود عنها و نحميها من مخططات اليهود في الاستيلاء على جزء من المسجد الاقصى و اقامة الهيكل المزعوم ... درة القدس و عروسها .. تستصرخكم و تطالبكم بحمايتها .. فلا تتجاهلوها و تتناسوها ... كي لا تصير اثراً بعد عين لا سمح الله 

الخميس، 3 نوفمبر 2011

قرأة في تقرير حال القدس (3)



اصدرت ادارة الاعلام و المؤسسات في مؤسسة القدس الدولية تقرير حال القدس (3) و الذي يتناول اهم الاحداث المتعلقة بمدينة القدس في الفترة ما بين تموز/ يوليو و حتى أيلول / سيبتمبر من عام 2011. و قد تناول التقرير احوال القدس بنظرة شاملة فتطرق الى حال المدينة, المقدسات و المقدسيّون في هذه الفترة موضحاً بعين خبيرة اوضاع المدينة في الربع الثالث من عام 2011.


و نستخلص في هذا المقال اهم ما تناوله التقرير موضحين اهم استنتاجات هذا التقرير و ساعين الى ربطه بكل ما تناولناه من قبل و بكل ما يحدث حالياً في القدس الشريف. و في ما يلي نجمل أهم النقاط التي نستخلصها من هذا التقرير المهم:


1. واصلت سلطات الاحتلال سياستها في تهويد مدينة القدس و الاعتداء على المقدسات الاسلامية بشكل وحشي, و استمرار تدنيس المسجد الاقصى من قبل قطعان المستوطنين تحت حماية شرطة الاحتلال و قوات حرس الحدود. و هذه الفترة شهدت حلول شهر رمضان المبارك, حيث وصل اكبر عدد من المصلين المتواجدين في المسجد الاقصى في ليلة 27 من شهر رمضان. فقد فاق عدد المصلين في تلك الليلة في المسجد الاقصى الـ 300 ألف مصلي و هذا الرقم يعتبر نادر في السنوات الاخيرة.


في المقابل فإن سلطات الاحتلال قامت بشكل ممنهج بفرض الحواجز و التضييق على المصلين, فيكفي ان ندرك ان عدد المصلين في الجمعة الثالثة في المسجد الاقصى وصل الى 70 ألف مصلي فقط, حيث ان التضييق شمل المصلين من جميع المناطق, الضفة الغربية, القدس و أهل الداخل الفلسطيني.


و في الجهة الاخرى استمر قطعان المستوطنين بإقتحام المسجد الاقصى و تدنيسه, و في يوم 9/8 قام 500 مستوطن بإقتحام المسجد الاقصى دفعة واحدة في ذكرى خراب " الهيكل" و ادوا الصلاة فيه. و الخطير في هذا الحدث ان هذه المرة الاولى التي يقتحم فيها هذا العدد المسجد الاقصى في ايام رمضان و التي تعرف بالتواجد الكبير للمسلمين في الحرم. لقد كانت هذه الخطوة بالون اختبار حتى تتعرف سلطات الاحتلال فيما اذا حان الوقت لمثل هذه الاقتحامات,  و للاسف فإن سلطات الاحتلال الان ستبني على هذه الخطوة من أجل تحويل جزء من المسجد الاقصى الى كنيس يهودي.


كما ان هذه الفترة شهدت اقرار خطة اقامة ما يسمى بمتحف التسامح فوق ما تبقى من اراضي مقبرة مأمن الله بشكل نهائي, حيث يدعم هذا المشروع مركز سيمون فيسنثال و الذي يقع مقره الرئيسي في الولايات المتحدة الامريكية. كما انه تم غمر جزء كبير من اراضي المقبرة بالمياه من أجل تخريب القبور. اضافة الى قيام المستوطنين بشكل متواصل بالاعتداء على القبور و تخريبها.


2. شهدت مدينة القدس حملة استيطانية محمومة تقودها سلطات الاحتلال بهدف تغيير معالم المدينة و استمراراً لمنهجها في تهويد المدينة و تقطيع اوصالها. فقد قامت سلطات الاحتلال بإقرار بناء ما يزيد على 4000 وحدة استيطانية في مغتصبات جيلو و هارحوما و جفعات هاموتس في جنوب القدس بهدف فصل المدينة عن الضفة الغربية و اكمال سلسلة المغتصبات التي تطوق القدس بحيث تخنقها و تضغط على المقدسيّين من أجل تهجيرهم.


كما شهدت هذه الفترة بدء العمل بمشروع القطار الخفيف و الذي يربط بين المغتصبات في القدس الشرقية و القدس الغربية بحيث تجعل التواصل بين المغتصبات في شطري المدينة سهل جداً مما يعزز تواجد المستوطنين في القدس و يصبغ المدينة بصبغة يهودية استيطانية.


3. استمرت قوات الاحتلال في هدم المنازل و تهجير المقدسيّين بشتى الوسائل, و استمرت ازمة النواب المقدسيّين بل تطورت بشكل خطير. فبعد ابعاد النائب المقدسي ابو طير الى الضفة الغربية, قامت قوات الاحتلال بإعتقاله  في عوفر اعتقال اداري يمتد لستة اشهر. كما ان قوات المستعربين قامت بإختطاف النائب المقدسيّ احمد عطون من مقر الصليب الاحمر, و قد مضى الى الان ما يزيد عن 5 اسابيع على اختطاف عطون.


4. أهم نقطة تطرق اليها التقرير تتمثل في الويلات التي جرها " استحقاق ايلول" على القدس و المقدسيّون. فقد زادت هجمات سلطات الاحتلال بشكل كبير على المدينة و شرعت في اقرار مشاريع الاستيطان بشكل كبير و تهجير السكان و اعتقال المقدسيّين ابان هذا الاستحقاق, كما زادت وتيرة اقتحام المسجد الاقصى و تدنيسه. في المقابل, لم يتجاوز فعل السلطة الفلسطينية سوى ذكر القدس في خطاب عباس لا غير. فعلى ارض الواقع, تظهر السلطة الفلسطينية بمظر المتفرج على الاحداث و لا يوجد اي فعل حقيقي يؤكد انها تسعى الى الحفاظ على القدس كعاصمة لدولة فلسطين.


الامر الاخر المهم, بين التقرير ضعف الدعم العربي و الاسلامي للمقدسيّين و للمشاريع المقامة في القدس مقارنة بضخامة الميزانيات المرصودة لدعم المستوطنين و الاستيطان في القدس و ضعف التحرك و عدم استمراريته مقارنة بالسباق المحموم بين الجمعيات الاستيطانية في نهش المدينة و وضع اليد على اكبر مساحة ممكنة منها.


إن هذا التقرير وثيقة مهمة جداً توضح مدى صعوبة الوضع في مدينة القدس على جميع الصعد و تظهر بوضوح مدى التخاذل العربي و الاسلامي تجاه قضية القدس و المسجد الاقصى. إن هذا التقرير يوضح بالارقام و البيانات اهمالنا لثالث الحرمين الشريفين و قبلة المسلمين الاولى و تركها لليهود يعيثون فيها فساداً دون ان نحرك ساكناً .. فهل بعد هذا تهاون او تخاذل ؟؟!! الله الله في مسرى رسولكم - عليه الصلاة و السلام - يا أمة الاسلام .. القدس تستصرخكم .. فهل من مجيب !!

لقراءة التقرير بشكل كامل:
http://www.alquds-online.org/userfiles/QudsReport/halQuds3.pdf  

الثلاثاء، 1 نوفمبر 2011

لا نريد بناء قصور في الهواء .. بينما هم يبنون مغتصباتهم على ارضنا



نعم, اعترفت منظمة اليونسكو بفلسطين عضو دائم كامل الحقوق و ضربت الحائط بإعتراض كل من الولايات المتحدة الامريكية و المانيا و الكيان الصهيوني عرض الحائط. قد يكون هذا ابسط حق من حقوق الشعوب و الدول في العالم و لكنه عند الفلسطيني يصبح حلم تحقق بعد عناء كبير. كيف لا و قد قدم طلب انضمام فلسطين كعضو الى اليونيسكو في عام 1995, و تم الموافقة عليه بعد قرابة الـ 16 عاماً مما يوضح صعوبة اتخاذ مثل هذا القرار لانه يتعلق بفلسطين فقط.


و هذا القرار طعنة في قلب كل من يجمّل صورة الكيان الصهيوني و يدعم تهويد القدس و ازالة مقدساتنا الاسلامية و المسيحية من الوجود و تحويلها الى مدينة يهودية خالصة, و تحديداً الى مركز سايمون ويسنثال الذي شن حملة كبيرة في الولايات المتحدة الامريكية و اوروبا ضد هذا القرار بحجة " تخوفهم من طمس و ازالة اثار الشعب اليهودي في فلسطين". هذا المركز الذي يساهم بشدة في تهويد مدينة القدس و هو الداعم الاساسي في بناء ما يسمى متحف التسامح فوق اراضي مقبرة مأمن الله.


و لكن هذه الافضلية, او حتى الانجاز ان صح تسميته بذلك, لا يجب ان يكون هدف حققناه و انتهى الموضوع. بل ان هذا القرار وسيلة يجب ان نستغلها و نبني عليها بشكل نحمي فيها مقدساتنا في فلسطين كاملة و في القدس تحديداً. و ان كانت السلطة تحارب من أجل هذا القرار منذ فترة, فمن الواجب ان تكون هناك خطة مسبقة محضرة للاستفادة من هذا القرار في حماية مقدساتنا. فلم يعد يخفى على احد انه و بعد كل هذه السنوات من الحفر و التنقيب, فإن الحفريات تحت المسجد الاقصى لم تعد من اجل ايجاد اي اثار يهودية لان الكل اصبح على ثقة انها ليست موجودة سوى في عقول المستوطنين الواهمين, و انما هي لطمس التاريخ و الاثار الاسلامية بشكل كامل, و ايجاد واقع يهودي اسرائيلي تحت المسجد الاقصى. اضافة الى اضعاف اساسات المسجد الاقصى و هدمه مستقبلاً.


هذا القرار يجب ان يبنى عليه منع ازالة جسر المغاربة و ابطال القرار الذي اصدرته بلدية القدس قبل ايام و القاضي بإزالة جسر المغاربة خلال 30 يوم من تاريخ القرار. فهذا القرار يعتبر مساس بجزء من المسجد الاقصى الذي هو وقف اسلامي خالص للمسلمين لا يجب المساس به, و ان كان الجسر قابل للهدم او الحرق فإن مؤسسة المقدسات و الاوقاف الاسلامية على استعداد للقيام بكل اعمال الترميم اللازمة من أجل الحفاظ عليه.


و لا يجب ان يقتصر الامر على هذا, بل يجب ان تتحرك السلطة من اجل استعادة حائط البراق, و ان كان هذا الامر صعب جداً بنظر الجميع, و لكنا نريد التأكيد على حقوقنا كاملة. فالحائط ملك للمسلمين و جزء لا يتجزء من المسجد الاقصى و هذا ما اقرته اللجنة الاوروبية و التي قامت بالتحقيق في احداث البراق و اقرت بشكل كامل و واضح ان الحائط الغربي, و الساحة المقابلة له هي جزء من الوقف الاسلامي.


و من الملفات الساخنة التي يجب ان نعمل عليها مستغلين هذا القرار, قرار بناء الحدائق التوراتية في اراضي سلوان و التي سينتج عنها هدم 22 منزل في الحي و تهجير سكانها و تركهم بدون مآوى. اضافة الى محاربة المستوطنات التي تنهش القدس الشرقية, و للتذكير فقد اقرت اللجنة الوزارية للشؤون الامينة الصهيونية ببناء 2000 وحدة استيطانية في القدس الشرقية و الاسراع في انجازها و التأكيد ان هذه المغتصبات ستبقى داخل حدود الكيان الصهيوني.


إن المتتبع لمسار "الحرب" التي خاضتها السلطة الفلسطينية من أجل تحقيق هذا القرار, يتوقع ان تكون هناك خطة متكاملة للاستفادة من هذا القرار و انقاذ ما يمكن انقاذه و من ثم استرجاع المقدسات و الاثار المقدسيّة و الفلسطينية. و لكن يبدو الواقع مغاير تماماً لما نتوقعه, و ذلك يرشح من خلال تصريحات مسؤولي السلطة الفلسطينية. فها هو المالكي يقول ان هذا القرار يخلق مناخات أفضل لعملية السلام. و تصريح نبيل ابو ردينه بأن قرار استكمال بناء 2000 وحدة استيطانية هو قرار لتسريع  تدمير عملية السلام. و سؤالنا هنا, ماذا عن السكان الذين يشردوا يومياً في القدس ؟! ماذا عن المقدسات التي تسلب و تنتهك و تهود ؟! ان لم يكن هذا القرار ليقف بوجهها, فماذا جنينا منه؟!


إن هذه الخطوة مهمة جداً و قد تكون تاريخية اذا ما عرفنا كيف نستغلها حتى نحمي اهلنا و مقدساتنا في القدس ... و لكن القصور التي بناها و يبنيها البعض في الهواء ... تصطدم بواقع أليم يتمثل في اصرار سلطات الاحتلال في تهويد القدس و الاعتداء على المقدسات و تهجير المقدسيّين و تهويد المسجد الاقصى .. و ما يزيد من تخوفنا, ان تصريحات مسؤولي السلطة تنم عن شعور بتحقيق الانتصار و انتهاء المعركة, بل انهم يريدون استغلال هذا القرار في تحريك عملية السلام !!!! .. و إن صح ذلك, فعلى مقدساتنا السلام