الأحد، 30 أكتوبر 2011

مبادرة إحكِ عن القدس .. نصرة لها




للقدس ميزات خاصة كثيرة .. سواء بقدسيتها, او بجمالها, او بروعة اهلها .. هي اسرار اودعها الله في تلك البقعة المباركة لحكمة هو يعلمها عز و جل .. و لكن هناك ميزة اخرى تتفرد بها مدينة القدس .. الا و هي انها منبع للاحداث لا ينضب .. هذا هو حالها منذ قديم الازل, حيث كانت مناراً للعلم و مزاراً لطلبته و رواده .. ملاذاً لمن تقطعت بهم الاسباب و ضاقت عليهم بلدانهم .. فوجدوا في مدينة القدس ضالتهم و ملاذهم .. و لكن في هذه الايام تغير الحال و استمرت الحركية .. فها هو العدو الصهيوني يوجه ضرباته التهويدية للمدينة بقبضة حديدية بهدف تغيير معالمهما و طرد أهلها .. و ها هم المقدسيّون يواصلون صمودهم و تصديهم لهذه الهجمة بقوة اكبر و اصرار متين.


قبل قرابة الـ 5 اسابيع, قامت قوات المستوطنين بخطف النائب أحمد عطون من وسط مقر الصليب الاحمر, ضاربة بالقوانين و الاعراف الانسانية عرض الحائط. هذا الحدث الجلل, الذي كاد ان يودي بحياة النائب المقدسي الا ان الله حفظه و سلمه, للاسف الشديد لم يلق الاهتمام الكبير و المطلوب في عالمنا العربي و الاسلامي .. بل ان السلطة الفلسطينية نفسها لم تبدي ردة فعل ملموسة تجاه هذا الامر, حيث انها كانت تلهث وراء استحقاق ايلول متناسية ما يحدث لاحد نواب المجلس التشريعي التابع لها.


و هذا الحادث غيض من فيض, و نقطة في بحر الاعتداءات الغاشمة التي تمارسها بلدية القدس و سلطات الاحتلال. و قبل عدة ايام أصدرت "بلدية القدس " قرار يقضي بهدم جسر باب المغاربة خلال 30 يوم, بحجة انه معرض  للهدم و الحرق. و طبعاً هذا السبب ما هو الا ذر للرماد في العيون, فسلطات الاحتلال تهدف الى بناء جسر حديدي مكانه تستخدمه في اقتحام المسجد الاقصى بشكل سريع و يستخدمه المستوطنين في هجمات التدنيس. كما ان ازالة هذا الجسر و التلة الموجودة بجانبه يخضع لمشروع زاموش الذي يهدف من خلال هدمه و ازالة التلة الى استيلائهم على كامل الحائط الغربي و توسيع ساحات البراق او ما يسمى بـ " المبكى " زوراً و بهتاناً و من ثم اقامة كنيس الخراب ليكون أكبر كنيس في العالم.


و هذا القرار هو اعتداء سافر على المسجد الاقصى, فهو جزء منه و لا يجوز هدمه. كما ان هئية المقدسات و الاوقاف الاسلامية اعلنت عن مقدرتها على ترميم هذا الجسر حتى تبطل ادعاءات اليهود, و لكن سلطات الاحتلال تجاهلت ذلك. و للاسف فإن هذا القرار لم يصل الى اسماعنا .. فلم نسمع اي مسؤول عربي او اسلامي تحدث عن هذا القرار, و الحال نفسه ينسحب على المؤسسات الدولية. كما ان هذا الامر غاب عن عدد كبير جداً من شيوخنا, فلم نسمع حديث كبير حول هذا الاعتداء على مسرى رسولنا الكريم عليه افضل الصلاة و اتم التسليم, و ثالث الحرمين الشريفين.


و اليوم, تسربت الاخبار التي تتحدث عن انه سيتم قريباً المصادقة على قرار بناء ما يسميه الاحتلال بـ " حديقة الملك التوراتية " في سلوان و الذي سينجم عنه هدم 22 منزل في حي سلوان, و ان الضغط الرئيسي لموافقة على هذا القرار يأتي من قبل رئيس ما يعرف ببلدية القدس. ان هذا القرار في حال تم المصادقة عليه سيؤدي الى جعل 22 عائلة على الاقل دون منزل او مأوى و سيوجد واقع استيطاني جديد في حي سلوان الذي يطلق عليه المستوطنين كذباً بلدة الملك داوود. و كالعادة, الصمت المطبق يمثل حالنا و حالتنا المتواصلة ازاء ما يحدث في القدس.


و هنا لا نتحدث عن السلطات و الدول, لان الصمم اصبح ملازماً لها, و لكن نتحدث عن ردة فعل الشعب العربي و الاسلامي. فلا تستغرب اذا تحدثت مع اي شخص حول هدم جسر المغاربة ان لا يتأثر بشكل كبير, فهو اساساً قد لا يعرف ما هو جسر المغاربة. و قد نتحدث مع احد افراد عائلتنا عن مشروع حديقة الملك في سلوان, و يجهل اين تقع سلوان. و للاسف و حتى نكون صادقين مع انفسنا, هناك جهل كبير في مجتمعاتنا حول القدس و قضيتها و المسجد الاقصى, فنجد جدالات كبيرة حول ان المسجد الاقصى هو المسجد القبلي او قبة الصخرة. و اخرون لا يعرفون ما هو المصلى المرواني. ناهيك عن الاحداث المتعلقة بالقدس و المقدسيّين من اضطهاد و تضييق و تهويد.


ان القدس ليست فقط ارض سليبة, بل هي ايضاً امانة في اعناق هذه الامة, ففيها المسجد الاقصى, اولى القبلتين و ثالث الحرمين الشريفين. و جهل امتنا بقضية القدس و ما يحدث فيها, يشكل ضربة قوية لكل محاولة دعم لااهلنا فيها. و من أهم وسائل دعم أهلنا المقدسيّين و نصرتهم ان نعيش حالتهم و ان ندرك ما يحدث معهم, و ان نتفاعل معهم بشكل كبير و واضح, موجهين بذلك رسالة لاهلنا, اننا معكم و نناصركم و نعيش ما تعيشونه, و للعدو الصهيوني بأن ما يقوم به لن يمر مرور الكرام, و ان الامة كلها داعمة للمقدسيّين و ان القدس غالية عزيزة على قلب كل مسلم.


و من هنا, فـ كلنا مقدسيّون نطلق حملة للتعريف بقضية القدس عنوانها:

مبادرة إحكِ عن القدس .. نصرة لها


الهدف من هذه المبادرة و الحملة ان ننشر قضية القدس بيننا في مجتمعاتنا بشكل يومي, من خلال الحديث مع الاهل و الاصدقاء و الجيران كل يوم عن القدس. سواء بنشر خبر عن ما يحدث في القدس او بتصحيح معلومة مغلوطة متعلقة بالقدس و المسجد الاقصى, او من خلال نشر معلومة جديدة عن القدس و الاقصى, تاريخية, جغرافية, انسانية, تراثية .. اي معلومة مفيدة.


ان هذه المبادرة تهدف الى تأسيس وعي شامل في مجتمعاتنا عن قضية القدس و المسجد الاقصى من أجل تحويل هذا الوعي الى تحرك شعبي مناصر و فعل ملموس على ارض الواقع. من هنا, نهيب بكل من يقرأ هذه المقالة ان ينشر هذه الحملة و ان يقوم بتفعيلها على ارض الواقع, نصرة للقدس و المسجد الاقصى.

السبت، 29 أكتوبر 2011

لندفع الاموال لتحرير المسجد الاقصى ايضاً



رداً على المكافآت التي وضعتها عائلات استيطانية صهيونة لقتل اثنين من الاسرى المحررين, اعلن الدكتور الفاضل عوض القرني عن مكافأة قدرها مائة ألف دولار يرصدها لاي فلسطيني يقوم بأسر عسكري صهيوني حتى تتم مبادلته بالاسرى في سجون الاحتلال. و طبعاً ادى هذا الاعلان عن هجمة شرسة على الشيخ الدكتور, فقامت ادارة الفيسبوك بإزالة هذا الاعلان من صفحته بشكل مجحف في الوقت الذي لم يتعرض اي اعلامي او سياسي غربي لاعلانات المستوطنين, و صموا اذانهم عنها.


و تضامناً مع الدكتور القرني, أعلن الامير السعودي خالد بن طلال عن مكافأة مالية قدرها 900 ألف دولار تضاف للـ 100 ألف دولار التي رصدها الدكتور لكي يصبح المبلغ المرصود لمن يأسر جندي صهيوني في فلسطين مليون دولار. و هي نفس المبلغ الذي رصده المستوطنون لمن يقوم بقتل الدكتور القرني كرد على اعلانه عن رصد مبلغ لاسر جندي صهيوني. و هذه الحادثة من جديد تفضح الشعارات الفضفاضة التي يتغنى بها الغرب, فالحذف و التضييق كان فقط على الدكتور القرني اما العدو فله ان يتكلم كما يشاء. و هذا ما حدث ايضاً لصفحة المسيرة المليونية الى القدس و التي تم اغلاقها بشكل مفاجيء و غير مبرر.


و أمام هذا الموقف المميز من شيوخنا و اهلنا في السعودية و باقي بقاع الارض, لا نمتلك الا ان نرفع القبعة لشخوصهم الكريمة و افعالهم التي عهدناها عن امتنا الاسلامية. و هذه الافعال تمثل حالنا الحقيقي, ( مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم كمثل الجسد الواحد ) أو كما قال نبي الرحمة عليه أفضل الصلاة و أتم التسليم.


و في المقابل, فإننا ندعو أهلنا ان يبذلوا الاموال لتحرير اسير غالي على قلوبنا, يقبع في سجون الاحتلال منذ عام 1967, و يأن ألماً لما يتعرض له من تضييق و تدنيس و انتهاك للحرمات, و نحن ننظر اليه و لا نحرك ساكناً. نعم .. المسجد الاقصى المبارك, ثالث الحرمين الشرفين و اولى القبلتين بحاجة الى ان نحرره من غدر الصهاينة و محاولتهم المستمرة لتهويده و تحويله لكنيس يهودي, و اكثر من نخشاه ان يتكرر سيناريو الحرم الابراهيمي في المسجد الاقصى. في كل يوم يخرج علينا العدو الصهيوني بقرار تهويدي جديد, اخرها كان قراره الجائر بهدم جسر باب المغاربة خلال اقل من 30 يوم.


من المهم ان نعرف ان عمليات تهويد المسجد الاقصى و القدس لا تتم فقط من قبل سلطات الاحتلال, بل ان منظمات صهيونية عديدة تعمل بمبادرات فردية و جماعية على تهويد المدينة و تدنيس الاقصى. و قد قلنا من قبل ان هناك اكثر من 24 منظمة ارهابية تعمل على اعادة بناء الهيكل المزعوم. و ان مشروع زاموش و الذي يعمل على تغيير معالم المدينة بالكامل و اقامة كنيس الخراب و غيره من مشاريع تعمل على تغيير معالم القدس و المسجد الاقصى قام بتمويله اكثر من 4 من مليارديرات اليهود في الولايات المتحدة الامريكية.


و على صعيد المؤسسات تعمل مؤسسة سايمون ويسنثال, مركزها الرئيسي في كاليفورنيا, على دعم بلدية القدس في عمليات التهويد. فأبرز مشاريعها و التي تفاخر به امام العالم يتمثل في اقامتها لمتحف التسامح في القدس المحتلة. هذا المتحف الذي اقيم على مقابر المسلمين و عظام موتاهم. فهذا المتحف مقام على جزء كبير من مقبرة مأمن الله في القدس المحتلة. هذه المقبرة التي تضم عدد من قبور كبار الصحابة و العلماء و التابعين و المجاهدين, و التي حرص اليهود على طمس معالمها بعمل سلسلة من الاعتداءات, كبناء مصفات للسيارات و منتزهات, اضافة الى ما يسمى بـمتحف " التسامح".


و لا يقتصر دور هذه المؤسسة على هذا الدور فقط, بل انها في هذه الايام تقود حملة شرسة في العالم الغربي تطالب من خلاله منع اليونيسكو من ضم فلسطين كعضو في المنظمة " خوفاً من طمس و مسح تاريخ الشعب اليهودي في فلسطين " على حد تعبيرهم. بل انهم يشوهون صورة فلسطين و يؤكدون ان الاعتراف بها كعضو بفلسطين سيؤدي الى الاستيلاء على معالم اثرية " يهودية" و مسيحية ايضأ. 


مما لا شك فيه اننا امام حرب مفتوحة تستخدم فيها كل الوسائل من اجل طمس معالم القدس و هدم المسجد الاقصى, و من هنا وجب علينا دعم اهلنا في القدس بشكل منافس و مقارب لما يحصل عليه المستوطنون من دعم. ان الدعم المالي تحديداً اساسي جداُ لصمود اهلنا في القدس و الذين هم المعطل لكل مشاريع اليهود في تهويد المدينة. و ان كنا نرصد الاموال لخطف الجنود, فمن الواجب علينا ايضاً ان نخصص الاموال الكثيرة لدعم اهلنا في القدس و دعم المؤسسات العاملة على نصرة المسجد الاقصى و الحفاظ عليه في القدس و الداخل الفلسطيني. لقد فصلنا كثيراً في مقالاتنا السابقة عن معاناة الانسان المقدسي المادية و الضرائب الكبيرة التي تفرض عليه من اجل تهجيره و طرده من القدس. و حال المؤسسات المقدسية ليس بأفضل, فقد شاهدنا قبل ايام قليلة كيف قامت قوات الاحتلال بإغلاق مكاتب مؤسسة القدس للتنمية.


اننا هنا لا نهون مما قام به الشيخ الدكتور عوض القرني حفظه الله و الامير السعودي خالد بن طلال, بل اننا نقبل هذه الرؤوس و ندعو الله لهم بالتوفيق و ان ينفع الله الامة بهم. و لكنا هنا ندعو الى البناء على هذه الخطوة و التحرك بشكل حقيقي على ارض الواقع من خلال بناء مؤسسات حقيقية تقدم الدعم المادي و المعنوي لاهلنا في القدس و المؤسسات المقدسية, و تسليط الضوء على ما يحدث في المسجد الاقصى من انتهاكات و تدنيس يومي ... و نحن في هذه الايام الفضيلة, لنجدد العهد مع القدس و نقوم بدعمها بكل ما اوتينا من قوة لحماية اقصانا الحبيب الذي طال اسره و الذي يستصرخ الامة كل يوم .. فهل من مجيب ؟!

الجمعة، 28 أكتوبر 2011

حصرياً ~ مقابلة مع السيد خالد الترعاني منسق حملة كرامة - بروكسل



قبل يومين, اعلنت المؤسسة العامة للخطوط الحديدية في المملكة العربية السعودية عن استبعاد شركة "ألستوم" من عطاء مشروع قطار الحرمين السريع و الذي يربط بين مكة المكرمة و المدينة المنورة. و قد اطلقت حملة اوروبية لمقاطعة شركة " ألستوم" الفرنسية لمشاركتها في تهويد مدينة القدس المحتلة, و قد كانت تسعى الشركة الفرنسية للحصول على العطاء من اجل تنفيذ قطار الحرمين السريع, الا ان مخططاتها باءت بالفشل بفضل الله أولاً, و من ثم بجهود حملة كرامة و التي عملت من اجل افشال حصول شركة الستوم في الحصول على هذا العطاء.


و للتعرف اكثر على مشوار حملة كرامة في محاربة شركة ألستوم و كيف نجحت الحملة, استضفنا السيد خالد الترعاني منسق حملة كرامة ~ بروكسل, للحديث اكثر عن الحملة:


- كيف تكونت حملة كرامة؟ ما هي ابرز اهدافها؟
 
حملة كرامة تكونت من عدد من المؤسسات والشخصيات الاوروبية والعربية والإسلامية. مثل مؤسسة انفورم في بروكسل ومبادرة فلسطين بلا جدران (مقرها في لاهاي- هولندا) . هدف حملة كرامة هو معاقبة شركة الستوم الفرنسية على شركاتها مع الاحتلال الاسرائيلي في تهويد القدس ودورها في خرق القانون الدولي وارتكاب جريمة حرب لتحقيق الكسب المادي.
 
- ما هي الصعوبات التي واجهتموها في حملتكم؟

كان هناك تجاوب شعبي قوي ومؤثر مع حملة كرامة. الصعوبة كانت في حث الأخوة المسؤولين في السعودية على التجاوب مع الحملة بشكل علني ولكن نحن نتفهم تحفظاتهم على العلنية.

- حملة كرامة كانت مؤثرة رغم قصر المدة, ما هي اسباب نجاح هذه الحملة؟

هناك سببين لنجاح الحملة: ان توقيت اطلاق الحملة مع اقتراب اتخاذ القرار بإرساء عطاء قطار الحرمين كان له دور هام في نجاح الحملة. والسبب الثاني ان شركة الستوم بالغت في استهتارها بمشاعر وبعقول العرب والمسلمين واعتقدت انها تستطيع ان تشارك عضويا في تهويد القدس ومن ثم تنافس على مشروع قيمته ١٥ ضعف قيمة ترام القدس، وهو قطار الحرمين الذي يصل مكة المكرمة بالمدينة المنورة. 

- هل ستتوجه حملة كرامة لمقاطعة شركات اخرى؟ و ما هي الخطوة القادمة للحملة؟

الخطوة القادمة بالنسبة لحملة لكرامة هو التأكد من ان شركة الستوم ستستبعد من كل المشاريع في الدول العربية والإسلامية. فهناك مشاريع قادمة في دول الخليج العربي بقيم تقترب من ٢٠٠ مليار دولار (نعم مليار وليس مليون) وذلك حسب اعلان نتائج لقاء عقد في الدوحة منتصف شهر تشرين الاول / اكتوبر لمسؤولي النقل والسكك الحديدية في دول مجلس التعاون الخليجي.

- القدس تتعرض لهجمة شرسة على صعيد الانسان و الحجر و الشجر .. و المسجد الاقصى يأن من فرط الاعتداءات عليه .. هل هناك نشاطات لكم متعلقة بما يحدث في القدس؟ و كيف ترى وضع قضية قدس في الدول الاوروبية؟
 
نشاط حملة كرامة هو جزء من نشاطات عدة تقوم بها مؤسسة انفورم (التي أمثلها والتي أطلقت حملة كرامة www.informeu.com ) كان احد نشاطات المؤسسة اللقاء عبر الفيديو بين البرلمان الاوروبي وخيمة الاعتصام في مقر الصليب الأحمر في القدس بين اعضاء من البرلمان الاوروبي والأخوة النواب المقدسيين المهد دين بالأبعاد.
اما عن وضع قضية القدس في الدول الاوروبية، فعدا عن نشاطات مؤسسات المجتمع المدني فلا نرى اي جهد حقيقي وفاعل في مجال التعريف بالوضع القانوني والإنساني لمدينة القدس وأهلها.

- كلمة توجهها لأهلنا في القدس و فلسطين:

دعوتي لأهل القدس وكل فلسطين؛ إنكم اهل رباط، فجددوا نيه الرباط حتى تأجروا. اسجل رسالة اعجاب واكبار لصمودكم ولثباتكم، لعنادكم في مقارعة الاحتلال وفي نفس الوقت قدرتكم على الحياة والبقاء والحب والفرح في زمن تنتهك فيه ابسط حقوقكم في قطف زيتونكم وتعليم أطفالكم وبناء بيوتكم. منكم نتعلم معنى الحياة ومنكم نفهم معنى الصمود.

حصـــــــــرياً لـ كلنا مقدسيّون 

الثلاثاء، 25 أكتوبر 2011

أرض القدس تنتظر ان تُروى



قبل قرابة الشهر, كان النائب المقدسي احمد عطون يلاعب ابنته بتول و يتبادل اطراف الحديث مع زوجته قبل ان يودعهم وداعاً الى الان لا يعرف نهايته. فبعد خروج زوجته من مقر الصليب الاحمر, و خلال تمثيلية مدروسة انقضت جماعة من قوات المستعربين و اختطفت النائب عطون من وسط مقر الصليب الاحمر, ضاربة بذلك كل الشرائع و الاعراف الدولية عرض الحائط و مسطرة سطر جديد في كتاب غطرستها و تكبرها, و اقتادته الى سجن المسكوبية بطريقة كادت تودي بحياته و لكن الله سلّم.


و بعد 4 اسابيع من اختطاف النائب عطون, و بعد ان رفض التوقيع على تعهد بمغادرة القدس, ابلغت المحكمة " الاسرائيلية " العليا وزير الداخلية الصهيوني بعدم شرعية قرار ابعاد نواب القدس و الوزير السابق عن القدس بحجة عدم الولاء لما يسمى " اسرائيل ", و قد اعطي وزير داخلية العدو مهلة 90 يوم لاعطاء تبريرات مقنعة. و هذا القرار بحد ذاته نقطة ايجابية تضاف لصمود النواب و الوزير السابق حيث انهم صمدوا في اعتصامهم لمدة تقارب الـ 478 يوم في الصليب الاحمر, بعد ان تم ابعاد النائب المقدسي ابو طير. و لكن في المقابل هذا يعني ان هناك مهلة لقوات الاحتلال تمدد لمدة 3 اشهر من أجل انهاء هذا الملف بإختطاف النائب طوطح و الوزير السابق عرفة ليصبح مصيرهما مصير النائب احمد عطون. و الجدير بالذكر انه بعد ان تم ابعاد النائب ابو طير عن القدس, قررت قوات الاحتلال انه يشكل خطر على "اسرائيل" و قامت بإعتقاله.


و بالحديث عن النائب عطون, فقد فرحت عائلة عطون قبيل ايام مع باقي الشعب الفلسطيني بصفقة وفاء الاحرار حيث تم الافراج عن الاسير محمود عطون, شقيق النائب احمد عطون, و الذي كان محكوماً بـ 3 مؤبدات و 20 عاماً. الا ان الفرحة كانت منقوصة, فقد تم ابعاد الاسير المحرر محمود خارج فلسطين من جهة, و من جهة اخرى غاب عن هذه الاحتفالات النائب عطون المختطف من قبل سلطات العدو. و تستمر معاناة عائلة عطون, فقد قامت قوات الاحتلال في الامس بإقتحام صور باهر و اعتقال 7 افراد من آل عطون و كأنها تعاقبهم على الافراج عن محمود و على صمود احمد و رفضه الموافقة على الابعاد عن القدس.


في نفس السياق, واصلت سلطات الاحتلال خططها في تهويد المدينة و خنقها و فصلها عن الضفة الغربية. فقد اقرت سلطات الاحتلال خطة تقضي ببناء 800 وحدة استيطانية جديدة في جنوب القدس كجزء من مخطط " جفعات همتوس ", و الذي هو مخطط يتألف من اربع مراحل يهدف الى عزل جنوب القدس و ايجاد تواصل عمراني استيطاني عازل لها عن مناطق الضفة. كما انها اقرت بناء جدار الفصل العنصري في قرية بيت اكسا, مستغلة حادثة تعرض احد المستوطنين للطعن في محيط القرية, مما يزيد من عزلة القدس و يقطع اوصال الاحياء و القرى العربية في القدس.


و تستمر اعمال التهويد في محيط المسجد الاقصى, فقد اصدر مهندس ما يسمى ببلدية القدس قراراً يعتبر فيه جسر باب المغاربة في القدس القديمة ايل للسقوط او الحريق و يجب ان يتم هدمه خلال 30 يوم. بحيث تهدف سلطات الاحتلال لتغيير معالم القدس القديمة, و قد اشارت بعض الاخبار الى ان سلطات الاحتلال ستقوم ببناء ممر جديد يستخدمه قوات الجيش و المستوطنين لاقتحام المسجد الاقصى. و هنا تجدر الاشارة الى  ان مشروع زاموش في مخططه تطرق الى ضرورة ازالة الجسر مع التلة و توسعة حائط البراق ليشمل كامل الحائط الغربي.


و قد وضع قرار هدم الجسر منذ فترة الا ان سلطات الاحتلال كانت تخشى من ردة فعل المقدسيّين و الفلسطينين الغاضبة, فماذا تغير الان؟؟ للاسف ان سلطات الاحتلال قامت بخنق مدينة القدس بشكل مشدد جداً, فأصبحت المداهمات بشكل يومي للقدس الشرقية و الاعتقال اصبح مسلسل يومي لا ينتهي. و حتى بعد نهاية الاعياد اليهودية ما زالت الحواجز موجودة بكثرة و قوات الشرطة و حرس الحدود منتشرة بشكل لافت. لذلك اصبح من المهم ان يضاعف شد الرحال الى بيت المقدس من اهلها في الداخل الفلسطيني من اجل الوقوف في وجه هذه الاعمال التهويدية الصارخة التي تؤذي المسجد الاقصى.


ان اسوء ما تعانيه القدس و المقدسيّون يتمثل في العزلة الكبيرة التي تعيشها, و انسلاخ العالم العربي و الاسلامي عن هذه القضية و عدم تفاعله معها بشكل كبير. فإن من يعيش اوضاع القدس و يتعايش مع ما يحدث فيها يشكل نسبة قليلة جداً في مجتمعاتنا, و هنا يتوجب علينا ان ننشر قضية القدس و المسجد الاقصى بشكل كبير في مجتمعاتنا بشتى الوسائل المتاحة. عندها سنكون قادرين على جعل قضية القدس حيوية اكثر و بالتالي سيكون لتحركاتنا فاعلية اكبر. القدس و اهلها ما زالوا صامدين و لله الحمد, و لكن دعمنا الان اصبح اكثر من حاجة ماسة .. فهي تحتاجه احتياج الارض العطشى للماء حتى تنتعش من جديد ... فمتى نروي ارض القدس و ترابها يا امتي ؟!

الأحد، 23 أكتوبر 2011

شخصيات مقدسية (1) ~ الحاج أمين الحسيني



في عام 1895 رزق الشيخ طاهر الحسيني - مفتي القدس - بإبنه الثالث, الذي ولد في القدس, و اسماه محمد أمين. و قد عرفت هذه العائلة بتوليها للمناصب المهمة في القدس, فقد شغل الشيخ طاهر منصب مفتي القدس, في حين شغل اخوه الشيخ عمر الحسيني منصب نقيب الاشراف. و قد خلف الشيخ كامل, و هو اخو الحاج أمين, والده و تولى منصب مفتي القدس عقب وفاته (1908). و هذا يوضح المكانة العالية لعائلة الحسيني في القدس و التي كانت لها انعكاس كبير على شخصية الحاج امين و تكوينه منذ صغره, فقد تلقى تربية دينية و تعود على صيام رمضان و اداء الصلاة منذ الصغر, و قد حفظ القران الكريم كاملاً و هو في سن العاشرة.


كباقي اقرانه, بدأ الحاج أمين تلقي تعليمه في " الكتّاب", و بعد ذلك انتقل الى المدارس الحكومية و فيها تلقى تعليمه الابتدائي و الاعدادي. ثم انتقل الحاج امين الى مدرسة الفرير في القدس حيث تعلم فيها اللغة الفرنسية مدة سنتين. و عقب ذلك توجه الحاج امين الى الازهر الشريف و اكمل دراسته الشرعية فيها. و في عام 1913, بعد انهائه لدراسته في الازهر الشريف, ذهب أمين الحسيني رفقة والدته الى الحج و من هنا حصل على لقب الحاج أمين. و بعد عودته الى القدس اندلعت الحرب العالمية الاولى و قد التحق بالجيش العثماني و قضى سنتين في الجيش ثم عاد الى القدس في عام 1916.


و بعد عودته الى القدس وقعت فلسطين تحت الانتداب البريطاني, و قد بدأ حياته العملية كاتباً في مكتب مسؤول الشؤون العربية, جبريل حداد, لدى الحاكم العسكري, و لكنه اثر ترك هذا العمل و التحق بالمدرسة الرشيدية في القدس كمدرس, ثم عمل مدرساً في مدرسة روضة المعارف, و التي كان لها دور اساسي في الحفاظ على الهوية العربية الاسلامية لفلسطين. كان الحاج امين دائماً في طليعة الاحداث, فقد كان داعماً للثورة العربية و جمع عدد كبير من شباب القدس و الخليل و التحق بجيش الامير فيصل بن الشريف الحسين في العقبة. كما كان الحاج أمين دافعاُ للحركة الاسلامية فقام على تقويتها و نشر افكارها, و قد حاول اليهود اغتياله في عام 1920 حيث كان متواجداً في في منزل اخيه الشيخ كامل مفتي القدس.


في عام 1921 و عقب مرض الشيخ كامل, قرر الانتداب الانجليزي تعيين فخري الحسيني, اخو الحاج امين, في منصب مفتي القدس. و لكن الفلسطينين ارسلوا عديد البرقيات من مختلف مدن فلسطين تطالب بتعيين الحاج امين مفتياً للقدس, و لم يكن يرغب الانتداب بهذا لانهم على علم بعداء الحاج امين لهم و بأفكاره الاسلامية التي تدعو الى النضال و الاستقلال, و لكنهم رضخوا تحت الضغوط و تولى الحاج امين منصب مفتي القدس. و في العام الثاني تم تعيين الحاج امين في رئاسة المجلس الاسلامي الاعلى حيث تولت ادارة الاوقاف الاسلامية في فلسطين. 

و بمجرد توليه لهذه المناصب, عمل الحاج امين على رفعة و تحسين الاوضاع الاقتصادية و التعليمية للفلسطينيين. و لادراكه لاهمية المسجد الاقصى و دوره الكبير في حياة المقدسيّين و الفلسطينيين قام في عام 1923 بإنشاء كلية دينية في ساحات الاقصى تعمل على  تأهيل الطلاب و رفع مستواهم العلمي و الثقافي و تحضيرهم من أجل شغل مناصب التدريس و امامة المساجد و تولي المناصب في المحاكم الشرعية. كما عمل على دعم المدارس الموجودة كروضة المعارف و المكتبات المختلفة.


و في عام 1929 كان الحاج امين الحسيني في قلب احداث ثورة البراق و تصدى لكل اكاذيب اليهود و الانجليز, و تحولت علاقته مع الانجليز الى عداء متواصل و دائم منذ هذا التاريخ. فعلى الصعيد السياسي قام الحاج امين بكتابة كتاب وجهه الى جريدة التايمز يشرح فيه حادثة ثورة البراق و يفند من خلاله اكاذيب اليهود و مزاعمهم, الا ان الصحيفة لم تنشره, فقام بنشره المجلس الاسلامي الاعلى. كما انه انتقل ليعيش في بيت يشرف على حائط البراق حتى يكون على علم مباشر بأي تحرك لليهود و يركز الحماية المباشرة للمسجد الاقصى و يباشرها بشكل شخصي. كما انه برفقة شيوخ و علماء فلسطين شكلوا جمعية " حماية البراق الشريف " للوقوف في وجه اعتداءات اليهود.


كما ان الحاج امين كان في وجه حملات اليهود المسعورة لشراء الاراضي و تهويد القدس و فلسطين, كيف لا و والده الشيخ طاهر الحسيني كان من اول من حارب شراء اليهود للاراضي في القدس و تهويدها و قد نبه السلطان عبد الحميد لهذا الخطر. فعن طريق المجلس الاسلامي الاعلى قام الحاج امين بمراقبة الاوقاف الاسلامية و عزل كل متخاذل تسول له نفسه التعامل مع اليهود و بيع الاراضي لهم, كما ان يعامل الوقف الاسلامي بشكل مميز فكان يعزل كل من يتنفع من هذه الاوقاف و يسخرها لمصلحته الشخصية. و قام الحاج امين الحسيني و الشيوخ المشكلين للمجلس الاسلامي الاعلى بوضع فتوى بحرمة بيع الاراضي لليهود.


بعد سنوات عديدة من وقوع فلسطين تحت الانتداب البريطاني, ايقن الحاج امين ان الانجليز يعملون من اجل اليهود و لن يعطوا الفلسطينيين حقوقهم, فأعلن عليهم الجهاد. حينها حاول الانجليز اعتقاله فلجأ الحاج امين الى المسجد الاقصى لحرمته و اعتقاده ان الانجليز لن يجرؤوا على اقتحامه, الا ان الانجليز قرروا ن يجعلوا الهنود المسلمين المتواجدين في الجيش البريطاني ينفذون عملية الاعتقال, فخرج الحاج امين من المسجد درءاً للفتنة و توجه الى لبنان, الا ان الجيش الفرنسي القى عليه القبض قرب بيروت و فرضوا عليه الاقامة الجبرية في قرية جونية كونها مسيحية بالكامل.


و اثناء الحرب العالمية الثانية, حاول الحاج امين استغلال قوة دول المحور و راسلهم للحصول على عهد يتحقق بموجبه استقلال العرب و فلسطين, و لكن المانيا تعرضت لانتكاسة كبيرة في الحرب و حاول الحاج امين الذهاب الى سويسرا الان ان القوات الفرنسية القت عليه القبض, و بعد سلسلة من الوساطات العربية تم نقل الحاج امين الى القاهرة. و قد كان له نشاطات متواصلة بعد 1948 بتشكيل العمليات الفدائية و قد بقي الحاج امين حاضراً في كل ما يتعلق بالقدس و فلسطين و دائماً اصر على ان الحل الوحيد لتحرير فلسطين يتمثل بالحهاد و النضال المسلح, و بقي هذا منهجه حتى توفي رحمه الله في عام 1974.


حارب الحاج أمين في منفاه كذبة ان اهل فلسطين باعوا اراضيهم و انهم فرطوا في ارضهم و بين الدلائل و الوثائق التي تؤكد صمود الشعب الفلسطيني و وفائه لوطنه. كما انه كان يحارب كل مثبط لعزيمة المجاهدين و حمل دائماً لواء الجهاد و النضال المسلح في وجه الاحتلال الصهيوني. و قد بقي الحقد على الحاج امين دفين في قلوب الصهاينة, و ان لم يتمكنوا من اغتياله و النيل منه شخصياً, فقد قامت جرافات الاحتلال في بداية عام 2011 بهدم منزل الحاج امين الحسيني في حي الشيخ جراح او ما يعرف بفندق شيبرد لاقامة وحدات استيطانية لاسكان المستوطنين فيها.


لقد كان الحاج أمين الحسيني رحمه الله شوكة في حلق الانتداب البريطاني و المستوطنين الصهاينة, حتى قال بعض الصهاينة " قد كان مقدراً ان تنشأ دولة اسرائيل خلال 10 او 15 سنة من بداية المشروع, و لكن امين الحسيني جعل الامر يحتاج الى عشرات السنين". لقد قضى الحاج أمين الحسيني عمره في العمل على حماية القدس و فلسطين و محاربة الاحتلال البريطاني و الصهيوني و الوقوف في وجه مخططاتهم .. لقد كان فارساً حقاً لم يخش الاحتلال و لم يكن يجامل في الحق .. و كان يعلم ان الانتداب البريطاني عبارة عن واجهة لتسهيل قيام الدولة اليهودية و حارب هذا المشروع منذ بدايته و نجح في تعطيل العديد من مخططاتهم


لقد كان الحاج امين علماً مضيئاً في القدس و فلسطين و رجل من رجالات القدس يشهد له التاريخ بالبنان .. و حقه علينا ان نربي ابناءنا على سيرته و سيرة امثاله من ابطال القدس و فلسطين في تاريخنا الحديث ... و في النهاية نستشهد بقول الشيخ حلمي المحتسب :" ليت فلسطين تنجب اميناً اخر ".


السبت، 22 أكتوبر 2011

الاوقاف الاسلامية .. خطوة اساسية لنصرة الاقصى و المقدسيّين



دوت عاليةً مجلجلة, تحمل في طياتها عذابات الانتظار و آهات الاشواق .. حملت في طياتها علامات العزة و الكرامة ... قهرت بصوتها من صموا اذانهم عن صرخاتنا .. زغاريد الفرحة التي انطلقت استقبالاً لتحرير اسرانا و احتفالاً بنصر مؤزر و اي نصر .. الدفعة الاولى من صفقة وفاء الاحرار يحررون .. يعودون الى تنفس هواء الحرية من جديد, بعزة و كرامة و وسط احتفال فلسطين كاملة بهم. هذا شعب يجيد الترحيب بأبطاله ... كيف لا و قد دفعوا عمرهم ثمناً من أجل تحرير هذا الوطن العزيز و اعادة الحرية لمسرى الرسول - عليه الصلاة و السلام-.


فرحة لم نشعر بها من قبل ... فرحة يلفها علم النصر و راية الاسلام .. كسرنا فيها جبروت المحتل و وضعنا اسطورته الامنية و صورته الوهمية تحت اقدام ابنائنا المحررين. الداخل الفلسطيني .. القدس الشريف .. الضفة الغربية ... غزة الابية .. ابناء الشتات الفلسطيني .. نعم هذا الشعور غمر كل فلسطين و وحد ابناءها جميعاً في استقبال رجال و حرائر فلسطين. و الكل توعد و طالب بتحرير الاخوة الباقيين في الزنازين, قريباً و ليس بعد حين بإذن الله.


و لكن ما كان لهذه الفرحة ان تسلخنا عن الواقع, و لان قدر الشعب الفلسطيني النضال و مواصلة العمل ضد هذا المحتل, فوجب علينا الان ان نضع اقدامنا على الارض من جديد, بعد ان حملتنا هذه الفرحة و هذا الانتصار لنقطع طويل المسافات و نستنشق نسائم التحرير و لو نسبياً. لقد وضعت هذه الفرحة في قلب كل منا رصيد كبيراً من الاصرار و العمل من أجل تكرار هذه الفرحة و جعلها سلسلة من الاعراس المتواصلة حتى يوم العرس الاجمل و الاغلى .. عرس تحرير المسجد الاقصى من براثن اليهود المغتصبون و قطعان المستوطنين.


لقد كانت الاسابيع الاخيرة قاسية عصيبة على المسجد الاقصى و القدس بشكل عام, فقد عزلت بأسوار من الحواجز المشددة من اجل تفريغ الاقصى و المدينة من المقدسيّين و المسلمين, و غصت المدينة بفلول المستوطنين الغرباء و الذين لفظتهم المدينة مراراً و لكنهم يعودون محتفلين بأعيادهم, مستمرين في وهمهم و كذبهم بربط المسجد الاقصى بهذه الاعياد. و مع منع طلبة مصاطب العلم من دخول المسجد الاقصى و استمرار وضع العراقيل امام المصلين, اصبح اقتحام المستوطنين للمسجد الاقصى طقساً يومياً يفعله هؤلاء الصهاينة, ففي كل يوم اقتحموا الاقصى و دنسوه و رتلوا فيه تراتيلهم.


إن عرس وفاء الاحرار خطوة مهمة يجب ان نستغلها و ان نبني عليها بشكل قوي, خصوصاً في موضوع حماية المسجد الاقصى و نصرة المقدسيّين. و مما لا شك فيه ان المقاومة هي السبيل الامثل لصد اعتداءات هؤلاء الصهاينة, كيف لا و قد كانت فترة انتفاضة الاقصى الفترة التي لم يتجرأ خلالها اي مستوطن من دخول المسجد الاقصى, لان الثمن كان معروف و الدفع كان في نفس الوقت. و ان كنا نترك لاخواننا في المقاومة ترتيب امورهم و اتخاذ القرارات الامثل المتعلقة في القدس, و نحن ندرك جيداً ان التغييرات الكبيرة التي حدثت في القدس حد كثيراً من حركية المقاومة, و لكن هذه المقاومة عودتنا ان تكون خلاقة مبدعة في ايجاد الحلول و تجاوز الحدود.


في المقابل, فإن نصرة المسجد الاقصى و المقدسيّين ما زال واجباً على كل فرد منا و العمل عليه امر مطلوب و بشدة, بل انه يعتبر في قمة اولويات النضال في القدس. و ان كان العديد من المؤسسات يعمل على دعم المقدسيّين بما يأتيها من تبرعات, فإن هذا يشكل مصدر غير ثابت و بالتالي صعوبة التحرك الدائم و التوسع في مشاريع النصرة. و من هنا, فإن أهم خطوة نقوم بتنفيذها اليوم تتمثل في وقف الاوقاف على المسجد الاقصى, بحيث يصبح هناك مصدر متواصل دائم لتنفيذ مشاريع النصرة و حماية المسجد الاقصى.


و ان كانت الاوقاف لعبت دوراً بارزاً في ازدهار القدس و رفعة المدينة و دعم المسجد الاقصى في تاريخنا الاسلامي الممتد, فإنها اليوم حاجة ماسة و ركيزة اساسية للوقوف في وجه مشاريع التهويد المستمرة. و عندما نتحدث عن الاوقاف, فنحن لا نتحدث عن املاك ثابتة فقط, بل مشاريع كاملة ناجحة تستخدم ارباحها في اقامة مشاريع الاعمار و النصرة. و أهم المشاريع التي يمكن توقيف الاوقاف عليها:


1) شد الرحال الى المسجد الاقصى و دعم طلبة مصاطب العلم في المسجد الاقصى. و لنا في مشروع مسيرة البيارق خير مثال على اهمية هذه المشاريع. و ان كان الاخوة في الداخل الفلسطيني يبذلون مجهودات كبيرة في هذه المشاريع فدعمهم واجب علينا, سواء مالياً او معنوياً. و هنا يجب ان لا يقتصر شد الرحال على الداخل الفلسطيني, بل من المهم توجيه حملات شد رحال الى المسجد الاقصى من دول العالم قاطبة, كتركيا و دول اوروبا و الولايات المتحدة الامريكية. و لهذه الرحلات عظيم الاثر, من خلال زيادة الوعي بقضية المسجد الاقصى في كافة ارجاء العالم, و الوقوف في وجه هجمات المستوطنين اليومية, و دعم اهلنا المقدسيّين اقتصادياً.


2) دعم المقدسيّين و منع هدم منازلهم. ايجاد وقف ثابت يستخدم دخله من أجل دفع الضرائب المتراكمة على اهلنا في القدس المهددة منازلهم بالهدم. ايضاً دعم التجار المقدسيّين في سداد ضرائب الارنونا و مساندتهم في الثبات و ابقاء محلاتهم مفتوحة صامدة في وجه هجمات بلدية القدس و مضايقاتها بهدف تهجيرهم.


3) دعم التعليم في القدس و حماية اطفالنا و فتيتنا من الضياع و التشرد, و خفض نسبة تسرب الاطفال من المدارس, من خلال دعم العائلات و توفير الدعم اللازم لهؤلاء الاطفال و من خلال دعم المدارس للوقوف في خطط التهويد و الاستهداف المستمر للبنية التحتية الدراسية حتى يوجدوا جيل غير متعلم في القدس.


هذه النقاط الثلاثة مجرد رؤوس اقلام و خطوط عريضة لمشاريع عديدة من الممكن اقامتها في القدس نصرة للمسجد الاقصى و القدس الشريف. و لكن هذه المشاريع بحاجة الى دعم مادي متواصل و مستمر, و هنا تبرز ضرورة تفعيل الوقف الاسلامي في بلادنا من جديد و ان توقف المشاريع التجارية الناجحة و الاراضي الزراعية على المسجد الاقصى و القدس الشريف, لنشكل ركيزة اساسية لمشاريع قوية قادرة على مواجهة حملات التهويد المسعورة. و ان كانت الملايين تنهال على مشاريع الاستيطان من جميع انحاء العالم, فنحن أولى بدعم اهلنا في القدس, و كما قال نبي الرحمة - عليه افضل الصلاة و اتم التسيلم - " الخير فيّ و في امتي الى يوم الدين " او كما قال عليه الصلاة و السلام.


إن اهمية الاوقاف الاسلامية اثبتت منذ مئات السنين, سواء في رحلة عماد الدين, نور الدين و صلاح الدين في فتح و تحرير القدس و المسجد الاقصى  او في ازدهار مدينة القدس و تطورها خلال مئات السنوات التي تلت تحرير القدس .. إن الاوقاف الاسلامية و العمل على نشرها و ايقافها على المسجد الاقصى و القدس الشريف خطوة جوهرية في ايامنا هذه يجب تفعيلها ... و جزء مهم من ثقافتنا الاسلامية اثبتت نجاعتها و اهميتها على مر السنين .. أوقافنا رأس مالنا في نصرة مسرى رسولنا الكريم, عليه افضل الصلاة و اتم التسليم

الاثنين، 17 أكتوبر 2011

المقدسيّون ... في العزل الانفرادي



تعيش مناطق الوطن الحبيب فرحة كبيرة بقرب تنفيذ الجزء الاول من صفقة وفاء الاحرار . كيف لا و قد استطاعت هذه الصفقة بتوفيق الله بفك اسر جميع اسيراتنا في سجون الاحتلال و الافراج عن عدد كبير من اصحاب المؤبدات يصل عددهم الى 320 أسير. و ما يجعل هذه الفرحة عارمة, شمولها كل مناطق فلسطين, من القدس الى غزة, مروراً بالداخل الفلسطيني و وصولاً الى الضفة الغربية. 


و ما يعكر صفو هذه الفرحة العارمة في القدس الهجوم المركز من قبل سلطات الاحتلال على بيت المقدس و المقدسيّين المرابطين, الذين تركوا كل شيء في الدنيا من أجل البقاء بجوار مسرى الحبيب المصطفى - عليه أفضل الصلاة و السلام -. و ان كانت صفقة وفاء الاحرار استطاعت الافراج عن 1027 اسير و اسيرة الا انها لم تتمكن من فك القدس من أسرها. فقد فرض السجان الصهيوني العزل الانفرادي على المقدسيّين و عرضهم لشتى انواع التضييق و التعذيب, محولاً المدينة الرحبة التي لطالما كانت معطاءة خيرة على اهلها الى سجن كبير مكون من زنزانة عزل إنفرادي.


مما لا شك فيه ان الاشهر الاخيرة تضاعفت عمليات التضييق الصهيوني بشكل ملحوظ و متصاعد تجاه المسجد الاقصى و المقدسيّين و لم يسلم من هذه المماراسات شيء, حتى الحجر و الشجر كان له حظ وافر منها. بداية العزل الانفرادي تمثلت في عزل المسجد الاقصى بعد ان شهد ايام رائعة خلال شهر رمضان عانق فيها عشاقه . فما ان اقترب موعد رأس السنة العبرية و الذي يعتبر مقدمة لسلسلة من " الاعياد  اليهودية ", حتى بدأ العدو بفرض القيود على حركة المصلين حيث بلغت اشدها مع بداية رأس السنة العبرية و استمرت حتى يومنا هذا. فوصلت نسبة المصلين الذين تمكنوا من اداء صلاة الجمعة في الاسابيع الاخيرة الى ادنى مستوياتها. و تم تفريغ المسجد الاقصى من طلبة المصاطب و اصبحت ابوابه مشرعة امام الصهاينة المتطرفين لتدنيسه يومياً دون اي حراك من احد.


و لطالما كان هناك توأمة في الحال بين المسجد الاقصى و المقدسيّين, فلم يكن حال سكان القدس أفضل من حال مسرى رسولهم الكريم, عليه افضل الصلاة و السلام. فشرعت سلطات الاحتلال بفرض قوانين متتالية تستهدف عزل المقدسيّين و تهجيرهم, فأخطر قرارات العدو الصهيوني تمثل في الصادر منها بإبعاد عدد كبير من الشخصيات المقدسية المهمة و المؤثرة بشكل متكرر بهدف تفريغ المدينة من اساس حركتها النضالية ضد المحتل. و لم يتردد العدو من كسر كل القوانين و الاعراف الدولية من أجل تحقيق اهدافه التهويدية في القدس. و ليس أدل على ذلك من قيام قوات المستعربين على خطف النائب المقدسي احمد عطون, المعتصم في مقر الصليب الاحمر احتجاجاً على قرار ابعاده مع عدد من النواب المقدسيّين, في وضح النهار من مقر الصليب الاحمر تمهيداً لابعاده عن القدس.


و لان الضفة الغربية تعتبر الامتداد الجغرافي و الديمغرافي الطبيعي للمقدسيّين, فقد خرج الاحتلال علينا بقرارات جديدة تفضي الى عزل المقدسيّين بالكامل. فقد صدرت قرارت بحق عدد من الشخصيات المقدسية تقضي بمنعه من مغادرة القدس بإتجاه الضفة الغربية لستة اشهر. و في نفس السياق, اصبحت قوات الاحتلال تمنع المقدسيّين من مغادرة القدس عند الحواجز اثناء توجههم للضفة بحجج مختلفة منها عدم دفع فواتير مترتبة عليهم لشركة البث الاسرائيلية و غيرها من المؤسسات.


و بالتزامن فقد استمرت اعمال التهويد و حفريات الانفاق في القدس الشرقية و محيط المسجد الاقصى من أجل ربط هذه الانفاق, بشبكة الانفاق الموجودة تحت المسجد الاقصى. و على سبيل المثال, فقد قامت اليوم جمعية العاد الاستيطانية بمباشرة الحفر في مدخل حي وادي حلوة في بلدة سلوان بهدف بسط السيطرة على بئر قديمة في تلك المنطقة و تهويدها و ربطها بسلسلة الانفاق المقامة و التي ستقام في سلوان و التي في النهاية سترتبط بالانفاق الموجودة تحت المسجد الاقصى كما يخططون. و هذه المنطقة تضم 3 آبار مائية تسعى جمعية العاد وضع اليد عليها من أجل خلق واقع جديد في تلك المنطقة. و لم يكن حال الشجر افضل, فقد تعرضت العشرات من أشجار الزيتون للحرق في شعفاط على يد عدد من المستوطنين المتطرفين. و ما ذكرناه يمثل مسح بسيط للحالة المقدسيّة في عزلها الانفرادي المؤلم.


و من جديد, فإن صفقة الوفاء للاحرار و ان كانت لم تحرر القدس و الاقصى من الاسر .. الى انها تفرض حقيقة اصبحت غير قابلة للنقاش .. الاسرى لا يتحررون الا بالمقاومة ... و إن كنا نريد تحرير القدس و مسرى المصطفى - صلى الله عليه و سلم - فعنوان هذا التحرير المقاومة لا غير .. و مع المقاومة, يجب ان نقوم بشكل مدروس و ممنهج بالعمل على كسر هذا العزل الانفرادي عن طريق شد الرحال الى المسجد الاقصى و زيارة القدس بشكل يومي حتى ننصر اهلنا في القدس و نشد من أزرهم ... و قريباً ان شاء الله سيأتي الوقت الذي نحتفل به بتحرير القدس و ثالث الحرمين الشريفين بإذن الله

السبت، 15 أكتوبر 2011

عملية الوهم المتبدد ... بدأت, و لكنها لم تنتهي بعد



في 25/6/2006 زلزلت دولة الكيان بخبر مفجع كان وقعه عليها اليم جداً, فقد تم الاعلان عن قيام مجموعة من المجاهدين من كتائب الشهيد عز الدين القسام و ألوية الناصر صلاح الدين بتنفيذ عملية اقتحام و اختطاف في معبر كرم ابو سالم. حيث قتل عدد من جنود الاحتلال و أختطف الجندي جلعاد شاليط, و عادت المجموعة الى غزة سيراً على الاقدام. و على اثر هذه العملية قامت سلطات الاحتلال بفرض الحصار على غزة و قادت عدة حروب من أجل استرجاع شاليط, جميعها انتهت بفشل ذريع.


و في هذه الايام هلت علينا بشائر اتمام صفقة " وفاء الاحرار " حيث نجمت عن الافراج عن 1027 اسيرة و اسيرة فلسطينية مقابل اعادة شاليط الى الكيان الصهيوني, بحيث تم تبييض سجون الاحتلال من الاسيرات و لن يبقى فيها اي اسيرة فلسطينية. و ان كانت المفاوضات اخذت سنوات عديدة حتى تنجز, الا انها تمت بأفضل شكل ممكن ... بالشكل الذي يحفظ عزتنا و يجعلها عرس حقيقي لكل فلسطين. و أهم مميزات عملية التبادل هذه:


1) التأكيد على وحدة النسيج الفلسطيني:


سبقت هذه العملية عمليات افراج عديدة, و لكنها جميعها فشلت في ادراج جميع اطراف الشعب الفلسطيني, و لكن صفقة وفاء الاحرار كانت فريدة من نوعها و غير مسبوقة. بداية, الصفقة شملت جميع فصائل المقاومة الفلسطينية بشتى انتماءاتها و خلفياتها و لم تقم حماس بتفضيل ابنائها على باقي الفصائل, بل ان حماس اختصت ابناءها بالجانب الصعب من هذه الصفقة, سواء في بقاء عدد من كبار قادتها في سجون الاحتلال او في جعل المبعدين من فلسطين مقتصر على ابناء حماس.


و أجمل ما في هذه الصفقة, يتمثل في انها شملت كامل التراب الفلسطيني لاول مرة: غزة, الضفة الغربية, القدس الشريف, الداخل الفلسطيني و الشتات الفلسطيني. مؤكدة ان الشعب الفلسطيني شعب واحد بإختلاف المسميات و التقسيمات, و ان فلسطين ليست للتجزيء او الاقتطاع, هي كلها ارضنا المباركة و كل اسراها يجب تحريرهم و كل اراضيها يجب ان تطهر من دنس المحتل


2) المقاومة هي اساس التحرير:


ان كانت حدثت صفقات افراج عن الاسرى في السابق, فقد كانت تشهد العديد من خدع المحتل, بداية بتسميات حسن النية و التي تسلب المحررين من فخر المقاومة و عزت التحرير, و انتهاءاً بالتحايل في اخراج من شارفت فترات سجنهم على النهاية. و لكن صفقة وفاء الاحرار كانت فيها المطالب بصوت قوي و صلابة واضحة, فالافراج عن 310 من اصحاب المؤبدات و اخراج كل اسيراتنا على رأسهم احلام التميمي و آمنة منى ما كان ليأتي بطرق سلمية و انما بسبب وجود ورقة ضغط قوية متمثلة بأسر شاليط.


و هنا لا ننسى الاشارة الى انجاز المقاومة الكبير في الحفاظ على اسر شاليط و التعتيم على مكانه و اتخاذ التدابير اللازمة لابقائه في الاسر على الرغم من السنوات الخمس المريرة التي مرت على غزة, من حصار و غارات و حروب, دفع من خلالها الشعب و المقاومة الثمن الغالي, و لكن هذا الصبر تحول الى نصر مبين بإذن الله و بتوفيقه.


إن عملية وفاء الاحرار, تمثل عملية وهم متبدد جديدة و لكن هذا الوهم الذي بددته هذه الصفقة كان لبعض ابناء جلدتنا. هذه الصفقة كانت رسالة واضحة لللاهثين وراء سراب المفاوضات و استجداء الحقوق من منصات الامم المتحدة. هذه الصفقة اوضحت ان الحق ينتزع انتزاعاً و لا يوهب من قبل الغير. هذه الصفقة كما قال الشيخ كمال الخطيب في مهرجان "الاقصى في خطر 16" رسخت المثل الشعبي القائل :" حط السيف قبال السيف, الحق بيرجع لصحابه".


و في الوقت الذي تخلى فيه عباس و زمرته عن أهلنا في الـداخل الفلسطيني بإعترافهم بدولة اسرائيلية على تراب الـ 48 و تخليهم عن اللاجئين و تناسيهم للقدس و الاقصى, فإن هذه الصفقة اتت لتؤكد ان الشعب الفلسطيني شعب واحد غير قابل للتجزئة و ان فلسطين كلها حق لنا و سنعيدها بالمقاومة. في الوقت الذي تمسك فيه المهرولون ورائ سراب الدولة بجزء من الوطن, اتت هذه الصفقة لتحتضن الوطن بكل ارجائه, من القدس الى غزة, من الداخل الفلسطيني الى الضفة الغربية, مؤكدة اننا لن نتخلى عن ذرة تراب من فلسطين مهما كان الثمن.


و مما يثير العجب, ان يخرج علينا رياض المالكي ليشكك في توقيت الصفقة و كأن الصفقة هي التي تخلت عن الارض و الاهل و ان استحقاق ايلول هو من شمل كامل التراب الفلسطيني. و لكن الايام علمتنا ان الدمى الصغيرة على شاكلة المالكي تسقط و ترمى في حين ان التاريخ يكرم الابطال ... و اي ابطال يستحقون التكريم أفضل من المفاوضين الاربعة الذين اعادوا رسم الابتسامة على كامل التراب الفلسطيني.


لم تكن عملية الوهم المتبدد مقصورة على اختطاف جلعاد شليط, بل استمرت حتى بعد اتمام صفقة التحرير, فقد بددت في بدايتها وهم العدو الصهيوني بأنه امن و قادر على تحقيق ما يريد, و بددت وهم المترامين على منصات الامم المتحدة و الزاعمين ان المفاوضات هي السبيل الوحيد لتحقيق أهدافنا. 


و ان شاء الله ستستمر عملية الوهم المتبدد, لتكسر حصار القدس و المسجد الاقصى و تبدد وهم الصهاينة المتمثل بإعتقادهم انهم قادرون على تهويد القدس و المسجد الاقصى ... و قريباً بإذن الله سيتحرر الاقصى من سلاسل الغدر و التدنيس و سيعود حراً عزيزاً الى حضن الامة الاسلامية ... فقد طال الفراق و آن للشمل ان يلتم بإذن الله ..

الجمعة، 14 أكتوبر 2011

مهرجان الاقصى في خطر ... مثال يحتذى و ضرورة ملحة



في عام 1996, و في سعيها الى توجيه الانظار نحو الاخطار التي تحيط بالمسجد الاقصى من كل حدب و صوب, و من اجل كشف مخططات الاحتلال الصهيوني و فضح اهدافه المتمثلة في هدم المسجد الاقصى و اقامة الهيكل المزعوم على انقاضه, اقامت الحركة الاسلامية في الداخل الفلسطيني مهرجان بعنوان " الاقصى في خطر" على اراضي أم الفحم. و قد كان حامل مشعل هذا المهرجان شيخ الاقصى الشيخ رائد صلاح, حيث انه عمل بشكل دائم و متواصل على كشف مخخطات الاحتلال و الانفاق السرية التي كانت تحفر تحت المسجد الاقصى.


و اليوم شهدت ام الفحم مهرجان "الاقصى في خطر" السادس عشر, وسط احداث و متغييرات عديدة. فالمسجد الاقصى في هذه الايام يشهد هجمة سرشة من قبل اليهود المستوطنين تتزامن مع الاعياد اليهودية, مما جعل سلطات الاحتلال تفرض طوق امني مشدد على القدس مقلصة بذلك عدد المصلين الذين تمكنوا من اداء صلاة الجمعة في المسجد الاقصى على مدار الاسابيع الاربعة الاخيرة. اضافة الى اقتحامات المستوطنين للمسجد الاقصى و التهويد الذي تقوم به بلدية القدس في محيط المسجد الاقصى محاولة حصاره و فرض واقع جديد يطمس معالمه الاسلامية و يضفي صبغة يهودية على محيط الاقصى.


و ان كان هذا هو حال المسجد الاقصى, فإن حال شيخ الاقصى ليس بالافضل. فها هو يخوض معركة تحدي و صمود في بريطانيا في وجه اللوبي الصهيوني و محاولته كسر كل من يدعم القضية الفلسطينية و يدافع عن المسجد الاقصى. و لله الحمد فقد كسب الشيخ رائد اولى الجولات حيث حكمت المحكمة بعدم مشروعية ايقاف الشيخ رائد, و تبقى القضية الاهم و التي تتمثل في مشروعية  قرار ابعاد الشيخ رائد صلاح حيث ستنظر المحكمة في هذا القرار. و بسبب هذه الظروف فقد غاب الشيخ رائد صلاح عن مهرجان الاقصى في خطر بشكل قسري.


و قد اتى المهرجان كعادته قوياً مميزاً في فقراته و مشاركيه. فقد كانت الكلمات متماشية مع الاحداث الحالية و شاملة لكل ما يحدث في فلسطين و المحيط العربي و الاسلامي. و كعادتهما فقد جاءت كلمتا الشيخ عكرمة صبري و الشيخ كمال الخطيب. و في كلمته, حث الشيخ عكرمة صبري على الاقبال على برنامج مصاطب العلم في المسجد الاقصى و محاربة المخططات الصهيونية التي تهدف الى تفريغ المسجد الاقصى من طلبة المصاطب من اجل افساح المجال للمستوطنين للقيام بتدنيس المسجد الاقصى. و هذه النقطة مهمة جداً, لان ما تقوم به سلطات الاحتلال من خطوات ممنهجة ازاء طلبة المصاطب لهو دليل كبير على اهمية وجودهم و انهم يعطلون مساعي المستوطنين. كما انه اشاد بإضراب الاسرى و خوضهم معركة الامعاء الخاوية و شد من ازرهم في حربهم من أجل نيل حقوقهم الاساسية في الحياة الكريمة.


اما كلمة الشيخ كمال الخطيب فقد تميزت بشمولية رائعة, حيث ربط من خلالها تحرير فلسطين و القدس بوجود محيط عربي اسلامي حر. و ان تحرير القاهرة و دمشق و باقي المدن العربية يعتبر بداية تحرير القدس, و هذا ما حدث في عهد صلاح الدين. فقد قام صلاح الدين بتحرير كبرى المدن من  القادة العملاء و الفاسدين و من ثم قام بتحرير القدس. كما اكد الشيخ كمال الخطيب ان الامة الاسلامية في صعود و ان هذا عصر الامة الاسلامية و ان ايام اليهود اصبحت معدودة, و هم كباقي المحتلين السابقين الذين مروا على القدس, راحلون عنها قريباً ان شاء الله و ستبقى القدس و المسجد الاقصى شامخاً عزيزاً بإذن الله.


و هذا المهرجان لطالما حفز اهلنا في الداخل الفلسطيني على عمارة المسجد الاقصى و شد الرحال اليه بشكل يومي, كما انه كان عاملاً مهماً في زيادة الوعي الداخلي حول الاخطار المحدقة بالمسجد الاقصى. و من هنا يجب علينا الاستفادة من هذه التجربة و اخذها كمثال حي يحتذى به, و ما احوجنا الى مثل هذه المهرجانات في دولنا. فمن خلالها يتم توضيح الصورة بالشكل الامثل لاهلنا و كشف حقيقة ما يحدث في المسحد الاقصى و القدس الشريف من تهويد و تدنيس, كما انها ترسخ حب المسجد الاقصى و قضيته في نفوس اطفالنا, لنحصل على جيل يحمل قضية الاقصى و يضعها في اولى اولوياته.


الاقصى في خطر, لاننا تناسينا الاقصى ... الاقصى في خطر, لاننا اعمينا اعيينا عما يحدث في مسرى الرسول عليه الصلاة و السلام .. و من اجل نصرة الاقصى, يجب ان نرسخ قضية الاقصى في نفوسنا و ان نضعه دائماً نصب اعيننا ... و مهرجان الاقصى في خطر و امثاله من المهرجانات سلاح مهم يجب ان نستخدمه في محاربة الجهل المنتشر في امتنا ازاء ما يجري في القدس و المسجد الاقصى, و هي الخطوة الاولى و الاساسية في نصرة اولى القبلتين و ثالث الحرمين الشريفين.

الثلاثاء، 11 أكتوبر 2011

الاقصى يتعرض لسياسة الامعاء الخاوية



في عزله الانفرادي ... محاطاً بمجرمي الحرب و قطاع الطرق و الارهابيين .. وحيداً يواجه هجمات السجّان اليومية .. هكذا بدا المسجد الاقصى في هذه الايام. بين الم و ألم .. ألم فراق الاهل و العشاق .. و ألم تدنيس قطعان اليهود و المستوطنين له بشكل يومي. و منذ بداية ما يسمى بالاعياد اليهودية, ابتداءاً برأس السنة العبرية, مروراً بعيد الغفران, وصولاً الى عيد العرش او عيد المظلة, فرضت على الاقصى سياسة تفريغية ممنهجة تحضيراً لتحرك مدروس ...


فمنذ بداية هذه الاعياد, ضربت قيود مشددة تمنع المصلين من الوصول الى المسجد الاقصى بشكل كبير. و ما زاد الامور سوءاً اجراءات الصهاينة تجاه طلبة مساطب العلم, سواء الرجال منهم او النساء. فمنعت النساء من دخول الاقصى الا ان يضعن هوياتهن عند بوابات المسجد, و منع الرجال من هم دون سن الخمسين من دخول المسجد الاقصى من أجل حضور دروس مساطب العلم و المشاركة فيها. فأصبحت ساحات المسجد الاقصى شبه خاوية, سوى من بعض المصلين الذين اصروا ان يدافعوا عن  مسرى الرسول الكريم - عليه أفضل الصلاة و السلام - مهما كان الثمن.


و لن يجد الصهاينة أفضل من هذه الفرصة من أجل تنفيذ مخططاتهم لتهويد المسجد الاقصى و وضع قدم لهم فيه حتى يحولوا جزء منه الى كنيس. فبشكل يومي, واصلت قطعان المستوطنات تدنيس المسجد الاقصى عن طريق اقتحامه في صباح كل يوم, يندسون جماعات صغيرة اليه و يرددون فيه ترانيهم و يؤدون صلواتهم فيه. و سلطات الاحتلال تعمل على اكثر من صعيد من في سبيل تهويد القدس و المسجد الاقصى, و ليس ادل على ذلك مما تضمنه بيان مؤسسة الاقصى للوقف و التراث و الذي اصدرته صباح هذا اليوم, حيث تشير المؤسسة ان سلطات الاحتلال تواصل العمل بإقامة حديقة توراتية بين باب الساهرة و بين طريق باب الاسباط المؤدية الى المسجد الاقصى, في محاولة جديدة لخلق واقع جديد و خنق المسجد الاقصى و البلدة القديمة بسلسلة من المشاريع الصهيونية التي تهدف الى طمس المعالم و تحويل المدينة الى مدينة يهودية صرفة.


إن هذه الظروف التي عملت سلطات الاحتلال بإصرار على خلقها من خلال وضع عدد كبير من الجواجز الفاصلة و اغلاق المعابر المؤدية الى القدس جعلت المستوطنين يطمعون اكثر فأكثر في زيادة وتيرة اقتحامات المسجد الاقصى. و مع قرب عيد العرش الذي يبدأ مساء غداً الاربعاء و يمتد الى اسبوع, فإن هناك دافع اكبر لدى هذه القطعان لتنفيذ اعتداءاتهم على المسجد الاقصى. و يؤكد ذلك ما ذكره الاستاذ أحمد ياسين, الباحث في حفريات القدس, من أن هناك جماعات صهيونية و عدد من الحاخامات دعت للتوجه الى جبل الهيكل " المسجد الاقصى " للحج فيه و الطواف حول قبة الصخرة.


و تأبى الاقدار الى ان توحد الاسرى الابطال مع المسجد الاقصى .. ففي الوقت الذي يخوض فيه اسرانا اضرابهم لليوم الـ 15 في وجه السجان بما يعرف بمعركة الامعاء الخاوية ... فإن المسجد الاقصى يتعرض لحملة من التفريغ و ابعاد المصلين عن المسجد الاقصى .. حملة شرسة تهدف الى تفريغ المسجد الاقصى من المصلين المدافعين عنه .. فهاهم الاسرى و المسجد الاقصى يجابهون عدوان نفس السجان بأمعاء خاوية .. و عزيمة عالية .. تأبى الا الصمود و اعلاء كلمة الله فوق فلسطين كاملة و طرد المحتل الغاصب من ارضنا.


و ازاء هذه السياسات العدوانية من قبل قوات الاحتلال .. اصبح التحرك بشكل جدي امر مفروغ منه ... فأسرانا و مسرى رسولنا الان في خطر حقيقي  .... فأسرانا يخاطرون بأرواحهم من للوقوف بوجه السجان, و عدد منهم دخل في مراحل خطرة ... و مسرى رسولنا يتعرض للتدنيس و التهويد و تحويله الى كنيس يهودي ... لم يعد للصمت مكان .. يجب علينا التحرك لحماية أسرانا و على رأسهم المسجد الاقصى .. يجب علينا القيام بتحرك شعبي ملموس و مؤثر .. و الا فقدنا أهم ما لدينا .. اسرانا و مسرى رسولنا ينتظرون نصرتك .. فلا تبخل عليهم بها.

السبت، 8 أكتوبر 2011

في ذكرى مجزرة الاقصى .. قد نكون امام مجزرة جديدة



تمر علينا اليوم الذكرى الـ 21 لمجزرة المسجد الاقصى و التي وقعت في 8/10/1990. ففي صباح ذلك اليوم و تحديداً في الساعة العاشرة و النصف, قامت مجموعة من المستوطنين من اتباع ما يعرف بجمعية امناء جبل الهيكل و بقيادة المتطرف غرشون سلمون بإقتحام المسجد الاقصى لوضع حجر هيكلهم المزعوم فيه, و قبيل ذلك قامت قوات الاحتلال بإغلاق ابواب المسجد الاقصى بوجه المقدسيّين و الفلسطينيين و وضعت الحواجز في الطرق المؤدية الى القدس لمنع الفلسطينيين من الوصول الى المسجد الاقصى و نصرته, الا انه منذ ساعات الصباح كان قد تجمع الالاف داخل المسجد الاقصى لحمايته و الذود عنه.


و بمجرد دخول المجموعة المتطرفة لوضع حجر الاساس, تصدى لهم المصلون المتواجدون في المسجد فقامت قوات حرس الحدود بشكل مباشر بالتدخل لحماية المتطرفين و اخراجهم خارج المسجد, ثم بدأت مجزرتها في حق المتواجدين داخل المسجد الاقصى حيث اطلقت قنابل الغاز المسيلة للدموع, ثم شرعت بأطلاق الرصاص الحي, مما ادى الى استشهاد 22 مصلي و جرح اكثر من 220, اضافة الى اعتقال 270 منهم. و قد حالت قوات الاحتلال دون وصول سيارات الاسعاف و اعاقت حركتها, و لم يتمكن الفلسطينيون من اخلاء الجرحى و الشهداء الا بعد 6 ساعات من احداث المجزرة.


و تأتي هذه الذكرى في ايام يقف فيها المسجد الاقصى وحيداً ازاء حملة تصعيد و تفريغ ممنهجة تتخذها قوات الاحتلال, فهي على علم تام انه طالما ان المسلمون قادرون على الوصول الى المسجد الاقصى فإنهم مستعدون لبذل ارواحهم في سبيل حمايته و الذود عنه, و لذلك فقد وضعت سلسلة خطوات مدروسة لتفريغه من اهله و مصليه. بدأت هذه الحملة بإقامة جدار الفصل العنصري و الذي حد بشكل كبير جداً من وصول اهالي الضفة الغربية الى المسجد الاقصى و القدس, مما انقص كثيراً من رواده. و لقد تنبه اهلنا في الـ 48 لهذه الخطوة و كثفوا من تواجدهم لتعويض هذا النقص عن طريقة مسيرة البيارق و غيرها من انشطة تهدف الى اعمار المسجد الاقصى و شد الرحال اليه بشكل يومي.


و لكن و في هذه الايام, و بحجة الاعياد اليهودية, قامت سلطات الاحتلال بخنق مدينة القدس بالحواجز العديدة, مما حد من عدد مصلي المسجد الاقصى في اخر ثلاث جمع. و ان كنا لا نمتلك ارقام دقيقة حول عدد المصلين يوم الامس, الا ان الجمعة قبل الماضية شهد المسجد الاقصى اقل عدد من المصلين منذ فترة طويلة, فقد تمكن فقط 3000 مصلي من الوصول اليه و اداء صلاة الجمعة فيه. و في الوقت الذي يعاني فيه المقدسيّون و الفلسطينيون للوصول الى المسجد الاقصى و الدخول اليه, تزداد اعداد المستوطنين الذين يدنسون المسجد بشكل يومي و يدخلونه بالعشرات و المئات, و قد اصبحوا يجاهروا بترانيمهم و صلواتهم في المسجد الاقصى.


و لكنهم اصتدموا بطلبة مساطب العلم في المسجد الاقصى, الذين يتصدون لهم دائماً بالتكبير, مما جعل قوات الشرطة تعتقل عدد كبير منهم و تصدر بحقهم عقوبة " المنع عن دخول المسجد الاقصى", هذه العقوبة الاولى من نوعها في تاريخ البشرية. و من ثم اصدروا قرار يوجب الفتيات و السيدات الراغبات في حضور دروس العلم في المساطب ان يتركن هوياتهن عند بوابات المسجد الاقصى. ثم اصدروا قراراً منعوا فيه دخول الطلبة ممن هم دون الـ 50 سنة الى المسجد الاقصى لحضور هذه الدروس و الجلوس في مساطب العلم. 


نعم, هو تفريغ ممنهج مقصود يهدف الى فصل المسجد الاقصى عن اهله و تركه وحيداً يواجه هجمات المستوطنين و محاولاتهم لتدنيسه. و هذه الايام يحتفل اليهود بما يسمى بعيد الغفران. هذا العيد الغريب العجيب بطقوسه و مدلولاته. ففي هذا اليوم يحتشد اليهود في الكنس الملاصقة للمسجد الاقصى و البلدة القديمة, ينفخون بأبواقهم و ترتفع اصواتهم بالعويل و البكاء طلباً "للمغفرة", اضافة الى عدة طقوس غريبة كجلد الجسد. و في اليوم التالي, و الذي يصادف الغد, يراقبون اذا ما تم الغفران لهم عن طريق مراقبة بعد الدلالات كنزول المطر او تلبد السماء بالغيوم. فإن لم يغفر لهم, يعيثون بالارض فساداً و يدنسون المسجد الاقصى و يقترفون بحقه كل الجرائم, و تستمر هذه الافعال حتى يوم العرش الذي يليه بخمسة ايام.


و في السنوات الاخيرة سجلت جرائم كثيرة بحق المسجد الاقصى في هذا العيد, كإغلاق بوابات المسجد الاقصى على المصلين و قطع الكهرباء عنهم اضافة الى التكيل بالمقدسيّين في البلدة القديمة و اسواق القدس القديمة, و غالباً ما يرافق ذلك الاعلان عن معلم يهودي صهيوني جديد, كإفتتاح كنيس او الاعلان عن افتتاح نفق من الانفاق تحت المسجد الاقصى.


و هنا نسأل انفسنا, ماذا سيحل بالمسجد الاقصى في الغد ؟؟!! و من سيذود عنه و قد منع اهله من دخوله و شرّعت ابوابه للسياح و المستوطنين ؟! من للمسجد الاقصى يقف بوجه العابثين به ؟؟!! يا أمتي استيقظي فالاقصى اليوم اصبح امام خطر كبير جداً .. ليس فقط خطر الهدم و انما خطر التقسيم و التهويد ... نعم خطر ان يحول جزء من المسجد الاقصى الى كنيس .. فيا امتي استيقظي .. يجب ان تكون تحركاتنا استباقية و ان لا تكون ردة فعل ... منعنا في 1990 وضع ججر اساس الهيكل في المسجد الاقصى .. و اليوم بعد 21 سنة لم يتغير الحال بل زاد اصرار العدو على استهداف الاقصى .. و يجب ان يكون تحركنا اكبر و اكثر فعالية .. أحموا المسجد الاقصى  ... احموا المسجد الاقصى .. احموا المسجد الاقصى

الخميس، 6 أكتوبر 2011

لنجعلها جمعة لنصرة الاقصى و الاسرى



في الايام الاخيرة تعرضت القدس لهجمة قاسية جداً طالت الحجر و الشجر ... الارض و الانسان ... و طبعاً كان للمسجد الاقصى المبارك نصيب كبير منها. فمن تواصل اختطاف للنائب احمد عطون و استمرار عمليات الاعتقال في سلوان للشبان و الاطفال و تواصل استفزازات المستوطنين للمقدسيّين خلال ما اسموه احتفالات برأس السنة العبرية و منع لطلبة المساطب ممن هم دون الـ 50 سنة من دخول المسجد الاقصى لحضور دروس المساطب, ناهيك عن استمرار المعاناة اليومية للانسان المقدسيّ من رجال الشرطة و حرس الحدود.


و تتزامن هذه الاحداث مع استمرار اضراب اسرانا في سجون الاحتلال فيما اصبح يعرف بحرب الامعاء الخاوية و وصولهم لليوم العاشر في هذا الاضراب من اجل تحقيق حياة كريمة تصون كرامتهم و ترفع من اجحاف سلطات السجون في حقهم و تخفف من الحملة المكثفة عليهم من اجل النيل من عزيمتهم و كسر صمودهم و سلخهم عن قضيتهم الام. هذه الاساليب التي تنافي حقوق الانسان و التي تصل الى العزل الانفرادي لسنوات و حرمان الاسير من زيارة اهله و حتى وصل الامر الى تقليص الفورة " فترة الاستراحة التي يخرج خلالها الاسرى الى الساحات " لتصل الى نصف ساعة.


تأتي هذه الجمعة في الوقت الذي نحن بحاجة ماسة فيه للتحرك من أجل دعم أهم دعامتين للقضية الفلسطينية بمنظورها العربي و الاسلامي الواسع و البعيد عن التجزئة و التضييق, الا و هي نصرة المسجد الاقصى و الاسرى.


فهذه الجمعة مهمة جداً من أجل اعادة الوصل المعهود بين المسجد الاقصى و المصليّن, خصوصاً بعد نجاح سلطات الاحتلال في تقليص عدد المصلين في الجمعتين الماضيتين, حيث تمكن فقط 5 الاف مصلي من دخول المسجد الاقصى في الجمعة قبل الماضية, فيما تقلص العدد في الجمعة الماضية ليصل الى 3 الاف مصلي فقط اقاموا صلاة الجمعة في المسجد الاقصى. و هذا العدد كان جراء الطوق الامني المشدد الذي فرضته قوات الاحتلال على القدس و المسجد الاقصى في وجه المصلين من جميع مناطق فلسطين بسبب احياء اليهود لمناسبة رأس السنة اليهودية.


و لم يقتصر الامر على ذلك, فقد شهد المسجد الاقصى تحرك جديد من سلطات الاحتلال استهدف بشكل مباشر طلبة المساطب. بداية بملاحقتهم و اعتقالهم و ابعادهم عن المسجد الاقصى لفترة, مروراً بمنع النساء من اقامة حلقات العلم على مسطبة ابي بكر قرب باب المغاربة, و من ثم الاشتراط بترك الهوية عند بوابات المسجد الاقصى قبل الدخول اليه, و انتهاءاً بمنع طلبة المساطب ممن هم دون الـ 50 عاماً من دخول المسجد الاقصى من اجل حضور دروس العلم في مساطب العلم.


و لان المسجد الاقصى ملتصق بشكل دائم بمحيطه المقدسيّ, فمن المهم الاشارة في هذا المقام الى ما يتعرض له المقدسيّون من تضييق و استفزاز و اعتقال متواصل في سبيل تهجيرهم من المدينة. و مع احتفال قطعان المستوطنين برأس السنة العبرية, وصل الاستفزاز ذروته من خلال احتفالاتهم الصاخبة و شتائمهم للمسلمين و العرب و الذي رافقته حملة شرسة من الاعتقالات قادتها قوات الشرطة و كان مسرحها حي سلوان الصامد, و الذي يعتبر الهدف الاساسي الان للاستيطان حيث يسعى الاحتلال الى تحويله الى حي يهودي او كما يسمونه مدينة داوود. و هذه الحملة تستهدف الاطفال بشكل مستمر بما يخالف كل الشرائع و الاعراف و قوانين حقوق الانسان, و لكن عندما يتعلق الامر بالمقدسيّ و الفلسطيني عموماً, فهذه الامور تصبح هامشية و يتعامى عنها البشر.


و بالحديث عن المقدسيّين, فإن هذه الجمعة مهمة من أجل دعم النائب أحمد عطون الصامد في وجه اختطافه و رفضه على التوقيع على اي تعهد بمغادرة القدس او دفع اي كفالة, رافضاً الخروج من هذه الارض مهما كان الثمن. كما يجب مواصلة التضامن مع النائب طوطح و الوزير السابق عرفة و استمرار توجيه الوفود الدولية و المحلية لدعمهم في صمودهم و حثهم على مواصلة اعتصامهم في مقر الصليب الاحمر.  و دعم النائب عطون هو جزء من دعم اسرانا, و من ضمنهم المقدسيّين, في اضرابهم المستمر حيث سيكون غداً ان شاء الله اليوم الحادي عشر على هذا الاضراب. و هذه القضية مهمة ان يتم تسليط الضوء عليها بشكل مكثف, لانها حرب من أجل قهر السجان و تحقيق حياة كريمة رغماً عن انف سلطات السجون و ايجاد واقع افضل للاسرى في هذه السجون.


 غداً يوم للاقصى و الاسرى .. يتطلب منا جميعاً التحرك في جميع الاتجاهات لتحقيق هذه النصرة. فعلى صعيد نصرة المسجد الاقصى , فيجب شد الرحال الى المسجد الاقصى من أجل اقامة صلاة الجمعة و اعماره بأكبر عدد من المصلين. و هنا نهيب بأهلنا في الـ 48 و الذين عهدناهم رأس الحربة في نصرة الاقصى, ان يتوجهوا بأكبر عدد ممكن للصلاة في الاقصى. و هنا نحن نوجه رسالة مفادها ان المسجد الاقصى و كل مساجد الله هي اغلى ما نملك, و اننا على استعددا لبذل الغالي و النفيس في نصرتها. و ان هذه القدس هي أرض لنا, و لا مكان لاحتفالات اليهود و تباهيهم فيها, و تواجدنا بكثرة في صلاة الجمعة في الغد في المسجد الاقصى سيؤكد الهوية الاسلامية لهذه المدينة رغم كل مخططاتهم. 

كما ان هذه الجمعة يجب ان تكون جمعة لنصرة الاسرى و النائب احمد عطون و مساندة الاسرى في اضرابهم الذي سيصل في الغد اليوم الحادي عشر له ان شاء الله .. التظاهرات و التجمعات يجب ان تكون من أجل تحقيق هذه المساندة و تسليط الضوء بشكل دولي على هذه القضية .. فهذا اقل ما يمكن ان نقدمه لمن يقدم كل ما يملك في سبيل تحرير ارضنا  .. غداً يوم النصرة ان شاء الله .. فجعلوها نصرة للاقصى و الاسرى .. نصرة تليق بهما و تدافع عنهما .. 



الأربعاء، 5 أكتوبر 2011

قراءة في التقرير الاسبوعي " عين على القدس "



أصدرت مؤسسة القدس الدولية  تقريرها الاخباري الاسبوعي و الذي يتناول ما يحدث في القدس الشريف خلال الاسبوع الماضي, و تحديداً في الفترة ما بين الاثنين 26/9 و الاحد 2/10/2011. و يبرز التقرير ما تتعرض له القدس من تهويد و عزل و ما يتعرض له المقدسيّون من تضييق و تهجير من أجل مغادرة القدس. و بالنظر الى التقرير يتبين لنا الاتي:


يواصل الاحتلال حربه المفتوحة على المسجد الاقصى بشتى الطرق و التضييق على المصليّن. فبحجة احتفالات اليهود برأس السنة العبرية, ضربت قوات الاحتلال حصار مشدد على المسجد الاقصى يوم الجمعة و حالت دون وصول المصلين الى المسجد الاقصى لاقامة صلاة الجمعة فيه, حيث تمكن فقط ما يقارب 3000 مصلي من اداء صلاة الجمعة فيه. كما ان سلطات الاحتلال, و في تطور مخيف, صعد حملتها على طلبة المساطب, فقد منعت النساء في المسجد الاقصى من عقد جلسات طلبة المساطب عند مسطبة ابي بكر قرب باب المغاربة. كما انها فرضت على النساء اللواتي يردن الدخول الى المسجد الاقصى من طالبات المساطب ان يتركن هوياتهم عند البوابة. في المقابل, استمرت و تصاعدت انتهاكات جماعات المستوطنين للمسجد الاقصى اذ انهم واصلوا دخولهم للمسجد الاقصى في ساعات الصباح بجماعات صغيرة, اضافة الى استمرار دخول السياح باعداد كبيرة الى المسجد.


على صعيد صمود المقدسيّون و عمليات التهجير, فقد أقرّت وزارة الداخلية الصهيونية اقامت 1100 وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة جيلو, و قد وصف هذا القرار على انه افضل هدية لرأس السنة العبرية. و على اثر الانتقادات الدولية تجاه هذا القرار, صرح نتنياهو, رئيس وزراء العدو, ان جيلو ليست مستوطنة و انها جزء من الاراضي الاسرائيلية على حد تعبيره. فيما اعتبر نائب رئيس الوزراء سلفان شالوم ان البناء في القدس غير قابل للتفاوض. و في نفس سياق التهويد, كشف السيد خليل التكفنجي عن مشروع صهيوني جديد و معزز للقرار السابق يتمثل في اقامة مستوطنية كبيرة على اراضي قرية الولجة حيث ستضم 1100 وحدة استيطانية اخرى.


و من ابرز احداث هذا الاسبوع, قيام العدو الصهيوني بإختطاف النائب المقدسيّ أحمد عطون من مقر الصليب الاحمر, حيث قامت مجموعة من قوات المستعربين بإختلاق شجار اثناء مغادرة زوجة النائب للمقر و انقضت على النائب و اختطفته بعنف كاد يتسبب بحدوث ازمة قلبية له و قد نقل الى مستشفى "بكور حوليم " حيث اجريت له الفحوصات اللازمة ثم اعيد الى معتقل المسكوبية. و قد ولد هذا الاختطاف حالة غضب شديدة في صفوف المقدسيّين, و قد تظاهر عدد من المقدسيّين و المنظمات امام مقر الصليب الاحمر منددين بما حدث للنائب عطون و مطالبين بالافراج عنه و اعادته الى المقر.


و بالحديث عن معاناة الانسان المقدسيّ, فقد شهد هذا الاسبوع تضييق متواصل من قوات الاحتلال عن طريق اعتقال الاطفال و الشبان و تركزت هذه الاعتقالات في حي سلوان الذي يشهد هجمة ممنهجة من سلطات الاحتلال على شبانه و اطفاله. كما اصيب المقدسيّ حسام حمودة البالغ 31 سنة بجروح و رضوض مختلفة اثر قيام مستوطن صهيوني بدهسه في منطقة جبل المشارف في وسط مدينة القدس المحتلة. كما اوقفت سلطات الاحتلال مقدسيّة بتهمة حيازتها لمتفجرات و قد أكد الاهالي انها تعاني من اعاقة عقلية منذ زمن و لكن قوات الاحتلال ابت الا ان تعتقلها.


في ضوء هذا الواقع, يتبين لنا اننا امام تصعيد خطير و متواصل من قوات الاحتلال تجاه القدس و المقدسيّين. و ان هناك استغلال لانشغال العالم بما يسمى بإستحقاق أيلول, و يبدو ان المقدسيّين يدفعون هذه الضريبة كما جرت العادة. و لله الحمد مقابل هذا التصعيد المحموم, هناك صمود متواصل من اهلنا في القدس و عزيمتهم راسخة رسوخهم في هذه الارض ... و لكن يجب ان ننتبه ان هناك مؤامرة جديدة تحاك حول المسجد الاقصى, فمنع طلبة المساطب خطوة غير مسبوقة و يبدو انها تستبق خطوات جديدة تهدف الى تقسيم المسجد الاقصى و جعل جزء منه كنيس يهودي .. و يجب علينا اخذ الحيطة و الحذر بشد الرحال للاقصى و تسليط الضوء بشكل كبير على هذه الاجراءات .. هذا وقت التحرك, فيا أمتي انتفضي

لقراءة تقريرعين على القدس بشكل كامل: http://www.alquds-online.org/index.php?s=34&ss=items&cat=6&subcat=38&id=311  

الاثنين، 3 أكتوبر 2011

المسجد الاقصى ... أسباب التهاون و اساسيات النصرة



تكاد لا تمر ساعة من نهار, و الا و يسمع فيها الممتبع للاخبار خبر يتعلق بالقدس الشريف, بشكل مباشر او غير مباشر. و الامر ذاته يتعرض له المتابع للاخبار على المواقع الاخبارية, و مع ارتفاع وتيرة الاحداث في هذه الايام, يزداد تراكم الاخبار المتناولة للقدس و اوضاعها و كل ما يتعلق بها بشكل واضح. و حقيقة هذا الوضع ليس بالامر الجديد, فمنذ ايام الخلافة العثمانية, مروراً بالانتداب البريطاني و وصولاً الى الوضع الحالي للقدس, اسيرة حزينة بين ايدي السلطات الصهيونية, حافظت القدس على مرتبة متقدمة فيما يتعلق بتأثير احداثها على ما حولها.


و نقطة القدسية الاولى لهذه المدينة تتمثل في المسجد الاقصى المبارك, و الذي هو ذاته النقطة الاكثر التهاباً و المسرح الاساسي للاحدث, من صمود و نضال للمقدسيّين و اهلنا في فلسطين و محاولات التهويد و هدم الاقصى المستمرة من سلطات الاحتلال. و مع كل هذا الكم من الاخبار والاحداث من القدس و الاقصى, نجد ان رد الفعل المساند من قبل امتنا الاسلامية و العربية يقارب الصفر. و نتسآل, ما سبب هذا الجمود تجاه قضية الاقصى و القدس؟!! أهو جهل بقيمتهما, ام عجز عن نصرتهما ؟!


اما في ما يخص قيمة المسجد الاقصى و القدس, فلو اتيح المجال لاي منا للحديث عن مكانة الاقصى في ديننا الحنيف, لنظم الخطب العصماء و اطلق لسجيته العنان متحدثاً عن ذكرها في القرآن, و ربط المسجد الاقصى بالمسجد الحرام في حادثة الاسراء و المعراج. و العدد المذهل للصحابة الذين روّوا بدمائهم تراب القدس و فلسطين, و كيف ان العلماء اتخذوا من المسجد الاقصى منطلقاً لنشر علومهم و ابداعاتهم. فعن أي جهل نتحدث, و كيف ينعكس هذا الجهل على تفاعل الامة مع احداث الاقصى و القدس اليومية ؟!


مما لا شك فيه اننا نعلم قيمة القدس و الاقصى, و لكنها معرفة جوفاء .. ترديد لحروف بلسان لا يعكس صدق ما في النفس و القلب. فكيف بنا نقول اننا ندرك ان المسجد الاقصى هو قبلة المسلمين الاولى و ثالث الحرمين الشريفين و اليه اسري بحبيبنا المصطفى - عليه الصلاة و السلام - و منه عرج به الى السماء, ثم ننظر اليه يستباح و لا نحرك ساكناً؟؟؟. نرى بيت الله يتحول الى كنيس امامنا كل يوم و لا نتحرك غيرة على محارم الله؟؟ كيف نرى أهل القدس و فلسطين يمنعون من اداء الصلاة فيه و اعماره و نقف مكتوفي الايدي؟؟ كيف نقول اننا ندرك قيمة القدس المباركة ببركة المسجد الاقصى و التي اوصى نبي الله سليمان ان يدفن جسده فيها ثم نهجرها و نتركها للمستوطنين يغيرون معالمها ؟!


من الواضح ان افعالنا لا تعكس اقوالنا, و لسان حالنا يكذب مقالنا .. فلا و الله ما عرفنا قيمة القدس و لا قدرنا المسجد الاقصى حق قدره, الا من رحم الله. و هذا الحال يجعلنا نسمع رسالات التهاون المتتالية ازاء من يدعو الى نصرة المسجد الاقصى, فيقول, ماذا يمكننا ان نفعل ؟ ليس لنا سوى الدعاء لهم و الله ينصرهم, و يذهب قائلها تاركاً القدس تتلقى بجسدها النحيل اقسى انواع العذاب و التنكيل مدافعة عن قبلة المسلمين الاولى. إن السبب الاساسي في ضعف نصرتنا للاقصى و القدس يكمن في عدم علمنا بقيمة القدس و المسجد الاقصى و لم نقدره حق قدره. فحديثنا عنه خالي من الانتماء الحقيقي اليه و لا يتعدى كلمات نرددها او لحظات حزن و تأثر لا تتجاوز الثواني. فقد عرفنا حقيقة الحب و صدق الانتماء, و ليس حالنا مع المسجد الاقصى هذا الحال. فكيف السبيل الى وصل المسجد الاقصى من جديد و نصرته من كيد سلطات الاحتلال و المستوطنين؟


لعل اول ما يجب القيام به من اجل نصرة المسجد الاقصى أن نعيش المسجد الاقصى و ما يحدث به و ما يجري في القدس في يومنا. فإن ما يجعل كلماتنا حول الاقصى جوفاء انفصالنا عنه و عدم ارتباطنا به بشكل دائم و وثيق. و ان نعيش المسجد الاقصى اي ان يكون جزء من يومنا مخصص تماماً للمسجد الاقصى و القدس. و هذا الجزء يضم الاتي, اولاً ان نقرأ عن المسجد الاقصى و ان نتعرف عليه بشكل اكبر, فكيف نريد الدفاع عن شيء نحن نجهله و لا نعرفه حق المعرفة. ان نعرف المسجد الاقصى, تاريخاَ و حاضراً .. ان نعرف حاله في ايام الشدة و ايام الرخاء, ان نقراً عن من عرفوا قدره و نصروه حق النصرة, ان نقرأ ما كتب حوله من قبل العلماء, الشعراء و رواة التاريخ. و التعرف على المسجد الاقصى كالدخول الى بستان مليء بالازهار و الاشجار الغنّاء, كلما شممت زهرة ازدت فرحاً و كلما اقترتب من شجرة كلما اردت البقاء اكثر في هذا البستان. و كيف يصدق الحب مع الجهل بحال المحبوب ؟؟!


و هنا يقع على مشايخنا و علماء امتنا واجب كبير, عمل الكثير منهم على تحقيقه, و لكن العمل ما زال مطلوب في هذا المجال. للاسف نجد انفصال كبير بين مساجدنا و بين المسجد الاقصى, فلا الدروس اليومية و لا خطب الجمعة تتناول مواضيع المسجد الاقصى و القدس بالشكل اللازم و لا حتى تحقق اقل القليل. خطبة الجمعة رسالة اسلامية توجه للمسلمين في تجمعهم الاسبوعي الذي خصصه الله سبحانه و تعالى لهم, و الحديث عن المسجد الاقصى و عن وجوب نصرته في خطب الجمعة من اولى ما يمكن الحديث عنه. كيف لا و نحن نتحدث عن ارض مباركة تضم قبلة المسلمين الاولى و مسرى رسولنا الكريم عليه الصلاة و السلام تغتصب و يعربد فيها انجاس الناس دون ان نحرك ساكناً.


و في نصرة المسجد الاقصى يجب ان يكون الدافع الداخلي, و الارتباط بالاقصى و معرفة حقه علينا, بتحقق ما ذكرناه سابقاً, المحرك الاساسي. فالارتكان على الاخرين و الانتظار من دولنا, التي تقع القدس في هامش اولوياتها, ان تتحرك شيء مرفوض تماماً. بل على كل فرد منا ان يجد الطريقة المناسبة له و التي من خلالها يمكنه نصرة المسجد الاقصى و القدس و المقدسيّين. و ان ينبع هذا العمل من عشقنا للقدس و المسجد الاقصى و ان نبذل الغالي و الرخيص في نصرته.


إن اعداءنا يبذلون الغالي و النفيس من أجل وهم يعلمون انه من محض افترائهم و مع ذلك فهم يسعون لتحقيق هدفهم. فبمعزل عن الحكومة الاسرائيلية, هناك 26 منظمة ارهابية تعمل ليل نهار من اجل اقامة الهيكل المزعوم, و هناك 4 مؤسسات كبيرة اقامها افراد من الصهاينة بدافع شخصي سعت ليل نهار من اجل الاستيطان في القدس و تهويدها حتى انها سبقت سلطات الاحتلال في هذا المجال .. أوليس نحن أولى بنصرة مسجدنا و أهلنا و قدسنا و نحن على حق و نصرتنا له جهاد ؟! .. لم يعد الوقوف و اللامبالاة مقبولة تجاه ما يحدث في المسجد الاقصى .. و يجب على كل منا ان يعمل بما يستطيع على نصرة المسجد الاقصى و حفظ القدس من التهويد .. فهذا واجب الحبيب على حبيبه .. و واجب الارض على أهلها .. و هذا ما يحث عليه ديننا الحنيف ... فنصرتنا لمسرى نبينا اتباع لهديه عليه افضل الصلاة و السلام و بدرجة أولى جهاد في سبيل الله.